بيروت- « القدس العربي»: تحت عنوان «دور المؤسسات الدينية الرسمية في تعزيز عمليات السلام والحوار»، نظّمت دار الفتوى، بالتعاون مع مؤسسة «بيرغهوف» الألمانية، مؤتمراً في بهو دار الفتوى شارك فيه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتي جمهورية مصر العربية الشيخ شوقي علام، مفتي المملكة الأردنية الهاشمية الدكتور الشيخ محمد الخلايلة، وكيل الأزهر الشريف الدكتور الشيخ عباس شومان، ممثل مؤسسة بيرغهوف في لبنان فراس خير الله وشخصيات دينية وفكرية وعلمية.
وإفتتح المفتي دريان المؤتمر بكلمة أكد فيها «أن الإسلام دين خير ورحمة، وعدل ومحبة، وتحاور وتعاون وإيثار، ومن يتّهم الإسلام بالإرهاب فاتهامه مردود عليه»، لافتاً الى «اننا كمسلمين في لبنان، نقدّر حرية الرأي، ونعترف بالآخر ونحترمه، ونرفض ان يوصف الإسلام بالإرهاب والتطرف، وهو الدين الذي يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي»، وموضحاً «ان سماحة الإسلام ينطق بها كتاب الله، وتتجلى في السيرة العطرة، ولا ينكرها إلا كل متجن مفتر، وسنبقى ندعو إلى الكلمة السواء، وإلى الحوار، لأننا امة وسط».
وشدد على «ان مهامنا نحن العلماء، مهددة كلها، بسبب دعوات التطرف والتكفير، والعدوان على الدين والأوطان. وعلينا نحن، إلى جانب مكافحة التطرف من طريقة التحويلات المفهومية والتكفيرية، بمعرض المفاهيم الصحيحة ورد الدعوات الفاحشة على اعقابها، ان نقدم صورة اخرى، او بدائل صالحة للمستقبل القريب والمتوسط، لهذه المهام الأربع، التي جرى التجاوز فيها وعليها: وحدة العبادات، بحيث يظل المسلمون يصلون معاً، ويمتنع الاعتزال والتكفير. والتعليم الديني المستنير، والفتوى المتبصرة، والإرشاد العام».
ثم القى مفتي مصر الشيخ شوقي علام كلمة جاء فيها «ان الخطر الداهم الذي يتمثل في انتشار التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وإشعال فتيل الأزمات الطائفية بين ابناء الوطن الواحد، والتمهيد للحروب الأهلية المستعرة التي لا تبقي ولا تذر وتعمل على شرذمة الشعوب وتفتيت الأوطان، ليدعونا جميعاً الى ان تتكاتف جهودنا وتستنفذ طاقاتنا في وأد هذه الفتن وإخماد تلك النيران التي تهدد سلامة الأوطان».
اضاف «على رغم كثرة المخططات الإرهابية الفاشلة التي حاولت النيل من سلامة مصر عبر التاريخ لا يعرف وجدان الشخصية المصرية وسماتها اي مظهر من مظاهر التباين الطائفي والجنوح إلى العنف والعدوان، لأنها شخصية تتميز بالسماحة واحترام الخصوصيات الثقافية والحضارية عبر التاريخ، ولذا كانت مصر صاحبة اعمق تجربة تاريخية ناجحة في التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين اصحاب الأديان المختلفة».
واشار مفتي مصر الى «خروج فتاوى شاذة تؤجج نار الفتن الطائفية وتمنع بناء الكنائس وتحرّم تهنئة المسيحيين بأعيادهم بل وتعمل على استباحة دمائهم واموالهم وتعمل على التفريق بين شقي ومكوني الوطن الواحد بين مسلم ومسيحي، لكن وعي الشعب المصري المستمد من الموروث والمخزون الحضاري المتسامح لم يستجب لتلك النعرات الطائفية، وإن الجهود التي بذلتها دار الإفتاء المصرية في الرد على تلك الفتاوى الشاذة ساعد كثيراً على تفويت الفرصة على تلك المحاولات»، مؤكداً «ان المحافظة على المكونات الأساسية للأوطان ونشر السلام والوئام بين مكونات الأمة والوطن لهو طوق النجاة الذي يعمل على رأب الصدع ونشر الأمن والسلام».
من جهته، قال مفتي الأردن الشيخ محمد الخلايلة «الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى لمّ شملها وتوحيد كلمتها في مواجهة الأخطار والآفات التي تهدد كيانها ووجودها، ومنها آفة تشويه صورة الإسلام المشرقة، من خلال ما تواجهه من نشر للأفكار المتطرفة من قبل خوارج العصر الذين شوّهوا صورة الإسلام واستباحوا الأعراض وسفكوا الدماء باسم الدين وهو منهم بريء». وقال «نحن في المملكة الأردنية الهاشمية ادركنا منذ سنوات طويلة فداحة الثمن الذي تدفعه امتنا وشعوبنا بسبب هذا التطرف والعنف الذي تسلّل إلينا من نواح عديدة، وحذرنا منه، فانطلقنا لمصارحة الأمة والعالم بخطر هذه الانحرافات والجرائم التي ترتكب باسم الدين، ودعونا إلى الحوار بين اتباع المذاهب الإسلامية، وإلى الحوار بين اتباع الأديان، لتوضيح صورة الإسلام والتعريف بمقاصد الدين القائمة على الاعتدال والسماحة، عندما اطلق الملك عبد الله الثاني رسالة عمان، وكما اطلقت المملكة مبادرة كلمة سواء، واسبوع الوئام العالمي بين الأديان الذي اقرته الأمم المتحدة».
والقى وكيل الأزهر الشريف الشيخ عباس شومان كلمة أوضح فيها «ان الأزهر حقق نجاحات كبيرة داخل مصر وخارجها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطني والعالمي. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد في هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خير شاهد واوضح دليل الى اهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية في تعزيز السلام».
سعد الياس