في دلالات تماهي مصر وبعض العرب مع إسرائيل في الهجوم على حماس وقطر وتركيا

حجم الخط
2

بعد هجوم النظام المصري على قطر وتركيا بدعوى تحريض «حماس» على رفض «المبادرة المصرية»، دخلت «إسرائيل» على خط الهجوم المباشر على هاتين الدولتين، وهو تطور يعبر من جهة عن أزمة الاحتلال والدول التي تسنده بشكل مباشر وغير مباشر، ومن جهة أخرى عن مستوى التماهي والتنسيق في التحالف الجديد المناهض للإسلاميين، بل ربما للشعوب ولفكرة الاستقلال والتحرر والديمقراطية، والذي كشف العدوان على غزة مؤخرا مركزية «إسرائيل» فيه. فعندما يقول مؤيدو المقاومة بأن «المبادرة المصرية» فصلت على مقاس «إسرائيل» فإن هجوم الأخيرة على من أتهموا بإفشالها يعزز هذا الطرح، ويؤكد أن الاحتلال متضرر من إفلات «حماس» من الوقوع في «الفخ المصري»، ويبرهن على ان ما جرى مجرد «طوق نجاة» لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أنه يغوص في الوحل الغزي.
وبذات المقاربة نفهم تماهي الهجوم الإسرائيلي بقيادة وزير خارجية الاحتلال أفيغدور ليبرمان على قناة «الجزيرة» الفضائية، واستهداف طاقمها بغزة، مع الحرب الكلامية الشرسة على القناة من قبل النظام المصري، بل وكثير من الأنظمة العربية. وهنا ربما تتطابق الروايات إلى حد بعيد، فمصطلح «سموم الجزيرة» و»دعم الإرهاب» الذي يحتفل به ممالئو بعض الأنظمة العربية، يردده ليبرمان عندما يقول بأن الجزيرة «تبث تحريضا مناهضا لإسرائيل وأكاذيب وهي تهيج وتشجع الإرهابيين».
ويجد بعض الإعلاميين المصريين مثلا، بأنهم اكتشفوا كنزا في نوبات التحريض «غير المهنية» عندما يقولون بأن قطر وتركيا تدعمان حماس – وهو الأمر الذي لا تنفيه الدولتان – ليعبروا بذلك عن دعمهم لإسرائيل بالمقابل أو الحياد، وهو جريمة لا تقل بشاعة عندما تكون المعركة بين جيش محتل مدجج بالأسلحة، وشعب يذبح على مرأى من العالم، فببساطة لا توجد خيارات إلا أن تكون مع القاتل أو المقتول أو من المتفرجين.
الأنكى بحق هؤلاء ومن يقف خلفهم أن يردد القادة الإسرائيليون والإعلام العبري ذات الأقاويل، يقول ليبرمان مهاجما قطر: «لقد أصبحت قطر مشكلة عالمية، فهي تشكل العمود الفقري الاقتصادي لمجموعات الإرهاب الأكثر تطرفا، وهي تمول ضمن آخرين حماس، وتقدم ملجأ لخالد مشعل»، ذات الخطاب الذي تزدحم به الفضائيات والصحف الصفراء المصرية وغيرها.
وفي المعركة الكلامية غالبا ما يتم استدعاء أمريكا، التي يقول بعض الإعلاميين العرب بأنها تستمع لرأي تركيا وقطر، وهي بذلك وفقا لرأيهم «تدعم من حيث لا تدري الإرهاب المرتبط بالدولتين»، ولا يختلف هذا مثلا عما يقوله الكاتب رؤوبين باركو في مقال نشرته «إسرائيل اليوم» الاثنين 21/7، إذ يشير إلى أن الأمريكيين سذج ومغفــــلون ولم يتعلــــموا من تجربتهم الماضية فـــي الشرق الأوســــط، لأنهم يؤيدون مساعي قطر وتركــــيا في الوساطة من أجل «حل الصراع بين إسرائيل وحماس»، مع أنهما «اللذان يدعمان حماس ويقـــويانها».
وتذهب «معاريف» الثلاثاء في التحريض إلى أبعد من ذلك، إذ يقول ايلي أفيدار «اذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تسترجع مكانتها في المنطقة، فان الخطوة الأولى يجب أن تكون حل المشكلة القطرية. لقد حان الوقت لوضع عقود النفط والغاز جانبا ..القنبلة القطرية يجب تفكيكها الآن». عمليا، فالمشهد يغدو أكثر وضوحا كلما مر الوقت، ويبدو أن فرص الاختباء باتت أكثر صعوبة، ولعله من المضحك المبكي أن هذا التماهي بين بعض العرب من المسؤولين والنخب الموالية لهم والاحتلال، لا يسيء للفريق الأول فحسب، بل يضعهم في مربع أعداء الأمة والمتآمرين عليها، وهنا فمن المهم أن يتذكر هؤلاء بأن الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية وعمليات المقاومة وإنجازاتها، وفي المقابل ما تعرضت له القضية الفلسطينية من طعنات في الظهر وخذلان، كانت سببا ملهما في تحريك الربيع العربي الذي، على الأرجح، لم يكتمل بعد.

٭ كاتب أردني

ناصر لافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Adel:

    وضعت النقاط على الحروف

  2. يقول غادة الشاويش:

    مقالة جيدة ومعبرة استاذ لافي شكرا لقلمك

اشترك في قائمتنا البريدية