موجة سخرية غير مسبوقة في السعودية والعالم العربي بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة

حجم الخط
4

لندن ـ «القدس العربي»: شهدت السعودية موجة سخرية غير مسبوقة بعد صدور القرار الملكي بالسماح للمرأة بقيادة السيارات. وغرقت شبكات التواصل الاجتماعي داخل المملكة وفي كل أنحاء العالم العربي بالسخرية من الحرام الذي سرعان ما تحول إلى حلال، وهو ما اضطر وسائل الإعلام الحكومية في السعودية إلى تحذير الساخرين من «عقوبات قاسية».
وأصدر الملك سلمان في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء الماضي قراراً يقضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارات، وأمر باستصدار رخص لقيادة السيارات للذكور والإناث على حد سواء، وذلك بعد عقود طويلة من مطالبات النساء السعوديات بالسماح لهن بقيادة السيارة فيما كان المبرر طوال السنوات الماضية الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء وعن مفتي المملكة والتي تفيد بتحريم السماح للمرأة بقيادة السيارة.
وقالت جريدة «دايلي ميل» إنه بتنفيذ القرار الصادر عن الملك سلمان في منتصف العام المقبل 2018 تكون السعودية هي آخر دولة في العالم تسمح للمرأة بقيادة السيارة، حيث لن تعود المرأة ممنوعة من قيادة السيارة في أي دولة في العالم.
واشتعلت كافة شبكات التواصل الاجتماعي بالسخرية من القرار فور صدوره، وامتدت السخرية إلى تداول مئات الصور والرسوم الضاحكة بعد القرار، فضلاً عن أن النشطاء والمغردين أمضوا الساعات والأيام اللاحقة لصدور القرار في التندر عليه والسخرية منه، على الرغم من أنه لاقى ترحيباً واسعاً.
وربط الكثير من المغردين القرار بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابنته ايفانكا إلى المملكة، حيث رأى كثير من المغردين أن القرار جاء تنفيذاً لطلب من ترامب أو ربما من ابنته ايفانكا التي فوجئت عندما زارت الرياض أن النساء ممنوعات من قيادة السيارات، ووصل الأمر بأحد المغردين على «تويتر» أن خاطب ترامب على حسابه مباشرة قائلاً: «نبي خمر يا ترامب»، في إشارة ساخرة منه إلى أن القرار تنفيذ لأوامر من ترامب، وأن هذا الأخير لو طلب السماح بشرب الكحول في المملكة لفعلت الحكومة دون تردد.

عقوبات قاسية

واضطرت وسائل الإعلام الحكومية في السعودية إلى التحذير بشكل مباشر من «عقوبات قاسية» في حال استمرت السخرية من القرار الملكي، في محاولة لوقف الموجة غير المسبوقة التي أغرقت العالم العربي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ووفقا لصحف سعودية، فإن السخرية من قرار قيادة المرأة، تعد «سخرية من أمر ملكي» وبالتالي فإن ذلك يستوجب فرض عقوبة بموجب القوانين.
والعقوبة المفروضة على الساخرين من القرارات الملكية في السعودية هي السجن مدة تصل إلى 5 سنوات أو غرامة 3 ملايين ريال.
ورغم السخرية الواسعة من القرار في أوساط السعوديين والعرب، إلا أن الناشطين السعوديين امتنعوا عن انتقاد القرار بمن فيهم المشايخ ورجال الدين الذين كانوا حتى قبل شهور قليلة يحرمون قيادة المرأة للسيارة، ويُسهبون في الحديث عن أضرار تولي النساء قيادة السيارات في البلاد.

