كوريا الشمالية والعالم: من الذي لا يفهم منطق القوّة؟

حجم الخط
22

لم تغيّر التهديدات الأمريكية الصريحة بمواجهة كوريا الشمالية، والعقوبات الأممية الكبيرة ضد نظامها، أسلوب زعيمها كيم جونغ أون الذي أطلقت قوّاته، من جديد، صاروخاً باليستيا حلّق 14 دقيقة لمسافة 2700 كم وعبر سماء اليابان ليسقط في المحيط الهادئ، وهذا يعني أن بيونغيانغ لم تقتنع بامتداح وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون لها على «ضبط النفس» الذي مارسته وتفضيل بلاده «الحل الدبلوماسي» على العسكري، واعتبار ترامب أن زعيمها «بدأ يحترم القيادة الأمريكية»!
أخفّ ردود الفعل على الخطوة جاء طبعاً من الصين، أقرب الدول جغرافيا (وسياسيا) إلى كوريا الشمالية، حيث دعت جميع «الأطراف إلى ضبط النفس»، وكان موقفا كوريا الجنوبية واليابان، الطرفان المهددان مباشرة من تصعيد بيونغيانغ، واضحاً في الفزع والتحضّر لمواجهة احتمالات الكارثة (أحد جنرالات كوريا الجنوبية قال إن قوات بلاده الجوية «ستبيد» قيادة كوريا الشمالية)، أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقالت على لسان رئيسها دونالد ترامب إن كل الخيارات مطروحة، وجاءت التصريحات الأوروبية متقاربة طبعا مع الأمريكية.
أحد المحللين اليابانيين اعتبر أن كوريا الشمالية «تعتقد أنها باستعراض قدراتها ستفتح سبيلا للحوار لكن منطقها غير مفهوم لبقية العالم»، وهو كلام ينطبق على بيونغيانغ فحسب، لأنها دولة شبه محاصرة، واقتصادها ضعيف، وليس هناك بين الدول العظمى، بما فيها الصين، من يستطيع الاستمرار في الدفاع عن تحدّيها لأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالي فإن اشتغالها على سياسة «حافّة الهاوية» لا يفعل غير أن يقرّبها فعلاً إلى تلك الهاوية ويقلّل من خياراتها ويجمع العالم ضدها.
لنقارن، على سبيل المثال، بين كوريا الشمالية وروسيا، التي هي دولة عظمى، تمتلك حق الفيتو، ولديها أيضاً ترسانات جوّية وبحرية وبرية نووية، والتي قامت، من بين أفعال أخرى كثيرة، باحتلال شبه جزيرة القرم والتدخل العسكري في شرق أوكرانيا، واحتلال أجزاء من جورجيا واقتطاع وتأسيس دولتي أبخازيا وأوسيتيا، ودمّرت جمهورية الشيشان وسحقت استقلالها ونصّبت رئيساً يتفاخر بتبعيته المباشرة لزعيمها فلاديمير بوتين، وشاركت في الدمار الهائل الذي تعرّضت له سوريا، وآخر أخبارها أنها تجهّز الآن لمناورات كبيرة في بيلاروسيا تحاكي احتلال بولندا وبلدان أخرى.
ترامب، المطوّق باتهامات بدعم الإدارة الروسية لعملية انتخابه، والذي هدّد كوريا الشمالية بـ»النار والغضب» سابقاً، وبـ«الخيارات المفتوحة» أمس رفض أول أمس الاثنين اعتبار أن روسيا تمثل تهديدا أمنيا للغرب، وقال إن لديه أملا بوجود «علاقات طيبة» معها، وهذا مثال فصيح على أن «العالم» يفهم «منطق» القوّة، حين لا يستطيع أن يتغلّب على تلك القوّة، أو حين تكون له مصالح مشتركة معها.
الأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، المحميّة بجماعات الضغط المالية والسياسية الهائلة داخل أمريكا وأوروبا (وروسيا)، وهو ما يمكنها من احتقار القرارات الأممية، وتكريس الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري وشن الحروب المتتالية وفرض أجنداتها على عواصم العالم.
كذلك ينطبق الأمر على أكثر طغاة العرب وحشيّة، كبشار الأسد، الذي يقوم «العالم» حاليّاً «بتفهم» ضرورات بقائه لأنه، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، «عدوّ لشعبه» فحسب، وليس عدو فرنسا، وما دام الضحايا إذن سوريّون فلماذا على العالم أن يعادي الطاغية؟
المعادلة إذن أن تقتصر وحشية الطاغية وشرّه على شعبه، أو أن يكون يملك «فيتو» في مجلس الأمن وترسانة نووية تحميه، أو أن تكون لوبيات المال والسياسة في صفّه، وإلا فإن مصيره سيكون موضع مناقصة بين القوى العظمى، كما هو حال جونغ كيم أون.

كوريا الشمالية والعالم: من الذي لا يفهم منطق القوّة؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Passer-by:

    يخطيء من يعتقد أن زعيم كوريا الشمالية يتصرف بمفرده. لا أشك للحظة أن جارتيه الكبيرتين روسيا والصين تسولان له للقيام باستفزاز أمريكا بتخويف أنصارها في الجوار (كوريا الجنوبية واليابان) والأسباب معروفة طبعاً أهمها ابتزاز أمريكا وكسر هيمنتها في بحر الصين الجنوبي وتمريغ أنف الأمريكان بالوحل للمقايضة في أماكن أخرى من هذا العالم الذي أصبح بالغ السوء والهمجية.

    1. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

      احسنت ولكن السباب الحقيقي الجنيع مشترك في المسرحية اميركا كوريا الشمالية الصين وروسيا اقراء عن الحكومة الخفية تعلم ما ينتظر العالم اجمع لقد وصف الثعلب العجوز الموسوصهيونية كسينجر كل ما يجري في مقابلة له في عام 2005 لغاية الان جميع ما تكلم به حصل

  2. يقول الكروي داود:

    أعتقد بأن ترامب سيأمر بضرب مواقع الصواريخ الكورية الشمالية لاسيما النووية منها كرسالة أولى كما ضرب قاعدة الشعيرات بسوريا !
    وبالتالي سيهدد بضربات نووية على كوريا الشمالية و لتخويف الصين وروسيا معاً من وقوفهما مع مجنون كوريا الشمالية
    تذكروا بأن هناك العديد من منظومة صواريخ أمريكية مضادة للصواريخ منصوبة بكوريا الجنوبية واليابان
    المهم هو : كم ستدفع اليابان وكوريا الجنوبية من الدولارات مقابل هذه الضربات لترامب ؟
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم .رأي القدس اليوم عنوانه (كوريا الشمالية والعالم: من الذي لا يفهم منطق القوّة؟)
    العالم اصبح غابة تصول وتجول فيها عصابة من الضواري الكاسرة عبر الكرة الأرضية ، دون رادع من خلق او ضمير. وكل من يتمرد على عصابة الضواري اعلاه فمصيره السحق والتدمير ؛وهذا ما ينتظر كوريا الشمالية ان استمرّت في في نهجها المشاكس.فاحد جنرالات كوريا الجنوبية المدفوع من امريكا هدد بابادة قيادة كوريا الشمالية. وامريكا والغرب خياراتهم مفتوحة
    ويا ليت ذلك ينطبق على كل المشاكسين الذين يدوسون على كل ما لا يعجبهم من قرارات الامم المتحدة بحماية قائد عصابة الضواري( امريكا).
    وهذا {الأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، المحميّة بجماعات الضغط المالية والسياسية الهائلة داخل أمريكا وأوروبا (وروسيا)، وهو ما يمكنها من احتقار القرارات الأممية، وتكريس الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري وشن الحروب المتتالية وفرض أجنداتها على عواصم العالم.}
    ومعايير الامم المتحدة العوراء هذه تتيح لبشار الاسد ان يتفنن في قتل وتشريد وتهديم عمران الشعب السوري كما برر الرئيس الفرنسي ماكرون بان الاسد(«عدوّ لشعبه» فحسب، وليس عدو فرنسا، وما دام الضحايا إذن سوريّون فلماذا على العالم أن يعادي الطاغية؟)ولكن ( أن تقتصر وحشية الطاغية وشرّه على شعبه، أو أن يكون يملك «فيتو» في مجلس الأمن وترسانة نووية تحميه، أو أن تكون لوبيات المال والسياسة في صفّه، وإلا فإن مصيره سيكون موضع مناقصة بين القوى العظمى، كما هو حال جونغ كيم أون.) والرئيس الكوري الشمالي الارعن يسعى لحتفه بظلفه،ولا احد يتكهن بما يلحقه من دمار عبرالعالم بترسانته النووية قبل ان تلتهمه الضواري الكاسرة

  4. يقول فوزي حساينية -ولاية قالمة - الجزائر-:

    الكثير من العرب وبعد أن تعودوا لسنوات طويلة على العدوان الأمريكي عليهم وتنمره ووقاحته في حقهم، بات من الصعب عليهم أن يصدقوا أنه يمكن أن توجد دولة مثل كوريا الشمالية تتحدى الإله الأمريكي وتهدد بضربه وتأديبه إن تجاوز حدود المعقول! أمريكا رغم كل ما يظهر عليها من قوة وجبروت لا تستطيع أن تتنمر إلا على أضعف الضعفاء، قرأت مرة لمسؤول أمريكي سابق إستغرابه لخضوع العرب لكل ما تطلبه الولايات المتحدة ولو كان ضد مصالحهم، وقال: ” أن العرب لو قرروا أن يكون لهم موقف موحد حقيقة فإن الولايات المتحدة لا يمكنها أنة تفعل شيئا سوى الرضوخ” ، من الصعب أن تعلن الولايات المتحدة الحرب على كوريا الشمالية للأسباب التي يعرفها الجميع، خاصة الوضع الجيو ستراتيجي للصراع، وبسبب عدم وجود إختراق مخابراتي لكوريا الشمالية فالعملاء والخونة لا مكان لهم في في بلد الرجال الشرفاء الذي هو كوريا الشمالية، لكن يبقى إحتمال قيام الحرب قائما، فقد تقرر أمريكا وحلفاؤها وعملاؤها أن الحرب ضد كوريا الشمالية ضرورة لإعادة ترتيب موازين القوى في العالم كفرصة أخيرة، في هذه الحالة، ستكون الحرب ضد كوريا الشمالية آخر حرب تخوضها أمريكا كدولة فيدرالية، أي كدولة واحدة، لأنه بعد حرب كهذه لن تكون هناك دولة إسمها الولايات المتحدة، بل دولة إتحادية بصدد التفكك……وفي الأخير نستغرب برودة الكثير من العرب تجاه هذا التحدي التاريخي والمجيد ، وهذا التصدي المثير والمشروع للطغيان الأمريكي وجبروته الذي تعود على بث الدمار وزرع الخراب والموت ، وصب النار والحديد على رؤوس الشعوب والأمم ظلما وعدوانا،هل هو التضامن مع الولايات المتحدة ضد الكوريين الشماليين ؟ هل هي الدهشة العربية من الكفر الذي أعلنته كوريا الشمالية بألوهية الجبار الأمريكي ، ونبوة الرئيس دونالد ترامب ؟ هل هي الغيرة على كرامة وسمعة السيد الأمريكي الذي سامنا العذاب والهوان ألوانا وفنونا ؟ وفي جميع الأحوال فزعيم كوريا الشمالية ليس مجنونا كما تروج الدعاية الغربية ضده، بل هو الرجل الذي أتت به العناية الإلهية ليعلن للعالم قرب وفاة الوحش الأمريكي، ونهاية الهيمنة الغربية نهائيا على شؤون العالم….تحيا كوريا الشمالية حكومة وشعبا، المجد لعلمائها ومهندسيها، والعزة والكرامة لزعيمها وقائدها حفظه الله ، في إنتظار أن يأتي يوم نقول فيه كعرب للولايات المتحدة، تبا لكِ، صواريخنا ستطالك إن فكرت في حربنا.

    1. يقول جواد ظريف:

      والله افرحتني بتعليقك هذا شكرا لك فوزي حساينية انت محق فالعبيد مع الوقت يحبون جلادهم.

  5. يقول سليمان يعقوب من فلسطين:

    يا ليت لنا مثل ما أوتي الكوريين من زعيم ، انهم لذي حظ عظيم ، يقولون انه مجنون ، هذا قول الاذلاء الذي لا يملكون مثله كالثعلب اذ قال للعنب انك حامض لما لم يستطع الوصول اليه

  6. يقول محمد السوري:

    الدكتاتور المجنون الخائن في سوريا لايملك من القوة أكثر من جناحي ذبابة ولولا العم الروسي والمجوسي العلني والدعم الأمريكي والغربي وعملائهم من الطواغيت الخونة العرب لهذا النظام المجرم لم سحقه وإلحاق الهزيمة به في أشهر قليلة. كلنا يعرف أن الملالي استغلوا فرصة التدخل في سوريا لتنفيذ مشروع الهلال الشيعي وليس حبا بالنظام أما الغرب وأمريكا فلن يتخلوا عن حامي حدود الصهاينة الشمالية والأقليات كما يدعي اما كاذبة أصدقاء الشعب السوري اللذي أطلقها الغرب وأمريكا فكانت منذ البداية لتفتيت المعارضة لصالح النظام العلوي المجرم كوريا الشمالية تدافع عن نفسها ضد الهيمنة الغربية ولهذا يحترمه العالم المعادي للهيمنة الأمريكية اما نظام المجرم العلوي فهو جبان محتقر من كل شرفاء وإحراق العالم

  7. يقول ماء مبلول:

    عبور هذا الصاروخ الذي عبر الأجواء اليابانية هو فضحية بحد ذاته للصواريخ الأمريكية المضادة للصواريخ .

  8. يقول ابن الجاحظ:

    زعماء أمريكا و اليابان و كوريا الجنوبية لا يستطعون فعل أى شىء لان لديهم رائ عام لا يقبل الحرب……

  9. يقول السودان:

    لك جزيل الشكر ، يكفي ما قاله فوزي حساينية

  10. يقول متابع:

    أحسنت يا فوزي حساينية، إذا ما قامت الحرب وأنا أتمنى ذلك وكان ما كان لها وإنتهت بدمار أمريكا سيهرب جميع الحكام العرب إلى المنافي وسيخرج الصهاينة من فلسطين هربا في الطائرات والبواخر ولن يجرئوا على إستخدام القنابل النووية التي يملكونها لأنهم أجبن من أمريكا نفسها.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية