في مشاريع الاقتصاد والبزنس لا يمكن لخطابات الردح والرقص والزغاريد أن تكون بديلاً عن لغة الأرقام، لأن الرياضيات والحساب ليست قيماً نسبية يمكن أن تختلف بشأنها الآراء، وإنما هي حقائق يستطيع الكبير والصغير أن يفهمها إذا تعلم قواعدها، وهذا ينطبق على مشروع توسعة قناة السويس، الذي أنجزته مصر خلال عام واحد فقط بتكلفة تجاوزت 8 مليارات دولار.
بعيداً عن السياسة وأهداف الرئيس السيسي، والإنجاز الذي يرغب بتسجيله لنفسه على غرار السد العالي، الذي تم تجييره لحساب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فإن مشروع توسعة قناة السويس، أو «قناة السويس الجديدة»، يستدعي التوقف والمناقشة والتحليل، من أجل التوصل إلى جواب على سؤال كبير مفاده: هل وضع المصريون أموالهم فعلاً في المكان الصحيح؟ أم أنه مشروع سياسي بحت لا علاقة له بالاقتصاد أو الاستثمار؟
تشير البيانات الرسمية للحكومة المصرية إلى أن حركة عبور السفن من خلال قناة السويس تراجعت بنسبة 20٪ منذ الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي ضربت العالم في أواخر عام 2008، على أن التراجع لا يزال مستمراً حتى الآن، فضلاً عن أن القناة لم تكن أصلاً تعمل بطاقتها القصوى قبل ذلك، وهو ما يعني أن القناة الأصلية قبل التوسعة تعمل منذ ست سنوات بأقل من طاقتها القصوى بنسبة تتراوح بين 20٪ و30٪، في أفضل الأحوال.
لكن المعلومة الأهم التي أوردتها وكالة «بلومبرغ» الأمريكية المتخصصة بالاقتصاد، هي أن نسبة النمو في حركة السفن عبر قناة السويس خلال السنوات العشر الماضية بلغت 2٪ فقط، وهو ما يعني أنه إذا استمرت هذه النسبة على حالها، فان تعويض التراجع البالغ 20٪ في حركة السفن يحتاج إلى مئة سنة من الآن، أي أن التوسعة التي نفذها السيسي على القناة قد يحتاجها العالم بعد مئة عام من الآن، وحينها تبدأ جدواها الاقتصادية، وتبدأ ايرادات المشروع الجديد!
وفي حال بدأ المشروع الجديد بضخ الايرادات بعد 100 سنة من الان، فهذا معناه أن الاقتصاد المصري أضاع على نفسه «الفرصة البديلة»، التي تتمثل في إمكانية استثمار المليارات الثمانية في مشروع آخر مدر للأرباح لمدة 100 عام، أي أن «تكلفة الفرصة البديلة» ستكون حينها بنحو 40 مليار دولار، هذا على افتراض أن متوسط أرباح المشروع الناجح هو 5٪ سنوياً من رأس ماله المدفوع، وهو ما يعني أن المليارات الثمانية تدر أرباحاً صافية في 100 عام تتجاوز 40 مليار دولار.
ثمة عدد من الأرقام والبيانات الاقتصادية الأخرى، تدفع إلى الاعتقاد بعدم الحاجة لتوسعة قناة السويس حتى بعد 100 سنة من الآن، فالتراجع بنسبة 20٪ في حركة السفن، جاء في الوقت الذي كان صندوق النقد الدولي يتوقع فيه نمواً اقتصادياً في العالم بنسبة 7٪ خلال السنوات العشر من 2007 حتى 2016، أما في السنوات العشر التي تلي العام 2016 فإن الصندوق يتوقع نمواً بنسبة 3.4٪ فقط، أي أن حركة الشحن العالمي والتبادل التجاري بين المشرق والمغرب مرشحة لمزيد من الهبوط، وليس الارتفاع.
ثمة عامل آخر بالغ الأهمية يدفع إلى الاعتقاد بعدم جدوى المشروع الجديد في قناة السويس، وهو التغيرات الاستراتيجية التي تشهدها أسواق النفط العالمية، فالولايات المتحدة كانت تستورد من السعودية يومياً 1.6 مليون برميل نفط، فضلاً عن كميات أخرى من النفط الخليجي التي تسافر إلى أوروبا يومياً وتمر من قناة السويس، إلا أن هذا الواقع آخذ بالتغير، حيث يتراجع الطلب الأمريكي على النفط القادم من الخارج، بسبب ارتفاع الانتاج في الولايات المتحدة، وبسبب طفرة النفط الصخري، في الوقت الذي بات فيه النفط السعودي يتجه شرقاً نحو الصين واليابان وكوريا الجنوبية بدلاً من الولايات المتحدة، وهذه تغيرات تدفع كلها إلى الاعتقاد بأن حركة مرور السفن عبر قناة السويس سوف تنخفض وليست مرشحة للارتفاع خلال العقود الماضية.
في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2014 تفوقت الصين -لأول مرة في تاريخ البشرية- على الولايات المتحدة في وارداتها من النفط، في ذلك الشهر استوردت بكين أكثر من 6 ملايين برميل يومياً من الخارج، بينما تراجعت واردات النفط الأمريكي لصالح الانتاج المحلي، وهو ما يعني في النهاية أن طريق النفط الخليجي سوف يتغير خلال السنوات المقبلة، ويتجه شرقاً بدلاً من الغرب.
بهذه الأرقام والبيانات، وبحسابات الربح والخسارة، تصبح الجدوى الاقتصادية لقناة السويس شبه معدومة، وتصبح الايرادات المالية من التوسعة الجديدة شبه مستحيلة خلال السنوات القليلة المقبلة، ويظل المكسب الوحيد الذي يمكن تسجيله لهذه التوسعة الجديدة هو أن الرئيس السيسي استطاع أن يسجل لنفسه انجازاً، وهو الإنجاز الذي أخرج من أجله الرجال والنساء ليرقصوا في الشوارع فرحاً.. دفعوا ثمانية مليارات دولار ليفرحوا.
٭ كاتب فلسطيني
محمد عايش
انا اوافق رأي الكاتب ان توسعه قناه السويس ليس لها جدوى اقتصاديه وخاصه في ظل الظروف الاقتصاديه الصعبه التي تمر بها مصر ، فبدل من معالجة الفقر والبطاله في مصر يرهق كاهل الدوله بانفاق المليارات من أجل ان يسجل مكسب سياسي في عهده …
توسعه القناه عباره عن ( فنكوش) !!! على رأي اخواننا المصريين .. هي فقط محاوله من السيسي لكسب شعبيه وتغطيه على فشله السياسي .. وهي كما قال المحللين الاقتصاديين ان لا جدوى اقتصاديه لها في الوقت الحالي ولا حتى بعد سنوات فالاولى من انفاق المليارات ايجاد فرص عمل للشباب وعمل مشاريع تخدم المواطن المصري …
توسعة قناة السويس بالتفريعة شيئ , وإقامة مشروعات إقتصادية علي جانبي القناة وخاصة في سيناء , من مدينة بورسعيد في الشمال حتي أقصي جنوب في ميناء الطور , شيئ آخر . المشروع قديم لا علاقة لة بالنظام الحالي , الذى قام فقط بتنفيذ التفريعة , حتي يبرر وضع يدة علي الأراضي ومشروعات المحور الصناعي المأمول , مثلما فعل الجيش من قبل , ووضع يدة علي سواحل البحر الأحمر والساحل الشمالي للبحر الأبيض , ووزعة اللواءات فيما بينهم كأنها غنائم حرب .
يمكن لمصر ان تستغل هذه القناة في الكثير من النشاطات وخاصة السياحية منها بالاضافة الى عملها الاصلي المهم هي مكسب لمصر