فتاوى متناقضة

وعلى الرغم من صدور عشرات الفتاوى في المملكة التي تُحرم قيادة المرأة للسيارة، إلا أن رجال الدين سرعان ما انقسموا قسمين فور صدور القرار الملكي، أما القسم الأول فالتزم الصمت وفضل عدم الحديث عن القرار لا بالتأييد ولا بالانتقاد، أما الثاني الذي أثار دهشة الكثير من المتابعين فهو الذي كان حتى الأمس القريب يُفتي بالتحريم، وسرعان ما تحول إلى التحليل، ومن بين هؤلاء هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في المملكة والتي نشرت تغريدة عبر حسابها الموثق على «تويتر» تمتدح فيه القرار الملكي وتعتبر أن الملك سلمان رأى مصلحة العامة ونفذها.
وكتبت الهيئة في تغريدتها: «حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية» لتتناسى الهيئة بذلك العديد من الفتاوى التي صدرت عنها وعن مفتي المملكة الحالي والمفتي السابق، وفتوى أيضاً صدرت عن الشيخ عبد العزيز بن باز قبل سنوات.
أما الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً، والذي لطالما كان ينفذ أمر منع قياد المرأة للسيارات وبصرامة شديدة، فغرد على «تويتر» قائلاً: «الأمر السامي بالسماح لقيادة المرأة للمركبة ليس فيه مخالفة شرعية، والمرأة تختار ما يحقق مصلحتها».
وأضاف في تغريدة ثانية: «صدر أمر سامي بالسماح للمرأة بقيادة المركبة، وهذا يساعد على الاستغناء عن السائق الأجنبي وما فيه من محاذير وسلبيات، ولا يوجد ما يمنع شرعاً من ذلك».
وذكر الأمر الملكي أن علماء السعودية «هيئة كبار العلماء» رأت أن «الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن».
وكان مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كِبار العلماء، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أصدر فتوى في شهر نيسان/أبريل الماضي، أي قبل خمسة شهور فقط من القرار الملكي قال فيها إن «إغلاق وسائل الشرور واجبة، ومنها قيادة المرأة للسيارة التي تفتح أبواب الشرور».
كما أن مفتي المملكة السابق ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن باز كان قد أصدر فتوى لا تزال موجودة على موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية يقول فيها: «لا يجوز للمرأة أن تسوق السيارة في شوارع المدن ولا اختلاطها بالسائقين؛ لما في ذلك من كشف وجهها أو بعضه، وكشف شيئا من ذراعيها غالبا، وذلك من عورتها، ولأن اختلاطها بالرجال الأجانب مظنة الفتن ومثار الفساد».
أما عضو هيئة كبار العلماء وأحد أشهر مشايخ المملكة محمد بن صالح العثيمين فظل متمسكا بفتواه حتى وفاته والتي يقول فيها «إن من يثير شبه قيادة المرأة السيارة من الأساتذة الأكاديميين دون سؤال من طلبة العلم يجب أن ترفع شكوى عليه لأن في قلوبهم زيغ». وقال إن «ما ينتج من قيادة المرأة من آثار سيئة هو المحرم وليس فعل القيادة بذاته» وأضاف: «كل المفاسد المترتبة على قيادة المرأة تقتضي منعها من قيادة السيارة».

سخرية واسعة

وانتشرت العديد من الصور الساخرة على الانترنت إضافة إلى تعليقات تسخر من القرار الملكي، حيث كتب أحد المدونين على «فيسبوك» ساخراً من علماء الشريعة في السعودية: «المؤلفات التي ستخرج قريباً: الإنارة في جواز قيادة المرأة للسيارة/ النوتيلا في وجوب أن تقود المراة التّريلا/ القول النفيس في أهمية أن تفحط المرأة في السرفيس/ نقض الأقوال المتشاحنة في أن تقود المرأة الشاحنة».
وكتب المدون على «فيسبوك» علاء أبو دياب ساخراً من القرار: «الضوابط الشرعية لقيادة المرأة:
– يجب على المرأة الجلوس في المقعد الخلفي أثناء القيادة لأنه أستر لها.
– وجود السائق الوافد معها لتغيير أي بنشر محتمل.
– يُمنع على المرأة عمل حوادث مع غير محارمها.
– موافقة ولي أمرها وولي أمر السيارة وولي أمر الشارع وولي أمر الدوار والمطب والاشارات وشرطي المرور والمشاة وكل ولي أمر يُفكر أن له علاقة بالأمر».
وكتب أحد المغردين «منعوا قيادة المرأة .. قالوا قرار صائب! سمحوا لقيادة المرأة.. قالوا قرار صائب! هذا وضع شعوب العرب!».
وعن تصريح سابق لمفتي السعودية قال فيه «قيادة المرأة السيارة أمر خطير يفتح أبواب الشرور.. مطلوبٌ ألا نقرّه» علّق المغرد القطري عيسى بن ربيعة «فيه update جديد للفتوى حسب الطلب».
وكتب الصحافي السوداني فوزي بشرى «انتصرت المرأة في السعودية. السؤال أين ستذهب السلطة بكل ذلك التراث الفقهي المجرم لقيادة النساء للسيارة والذي قدم على أنه الدين الحق؟».

