نواد للمعجبات ببن لادن يدافعن عن الجهاديات ومسكونات بحس الشهادة… وزيادة مطردة في عدد الانتحاريات

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: نشرت صحيفة «صنداي تايمز» في عددها يوم الأحد تقريراً عن ناد للمعجبات بقادة الجهاديين خاصة زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. ووصفت الصحيفة حفلات أعياد ميلاد تنظمها المعجبات به حيث يقمن بتصميم كعك عيد ميلاد للأطفال يحمل صورة بن لادن مع طائرة وهي تضرب برج التجارة العالمي ومكتوب عليه «عيد ميلاد سعيد 9/11».
وتفسر «البروباغندا الجهادية» هذه الارتفاع الملحوظ في عدد الفتيات المعتقلات بشبهة الإرهاب في السجون البريطانية حيث وصل عددهن إلى 50 فتاة.
وتشير الصحيفة إلى أن وجود الشبكات الجهادية للمعجبات ببن لادن ربما كشف عن السبب الذي دفع بتاشفين مالك لقتل 14 شخصا بهجوم مع زوجها سيد رضوان فاروق في سان بيرناندينو قبل اسبوعين.
ولا يقتصر الإعجاب بزعيم القاعدة وقادة تنظيمه فقط بل وبالممولين وصناع المتفجرات والناشطين في عمليات التجنيد. ويشير هذا الإعجاب لحس حماسي لدى فتيات مسكونات بحس الشهادة.

حرروا أخواتنا

وتدور شبكة المعجبات بقادة الجهاديين حول مؤسسة لدعم المعتقلات من الجهاديات في السجون الغربية، حيث تستخدم الشبكة صور الأطفال لجمع التبرعات ومساعدة عائلات الجهاديين والجهاديات في السجون الغربية.
وتقول الصحيفة إن المجموعة تطلق على نفسها اسم «حرروا أخواتنا». وتنشط على التويتر وتمبلر والفيسبوك. وشعار المجموعة هو «الجنة هي الفيلم».
وظهرت مجموعة «حرروا أخواتنا» في بداية العام الحالي، ولكنها انتشرت وحظيت بدعم في بريطانيا وثماني دول أخرى بما فيها كندا وأندونيسيا وسويسرا.
ورغم البعد «الخيري» في عمل المجموعة وهو مساعدة السجناء بقضايا الإرهاب، سواء كانوا ذكورا أم إناثا إلا ان الطريقة التي يتم تقديمهم بها تضعهم في مستويات النجومية والتي لا يحظى بها إلا نجوم «البوب» و»الروك». واستخدمت الشبكة في دعايتها صورة الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي صور تنظيم الدولة حرقه في فيلم مثير للقشعريرة. ولكن الصورة حذفت من الموقع. وتدعم شبكة «حرروا أخواتنا» قضية 40 معتقلا ومعتقلة منهم 15 في أمريكا و14 في بريطانيا و4 في ألمانيا.
ونشرت الشبكة يوم الخميس رسالة شكرت فيها الداعمين للحملة حيث جاء فيها «بمساعدتكم وفرنا المساعدة لعائلات السجناء في بريطانيا وألمانيا واشترينا الكتب للأخوات في سجون أمريكا، وأخواتنا وإخوتنا بحاجة لنا».
ومن اللاتي يستفدن من برنامج شبكة «حرروا أخواتنا» روشنارا تشاودري التي حاولت طعن النائب العمالي ستيفن تيمز لدعمه قرار احتلال العراق عام 2003، ووصفت بأنها «لبوءة الإسلام».
وحكم على تشاودري البالغة من العمر 26 عاما بالسجن مدى الحياة في عام 2010 وهي من أتباع أنور العولقي، المرشد الروحي لجماعة القاعدة في اليمن. ودعت واحدة من المعجبات بتشاودري لأن يعطى لها لقب «القائدة الأخت» مثل لقب «الأخ القائد» الذي يوصف به زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.
وتدعم الشبكة روما خان وهي أم لستة أطفال من منطقة لوتون البريطانية. وحكمت عليها محكمة العام الماضي بالسجن لمدة خمسة أعوام لاتهامها بالترويج للإرهاب عبر «فيسبوك». ومن الأشياء التي استخدمها الإدعاء ضدها وضعها صورة حزام ناسف على «فيسبوك» حيث أظهرت رغبة بأن يقوم واحد من أبنائها باستخدامه.
ومن بين من لقين دعم الشبكة عافية صديقي، الباحثة في علم الدماغ والتي توارت سنوات عن الأنظار قبل أن تظهر في الباكستان من جديد ومن ثم في نيويورك حيث حكم عليها بالسجن مدى الحياة.

انتحاريات

وتشير الشبكة للدور الإسنادي الذي تقوم به المرأة لخدمة القضية الجهادية، فهي في داخل بنية تنظيم الدولة ناشطة في التجنيد وعاملة في الشرطة النسائية وكذا انتحارية.
وفي مقال للعقيد في الجيش الأمريكي كاثلين تيرنر لاحظت فيه زيادة عدد الانتحاريات.
وأشارت في مقالها الذي نشره موقع «وور أون ذا روكس» إلى قيام امرأة في أفغانستان الأسبوع الماضي بتفجير نفسها بعد أن أوقفها الجنود عند حاجز تفتيش في إقليم نانغرهار وقتلت معها ضابطا وأطفالها الثلاثة.
وتقول « إن كان فهم العمليات الانتحارية صعبا ففهم تلك العمليات التي تنفذها نساء، وفي هذه الحالة أم مع أولادها مستحيل». وكانت للتقارير الأولية أثناء التحقيقات في هجمات باريس قد أشارت إلى حزام ناسف قيل إن حسنة آيت بولحسن قامت باستخدامه.
وكان رد الفعل العام على هذا هو شعور بالخوف والدهشة والتساؤل عن الأسباب التي تدفع نساء لقتل أنفسهن. وتقول تيرنر إن عدد النساء المشتركات في العمليات الانتحارية في زيادة مطردة. ويعود هذا لاعتماد تنظيمات مثل «بوكو حرام» و»حركة الشباب» و»طالبان» و»تنظيم الدولة» في العراق والشام على النساء لتنفيذ هجمات انتحارية ضد قوات الأمن والمجتمعات المحلية. وترى تيرنر التي تعمل كزميلة بحث بمعهد السلام بواشنطن أن زيادة عدد الانتحاريات يجب أن يثير قلق الدول بسبب الدور الذي باتت تلعبه المرأة الانتحارية في خلق حالة عدم الاستقرار. وعليه فهناك حاجة إلى مدخل متعدد المجالات من أجل وقف هذه الموجة ومنع مشاركة المرأة في العمليات الانتحارية.

عرض تاريخي

ولا ينفصل دور المرأة في العمليات الانتحارية اليوم عن الدور الذي لعبته عبر التاريخ في الحركات المتطرفة سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة. ففي دراسة أجراها يورام شويتزر، الزميل الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي من الفترة ما بين 1985- 2006 وجد أن عدد العمليات الانتحارية التي نفذتها نساء تجاوز الـ 220 عملية، أي بنسبة 15% من العدد الإجمالي للعمليات. وقدم شويتزر معلومات بيانية عن عدد الهجمات والجماعات التي دعمتها وجنس المهاجم والسلاح الذي استخدم وما إلى ذلك.
ووجد أن معظم الهجمات التي نفذتها نساء كانت في سريلانكا (75) وفي إسرائيل والمناطق الفلسطينية (67) وروسيا والشيشان (47) وتركيا (15) ولبنان (6) وأوزبكستان (4) والعراق (4) والمغرب (2) والباكستان (2) والهند (1) وطاجيكستان (1) والأردن (1). وهذا لا يمنع من محاولة تحليل أبعاده حيث حدد بعض الباحثين عددا من العوامل عن السبب الذي تلجأ فيه المنظمات المتطرفة لاستخدام المرأة في عمليات انتحارية. ووجدوا أن الأمر قد تكون له علاقة بمزايا تكتيكية من ناحية زيادة عدد الناشطين/ العناصر وزيادة الاهتمام الإعلامي وبناء التأثير النفسي.
وتمنح دراسة هذه المزايا الباحث فرصة لاكتشاف الأسباب التي تدفع المنظمات كي تجند النساء في عمليات كهذه. ولعل الداعي الأول وراء الإعتماد على المرأة أنها لا تثير الشكوك مقارنة مع الرجل. فمثلا عندما قامت انتحارية سيريلانكية عام 1991 باغتيال رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي عام 1991 فقد كان بإمكانها الاقتراب منه والحديث معه وقتله مع 16 آخرين.
واسم المنفذة هو ثينمولي راجاراتنام (دانو) وكانت عضوا في حركة نمور التاميل. وبهذه المثابة فلا يثير الأطفال والنساء شكوكا لدى الأمن أو الجيش، كما ويمكن للمرأة أن تخفي في ملابسها المتفجرات أو تظهر بمظهر المرأة الحامل.

تعزيز الصفوف

من ناحية أخرى يمنح دخول المرأة ساحة العمليات الانتحارية المنظمات فرصة لزيادة عدد الناشطين.
فقد اعتمدت حركة «نمور التاميل» على النساء نظرا لملاحقة الحكومة السيرلانكية للرجال. ومن هنا أدى دخول النساء صفوف الحركة إلى زيادة أعداد المقاتلين وهو ما ساعدها على القيام بهجمات واسعة. وأسهم دخول المرأة لحركة «نمور التاميل» أيضا في نشر قضية المنظمة. وقامت الحركة بإنشاء جهاز خاص للنساء الانتحاريات عرف باسم «طيور الحرية». ولأن المرأة تمثل نسبة 51% من مجمل سكان مناطق التاميل السريلانكية فقد كان المنطقي زيادة عدد النساء في صفوف الحركة.

اهتمام إعلامي

هناك جانب مهم يظهر من مشاركة المرأة في العمليات الانتحارية وهو البعد الإعلامي. وتسهم عمليات كهذه بدفع قضي الحركة إلى الاضواء الإعلامية وتعزز بالتالي من حضورها الدولي ونشر قضيتها وتزيد من مستويات التجنيد. ومن هنا تعلمت بعض المنظمات كيفية الاستفادة من النساء في العمليات الانتحارية. ففي مقابلة مع الباحثة الاجتماعية الفلسطينية ليزا تراكي قالت فيها «يتم استخدام العمليات الانتحارية للتأثير وكلما كانت أكثر درامية كان التأثير أقوى».
وفي عام 2002 أصبحت وفا إدريس أول فتاة فلسطينية تنفذ عملية انتحارية وتحولت إلى بطلة في كل أنحاء العالم العربي. وكتبت صحيفة «الشعب» المصرية في تأبينها «إنها إمرأة، هي التي تقدم لنا دروسا في البطولة، وتعلمك معاني الجهاد وكيف تموت شهيداً».
وهناك بعد آخر متعلق بالرأي العام العالمي، فمع تطور وسائل التواصل فعملية انتحارية تقوم بها امرأة يمكن ان تقدم صورة عما تريده هذه الحركة أو تلك من العالم وما هي أهدافها.

الجانب النفسي

وبعيداً عن الأهداف المتعلقة بالتجنيد وتعزيز الصورة تترك العمليات الانتحارية أثرها النفسي على العدو أ أو الرأي العام.
فالعملية قد تثير حالة من الرعب على قرية أو بلدة أو مدينة، وهذا واضح في عمليات النساء الشيشانيات «الأرامل السود» على الجنود والسكان الروس. وكن من ضمن من داهم مسرح دبروكوفا في موسكو عام 2002.
وفي هذا الهجوم هاجم 41 شيشانيا مسلحا كان من بينهم 19 مسلحا واحتجزوا 800 شخص كرهائن قبل أن تداهم قوات الأمن الروسية المكان وقتل العديد من الإرهابيين والرهائن. وبناء عليه تدعو تيرنر للاهتمام بظاهرة الانتحاريات لأنها تترك أثراً على استقرار العالم في ظل صعود لاعبين غير دول.
وهناك الكثير من الأدلة حول زيادة دور المرأة في الحركات الإرهابية. فقد أظهرت دراسة أنها مثلت 30% في حركة «نمور التاميل» و30 -40% من حركة القوى الثورية المسلحة الكولومبية «فارك» و40% من حركة «الطريق المشع» في بيرو.
ولا يعرف الباحثون بعد حجم الدور الذي تلعبه المرأة في حركتي «بوكو حرام» و»تنظيم الدولة». فدور المرأة لدى هذه الحركات يؤكد على أهمية رعاية الأطفال/ الأمومة والرعاية للبيت فيما تؤكد هذه الحركات على دور الرجل كمقاتل وراع للبيت ومزود له بما يحتاجه.
وتعتقد الباحثة المتخصصة بالإرهاب ميا بلوم أن «هناك قلة من الناس من تربط المرأة بالإرهاب رغم أنها مشاركة وبشكل دائم بالإرهاب والعنف».

ما العمل

ولهذا ترى تيرنر أن المنظمات المستعدة لاستخدام المرأة في عمليات إرهابية يجب أن يثير قلق المجتمع الدولي خاصة أن الدراسات الأخيرة تظهر زيادة في هذا الاتجاه. ومن هنا فهناك حاجة لمدخل نشط يقوم بدراسة طرق منع الظاهرة عبر التدريب والدراسات الأكاديمية.
ومن أجل فهم الظاهرة لا بد من البحث عن دوافع مشاركة المرأة في هذه العمليات واستكشاف مظاهر الدعم المتوفرة للمرأة في محاور الحرب والدول الفاشلة والمناطق ذات الاقتصاديات الفقيرة. وهذا يقتضي توفير المساعدة والتعليم والفرص الجيدة للنساء ومحاربة الاستغلال والاضطهاد.
ويجب تثقيف النساء من أن هناك فرصا أخرى غير تنفيذ عمليات انتحارية. كما أن هناك ضرورة لمواصلة البحوث الأكاديمية حول النساء الإنتحارية وجمع البيانات حولهن. ولعل كان هذا هو دافع مشروع الأمن والإرهاب بجامعة شيكاغو عندما نشر معلومات عن الهجمات الإنتحارية في الفترة ما بين 1982 -2015 .
وتعتبر جامعة شيكاغو واحدة من المراكز البحثية التي تدرس الظاهرة هذه. ويمكن من خلال المعلومات المتوفرة فهم الثقافات التي تنتج انتحاريات وبالتالي تحضير القوى لمواجهتها. وتعتقد تيرنر أن ظاهرة الانتحاريات هي قضية استراتيجية.
ولوقف هذه الظاهرة فهناك حاجة لمنع انتشار وتوسع ظاهرة «تنظيم الدولة» و»بوكو حرام».

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية