مساع محلية ودولية لإيقاف المواجهة بين بغداد واربيل

بغداد «القدس العربي»: مر العراق بأسبوع حافل بالأحداث والتطورات المتسارعة في مجال علاقات العراق مع دول الجوار، وسط تداعيات قرار بغداد فرض سيطرتها على المناطق المتنازع عليها، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات مسلحة دفعت مجلس الأمن الدولي ودول العالم، إلى دعوة بغداد واربيل لوقف التصعيد وبدء الحوار، فقد قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بجولة سريعة شملت دول الجوار (السعودية والأردن وتركيا وإيران) إضافة إلى مصر، حظي خلالها بدعم زعماء تلك الدول لتعامله مع الإرهاب وأزمة الإقليم. وإذا كان العامل المشترك في جولة العبادي السريعة هو الاقتصاد والأمن، فإن زيارته إلى تركيا وإيران تركزت على أزمة كردستان عقب الاستفتاء على الانفصال، حيث قدم قادة البلدين الدعم القوي لعملية فرض القانون ونشر السلطة الاتحادية في شمال العراق، كما رفضوا مبادرة قادة الإقليم لتجميد الاستفتاء، مشددين على إلغائه والتزام حكومة الإقليم بوحدة العراق.
وطرح العبادي، خلال الجولة، رؤيته لمشروع مستقبل المنطقة وتنمية وبسط الأمن من خلال التركيز على تجنب النزاعات والحروب واستثمار الطاقات اللوجستية والمعنوية، مؤكدا أن هذه الرؤية جاءت «لفتح آفاق جديدة للشباب والقضاء على المشاكل التي تواجه المنطقة».
وأشار إلى أن «العراق أصبح محورا وله أثر إقليمي كبير، وأنه يتعامل مع كل جيرانه بمرونة عالية» مشددا على أن «الانفتاح على السعودية بعيد عن سياسة المحاور» لتطمين حكومة إيران، التي انتقد وزير خارجيتها، محمد ظريف، الولايات المتحدة لـسعيها لإقامة «تحالف بين العراق والسعودية» للتصدي لنفوذ إيران المتزايد في المنطقة».
وأثار انتباه المراقبين، حضور وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، لاجتماع العبادي مع العاهل السعودي، مما بعث إشارات إلى سعي أمريكي لبلورة محور عربي بعيد عن التأثير الإيراني.
وفجرت دعوة تيلرسون إلى «سحب الميليشيات الإيرانية من العراق بعد انتهاء تنظيم «الدولة» (داعش)، وضرورة مقاومة النفوذ الإيراني» حملة انتقادات من قبل الحكومة العراقية والأحزاب الشيعية وإيران. ورغم أن العبادي أبلغ وزير الخارجية الأمريكي بأن الحشد عناصر عراقية وهم جزء من مؤسسات الدولة العراقية، إلا أن رئيس مجلس النواب الأمريكي أكد أنه «لا وجود للحشد الشعبي في عراق سليم موحد».
أما أزمة الإقليم، فقد شهدت الأوضاع الأمنية والسياسية فيه، توترا أثار المخاوف الدولية من تدهور الأوضاع الأمنية وخاصة بعد رفض بغداد لمبادرة حكومة الإقليم بفتح الحوار لحل المشاكل بدون شروط، حيث رفض العبادي، بدعم من طهران وانقرة، المبادرة مشددا على ضرورة إلغاء الاستفتاء وليس تجميده، كشرط لبدء الحوار.
وجاءت دعوة مجلس الأمن الدولي، بغداد واربيل، إلى وقف التصعيد العسكري والبدء في حوار لحل الأزمة، ليعبر عن قلق المجتمع الدولي من حرب جديدة في المنطقة في وقت ما زالت المعركة مع تنظيم «داعش» مستمرة.
وقد انعكس التوتر السياسي بين بغداد واربيل على الوضع الأمني نتيجة إصرار القوات الاتحادية على فرض سلطتها على مطارات الإقليم والمعابر الحدودية بينه وبين تركيا وإيران وسوريا. وبعد سيطرة القوات الاتحادية على معبر ربيعة مع سوريا، وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الطرفين عندما تقدمت تلك القوات للسيطرة على المنفذ الحدودي (فيشخابور) بين دهوك وسوريا أيضا، والذي تسعى بغداد وانقرة لجعله بديلا عن منفذ إبراهيم الخليل في تبادل النقل والتجارة بين تركيا والعراق بدل الإقليم.
وقد تحولت مدن سهل نينوى مثل ربيعة وزمار ومخمور وتلسقف إضافة إلى التون كوبري، إلى ساحات مواجهة عسكرية بين القوات الاتحادية والبيشمركه لأول مرة منذ 2003 جرى خلالها تبادل إطلاق قذائف المدفعية والهاونات والصواريخ، وسقط فيها ضحايا من العسكريين والمدنيين الذي فر المئات منهم من مناطق المواجهات، بينما أعلنت سلطات السليمانية استعدادها لتسليم منافذها مع إيران للسلطات الاتحادية، لتجنب الصدام العسكري.
وكانت حكومة إقليم كردستان العراق وفي ضوء الواقع الجديد الذي فرض عليها وأجّل حلم «الدولة الكردية»، عرضت مبادرة لـ«تجميد نتائج الاستفتاء على انفصال الإقليم الذي أجري الشهر الماضي ووقف إطلاق النار الفوري والبدء بحوار مفتوح بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وذلك لتجنب حرب استنزاف ووقوع الخسائر من الطرفين».
وفي خضم التطورات المتسارعة يتبلور حراك كردي داخلي لإصلاح أوضاع الإقليم وإيقاف تدهورها. وذكر قيادي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني لـ«القدس العربي»، أن هناك توجها في الإقليم لعزل مسعود البرزاني وتحميله مسؤولية تدهور الأوضاع في الإقليم، مع تكليف نيجيرفان البرزاني أو غيره بقيادة حكومة مؤقتة تدير الأزمة، مؤكدا أن التوتر والمخاوف من الحصار والحرب الأهلية تسود الشارع الكردي.
وقد أقر الاتحاد الوطني الكردستاني بفشل الاستفتاء وحمل رئاسة الإقليم مسؤولية الأحداث الحالية، رافضا في الوقت نفسه دعوات تقسيم الإقليم إلى إدارتين، كما أصدرت ثلاثة أحزاب كردستانية، هي حركة التغيير، والجماعة الإسلامية، والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، بياناً مشتركاً طالبت فيه بـ«حل رئاسة إقليم كردستان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني مؤقتة، لمواجهة الكارثة وبدء حوار مع بغداد».
وقرر برلمان إقليم كردستان تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الإقليم لثمانية أشهر وتجميد عمل الهيئة السياسية للإقليم المؤلفة من رئيس الإقليم مسعود البرزاني ونائبه كوسرت رسول ورئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين».
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع إعلان العبادي بدء معركة تحرير مناطق غرب الأنبار، وهي آخر معاقل تنظيم «داعش» في العراق، وتعد معركة فاصلة لطي آخر صفحة من كابوس التنظيم على المدن العراقية، ولفرض السيطرة على الحدود العراقية السورية المترامية الأطراف.

مساع محلية ودولية لإيقاف المواجهة بين بغداد واربيل

مصطفى العبيدي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول يوسف بن علي:

    الحكم الذاتي الكردي في العراق .نحن العرب لسنا ضده .المشكلة كانت في شخص السيد البرازاني .الذي مدد كيانه على الطريقة (الاسرائيلية) .الى خارح مناطق حكم ذاته .مرة بعد الغزو الاميركي .ومرة بعد الغزو الداعشي .فجعل حدود كردستان العراق مطاطة.. ..على الدول العربية ان تقف الى جانب بغداد بغنى عن الموقف من الذي يحكم بلاد ما بين النهرين . لنقرا التاريخ جيدا ..في لحظات ضعف واحباط .تضيع الاوطان .ولنحقن دماء مواطنيننا ان كانوا عربا او من الاخوة الاكراد .

  2. يقول علي احمد -بريطانيا:

    الأخ يوسف بن علي نحن لم نمدد ارضنا على حساب أراضي الاخرين كما تدعي نحن نشبه الفلسطينيين ولاتشبهنا بإسرائيل فنحن الذي ارضنا اغتصبت وليس الطرف الاخر فاتفاق الحكم الذاتي سنه 1970 مع حكومة بغداد الذي انتزعناه بالقوه وليس صدقه او هبة من احد كانت كركوك من ضمنه أيضا ولكن حكومة بغداد انقلب علينا اسألك بالله هل غزه والضفه فقط هي أراضي فلسطين التاريخيه ؟ هل تستطيع ان تقول للفلسطينيين انتم تمددتم على ارض الاخرين لو طالب الفلسطينيون بباقي أراضيهم ؟ قضيتنا لاتفرق عن قضية فلسطين فحكومة بغداد الذي يشبهنا بإسرائيل امام العرب لكسب تعاطفهم هو في الأصل مارس نفس مامارسه إسرائيل مع الفلسطينيين نعم الأرض التي يطالب بها الاكراد هي ارضنا فاذا كانت ليست ارضنا فلياتي حكومة بغداد ويثبته بالاوراق والمستندات التاريخيه بدون اللجوء للقوة فاذا ثبت انها ليست كورديه فنحن نتوقف عن المطالبه بها واذا ثبت انها ارض كوردستانيه فعليها الانسحاب منه

  3. يقول يوسف بن علي:

    اخ علي احمد .تحية طيبة ..ليظهر الاخوة الاكراد هذه الوثاءق للاعلام .وشخصيا انا لست ضد التحكيم .

اشترك في قائمتنا البريدية