حملة رافضة

وأطلق نشطاء سعوديون في اليوم التالي للقرار حملة واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد قيادة المرأة للسيارة، حيث انتشر الهاشتاغ «#الشعب_يرفض_قياده_المرأه» ووصل إلى لائحة الوسوم الأكثر تداولاً في السعودية وفي العالم على «تويتر».
وكتبت إحدى المغردات «ما راح نسوق وأنكرنا المنكر ونشهد الله أننا نبرأ إليه منه من كل معصيه لكن والله إن تزول هالنعم بسبب الفساد #الشعب_يرفض_قيادة_المرأة».
وقال آخر «#الشعب_يرفض_قيادة_المرأة نرفض بشده وإن عرف المجتمع أقره الشرع واخذ به لذا فإن اغلبية المجتمع ترفض قيادة المرأه وعلى الجميع احترام رغبة الشعب».
وأضاف ثالث: «يكفي ما حدث في اليوم الوطني! غابت الهيئة فخرج أقذر الناس من جحورهم! إلى أين يا قبلة المسلمين #الشعب_يرفض_قياده_المرأة».
وغرّد آخر: «#الشعب_يرفض_قيادة_المرأة نحن شعب لنا خصوصيتنا وعقيدتنا الخاصة بنا فلذلك ما يجوز للغير لا يجوز لنا، نرفض قيادة المرأة للسيارة جملةً وتفصيلا».

موجة سخرية غير مسبوقة في السعودية والعالم العربي بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    منعوا المرأة من قيادة السيارة بغير مانع شرعي
    ومنعوا المرأة من زيارة القبور بغير مانع شرعي
    ومنعوا ومنعوا ومنعوا وأيضاً بغير مانع شرعي
    أي أن هيئة كبار العلماء لا تحكم بالشرع !!!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الكروي داود:

    قال هيئة كبار العلماء قال ! علماء بماذا ؟ أليست فتاويهم تباع وتشترى ؟
    ألم يجيز هؤلاء العلماء للصليبيين بدخول أرض الحرمين لمقاتلة صدام سنة 1990 ؟
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول Hussiean Alfadhul Sudan:

    مع جل احترامي الشديد لهيئة كبار العلماء فالأمر ﻻ يحتاج لفتوي اﻻمر متروك لرب اﻻسره من يريد لبنته فليفعل وتلك حريات شخصيه هناك من هو اهم من قيادة السياره فالمملكه تسير في الطريق المرسوم لها وفق قوانين وموروثات دينيه قيمه

  4. يقول سلام عادل(المانيا):

    رجال الدين حالهم كحال اي فئة في المجتمع فلا يمكن ان يتفقوا كلهم على امر ما وخاصة في الامور السياسية والعامة التي لا تخص احكام الدين فلذلك فانهم اغلبهم ينقادون لحكوماتهم وخير مثال ما يتعلق في العراق وسوريا ففي الحرب العراقية الايرانية انقسم علماء المسلمين سنة وشيعة بحسب حكوماتهم الاالقليل المعارض للحرب او معارضا حكومته ونفس الامر صار في مشكلة العراق والكويت وفي 2003 اثناء الغزو الامريكي كل علماء الدول التي ساندت الحرب ضد صدام وقفوا مع حكوماتهم وبرروا لها افعالها وهناك من افتى بقتل حكام دول عربية نزولا لرغبة حكومته

اشترك في قائمتنا البريدية