هل نحن مقبلون على حرب خليج جديدة؟

من الواضح تماماً أن الشرق الأوسط مقبل على تحولات كبرى قد تبدو الأحداث التي تجري في سوريا والعراق وبقية المناطــــق مجرد مقبلات للوجبة الرئيسية، ألا وهو تحريك المنطقة ضد إيران، أو بالأحرى ضرب دول المنطـــــقة مرة أخــــرى بعضها ببعض كما حدث في بداية ثمانينات القرن الماضي.
لا أدري لماذا ذاكرتنا قصيرة إلى هذا الحد البشع؟ بالأمس القريب وصل الخميني إلى إيران، وراح يدق طبول الحرب فوراً ضد العراق وبقية العرب، فاستغلت أمريكا المزاج العام ودخلت على الخط، هذا إذ لم تكن هي نفسها بالتعاون مع فرنسا وغيرها هم من أوصل الخميني إلى السلطة، وأزاح شاه إيران في ثورة بدت وقتها شعبية تمهيداً لإدخال إيران في حرب مع العراق وحلفائه العرب.
لاحظوا أنه بمجرد نجاح ما يسمى بالثورة الإيرانية في ذلك الوقت اندلعت حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، فنسي الإيرانيون ثورتهم، وراحوا ينخرطون في حرب لم تكن لا على البال ولا على الخاطر قبل وصول الخميني إلى السلطة عام 1979. فلو صدقنا أن الثورة الإيرانية كانت شعبية فعلاً، فهذا يعني أن أمريكا حرفتها عن مسارها فوراً من خلال إدخال إيران في حرب مع جيرانها كي لا تقوم لإيران قائمة وكي لا تحقق الثورة أهدافها الوطنية هذا إذا كانت وطنية فعلاً.
واليوم وبعد أقل من أربعة عقود على اندلاع حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، ها هي طبول الحرب تدق من جديد في المنطقة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السلطة. فجأة تغير المزاج الأمريكي تجاه إيران، واختفت أيام الغزل الأوبامية الإيرانية ليحل محلها التحريض الأمريكي ضد إيران. فجأة صارت إيران في الخطاب السياسي والإعلامي الأمريكي أكبر خطر إرهابي يهدد العالم بعد أن نجحت بالأمس في التقارب مع الأمريكيين من خلال الاتفاق النووي التاريخي بين الغرب وإيران. وما أن ارتفعت اللهجة الأمريكية ضد إيران حتى راح حلفاء أمريكا في المنطقة يرفعون أصواتهم ضد الخطر الإيراني، لا بل إن البعض تقدم خطوات على الخطاب الأمريكي، فراح يدعو إلى زعزعة إيران من الداخل واستغلال التناقضات السياسية والمذهبية والاجتماعية والاقتصادية داخل البلاد لضرب مكونات الشعب الإيراني بعضها ببعض على أمل تفكيك الجمهورية الإسلامية. وفجأة ودون سابق إنذار بدأت بعض وسائل الإعلام العربية تتحدث عن الأحواز وبلوشستان المحتلة، وبدأت تصف الجيش الإيراني في الأحواز وبلوشستان بجيش الاحتلال الفارسي. هذا تطور في غاية الخطورة والأهمية، ولا شك أنه مقدمة لأحداث كبرى قد تضرب المنطقة وربما تعيد تركيبها.
إذا صحت التهديدات الأمريكية لإيران، وبدأ حلفاء أمريكا يعملون على الأرض لزعزعة استقرار إيران من الداخل بهدف تفكيكها، فهذا يعني أن أمريكا كانت قد نصبت فخاً لللإيرانيين عندما أعطتهم الضوء الأخضر للتغلغل في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وسمحت لهم باحتلال أربع عواصم عربية. إذا بدأ المشروع الأمريكي فعلاً باستهداف إيران من خلال حلفائه العرب، فهذا يعني أن أمريكا لم تكن تريد تسليم المنطقة لإيران كما أشيع في السابق، بل كي تستنزفها في حروب خارجية كي يسهل ضربها من الداخل لاحقاً. طبعاً كل هذا الكلام يبقى مجرد تكهنات حتى نرى كيف ستسير الأمور على الأرض قريباً.
لكن السؤال المطروح: لماذا لا ننظر كيف كانت نتيجة حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران؟ ماذا استفاد العرب من تلك الحرب؟ وماذا استفادت إيران؟ لقد تورط العراق والعرب في حرب مدمرة لم يستفد منها غير أمريكا والغرب، وانظروا حال العراق الآن وحال العرب بعد أن استنزفوا أنفسهم في حروب خارجية بغض النظر عمن كان المتسبب بها في المقام الأول، ألا وهو الخميني. لكن المهم في الأمر النتائج، والنتائج كانت كارثية على الجميع. هل ستنجح أمريكا في تفكيك إيران في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يتولى الإشراف عليه سايكس بيكو الأمريكي رالف بيترز؟ هل سينجح هذا المخطط؟ أو لنقل هل أمريكا تنوي فعلاً تفكيك إيران، أم إنها تريد فقط إشغال العرب والإيرانيين بعضهم ببعض كي تبيع السلاح للطرفين كما فعلت من قبل في الثمنينات بين العراق وإيران، حيث كانت تدعم صدام والخميني بالسلاح لاستنزاف بعضهما البعض وتفريغ الخزائن العربية من ملياراتها؟ هل إذا نجحت أمريكا في تفكيك إيران بالتحالف مع العرب سيترك الأمريكيون حلفاءهم العرب موحدين يا ترى، أم أنهم سيتفككون تلقائياً بفعل الحروب؟

٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]

هل نحن مقبلون على حرب خليج جديدة؟

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ماء مبلول:

    صح النوم كما يقولها السوريين .

  2. يقول سيلم الجزائر:

    لنكن صرحاء صدام هو الذي مزق اتفاق الجزائر وبدا الحرب ظنا منه ان ايران في موقع ضعف ايران لم تكن في وضع يسمح لها ببداية الحرب ولكن بدايتها فرضت عليها

    1. يقول القعقاع البغدادي:

      ياسليم عندما يصلوك اصحاب المتعه والمذهب الشيعي معهم لعقر دارك ستعرف فضائل صدام ولماذا شن الحرب على ايران او بالاحرى واصدق لماذا شنت الحرب ايران على العراق

  3. يقول علي بن عباس. تونس:

    الهدف الآجل بيع السلاح للخليجيين وإبقائهم في الغرفة اﻷمريكية.
    ثانيا طمأنة إسرائيل والحل محلها في إدارة شؤون المنطقة.
    ثالثا، الحؤول دون إي أطماع إقليمية أو دولية للولوج إلى المنطقة
    ………………………………………………………………………………………
    التهدبد اﻹيراني للخليج هو الذي يجعل اﻷهداف السابقة ذات معنى

  4. يقول Passer-by:

    صدقت يا دكتور فيصل، مع مجيء ترامب هناك أمور مريبة تحصل في الشرق الأوسط وبدأت حركة محمومة للأمريكان ساسة وعسكريون. وكما يقول المثل : “من عيالهم تعرف أسرارهم” أي من عيال الأمريكان في المنطقة تعرف أسرار أمريكا. مثلا كتبت في تعليق سابق منذ يومين وقد نشرته القدس العربي مشكورة قلت فيه أنه مع زيارة ترامب للسعودية وبشكل مفاجيء وجهت السعودية دعوة لقادة بعض الدول العربية والأسلامية لحضور قمة في الرياض مع الضيف الأمريكي الكبير!! تذكرنا هكذا قمم بدعوة من السعودية بالذات بأن السعودية تطبخ مع أمريكا أمراً جلل وليس من الصعب التكهن بماهيته إذا علمنا أنه في ظروف مشابهة جداً تم غزو العراق (2003) واليمن (2014) إذا لا بد أن هناك حرباً شرق أوسطية مقبلة ولا بد أن الهدف هذه المرة إيران -إن شاء الله!!- سيما وأن السعودية أوعزت مؤخراً لحليفها الباكستان بمناوشة عبر حدود إيران الشرقية كما أنه استضافت الرئيس التركي ووعدته بعقود عسكرية سخية كما وأنها تحاول ترطيب الأجواء مع النظام العراقي وبالتالي مع وصول ترامب إلى السعودية ودعوة بعض الحكام العرب والمسلمين لحضور الإجتماع تكون حلقة التحضيرات السياسية قد اكتملت وعندما يعود ترامب إلى بلده سوف يوعز لجنرالاته بالتحضير للحرب، و كل رئيس أمريكي جديد وأنتم بحرب! ومن عيالهم تعرف أسرارهم! وإن غداً لناظره قريب!

    1. يقول جمهورية الكنغو:

      جميل ماقلت ياستاذ ..

  5. يقول مغربي:

    فهل بقي في العرب ما يتوحد ؟ إنهم كالزئبق المنثور !!

  6. يقول ايران هي الاكثر هشاشة من الجميع ولذلك تترك للمشهد الاخير:

    شو هالحكي يا د. وانت على حد العلم عشت في بريطانيا وهلا ” رايح عالحج والناس راجعة ” .. اقصد كل هذا الوقت ولم يخطر ببالك ان اللعبة اكبر من اشباه الدول هذه، الم تقرأ مذكرات شوارسكوف قائد القوات الامريكية في العراق وهو يقول ان سيناريو الحرب على العراق كان مبوبا بالأساس على ايران.
    الشرق بشاكلة سايكس بيكو وبالاجمال لايتماشى البتة مع انطلاقة الالفية الثالثة بل ويعيق مسيرتها في منحى الاحرار الجدد في النظم الاقتصادية السياسية وانظر الى مخطوطة السير ومنظومته بدءا من البيت الأمريكي.
    فلا تراهن على استقرار أي دولة عربية كانت حتى وان كانت خليجية واترك ” جعجعة ” المسؤوليين في بلاد العجب والصيام في شهر رجب ” فهم ” أخر من يعلم، بل وللاضحوكة معلوماتهم مستمدة من المكاتب الإعلامية لسفارات بلادهم في الخارج والتي تعتمد ما يأتي في صحف البلد الصادرة، وكما نعلم ان الصحف وضعت في أمريكا طوال الحملة الانتخابية التصويت باحصائياتها نحو كلينتن .. وفاز ترامب. بل وفي فرنسا كانت لوبين على راس الاحصائيات وفاز ماكرون وقبلها بهولند بالمثل وسيلحقها في المانيا وهذا التغيير الجذري الذي نشهده هو بمثابة الثورات السلسة وهو أيضا علاج الاوجاع التي تُمنى بها تلك الدول.
    ولايغرنك ” الحكي الفاضي ” هنا وهناك … فخط السير طويل والتغيير حاصل لامحال وهذه المرة بفرقعة ايران الأكثر خصوبة وهي كانت ستحصل لولا استنزافها عام 2009 في عشية الربيع او الوحل العربي، ورب إشارة تُمكن الملاحظة بدقة الا وهي محاولة زج احمدي نجاد في الانتخابات مؤخرا كما حصل أيام جمهوريي بوش الابن، لكن ابعاده بل لجمه وبسرعة ووضعه جانبا يعني انه لم يعد الحاجة لاستنزاف الوقت فالامور اقتربت وبمجرد ما “يطب ” مرشدهم تبدأ الحكاية .. حيث ايران تأكل بعضها اليـــــــــــــــــــــــــــــــــــوم ولايمكن تصور الخليج هادئا وفيه مخزون بشري كبير لإيران نسق أيديولوجيا على مدى 40 بفضل حافظ الأسد لعنة الله عليه … وكل ما رايناه في العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر وتونس كان بمثابة التجييش للمشاهد المقبلة …. فقل الله يستر

  7. يقول محمد محمود:

    مبروك عليك العود(الفرس) يا سيد فيصل

  8. يقول غادة الشاويش -المنفى:

    لا شك ان المنطقة مقبلة على تحولات كبرى اجندة ترمب اسرائيلية بامتياز وما سيحدث سيكون كبيرا فاجتماع ترمب مع قيادات عربية يمهد لتوسيع تحالف ما ويحضر لامر ما حزب (الله ) انتهى امره في الوحل السوري وسيتم اغراقه اكثر وهو من اختار ان يكون جيشا طائفيا اقليميا واصبحت اجندة طهران التوسعية هي مهمته وتحول الى ميليشيا لتفريخ الفتن واحتلال الدول وحماس قريبا ستتلقى ضربة لانهاء وجودها في القطاع وفرض تسوية على الفلسطينيين وايران ستضرب ضربات جراحية على منشاتها النووية وسيتم اسقاط النظام الايراني وهذا واضح تماما من عودة منظمات خلق وغيرها وربما فتحت جبهة حرب عصابات متبادلة من باكستان وافغانستان والمنطقة مقبلة على زلزال كبير جدا لا اتوقع ان يبقي حجرا على حجر

    1. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

      بالفعل أختي غادة هذا السيناريو لبس بعيدا عن الواقع فغامرات ترامب تبدو واضحة وللأسف نحن لم نتعلم وأقصد بذلك أو إيران وحزب الله والنظام السوري أولاً وبالطبع بقية الأنظمة العربية.

  9. يقول صلاح عمان:

    عجبا من مقولة ان هناك عداءا بين امريكا وايران ! انما هو خلاف على الغنائم وتوزيع ادوار لا اكثر والشواهد كثيرة منذ النظرية العتيدة ،،الاحتواء المزدوج ،،وما تبعها من كوارث جلها على رأس العرب

  10. يقول سامح //الأردن:

    *لا أتوقع حصول حروب ضخمة
    في منطقة الخليج وكله تهويل وتضخيم
    لشفط (المليارات) من دول الخليج العربي
    سلام

1 2 3 4

اشترك في قائمتنا البريدية