باريس ـ «القدس العربي»: عاد الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند إلى مجلس الشيوخ في فرساي واثقاً بنفسه. حيث ألقى خطاباً حازماً تضمن سلسلة إجراءات، فتحت النقاش طويلاً منذ صباح أمس في فرنسا حول «السياسة القادمة» للتعديل الدستوري الذي تتضمنته حزمة أولاند «الجديدة»، والتي تشمل تمديداً لحال الطوارىء، وتعديلاً يسمح بتوسيع مروحة اسقاط الجنسية الفرنسية عن المدانين باعتداءات إرهابية.
ويهدف اقتراح التعديل إلى قطع الطريق على اليمين الفرنسي، وشق صفوفه من خلال وضعه في موقف صعب سياسياً من جهة، والأخذ بعين الاعتبار الرأي العام الذي يؤيد بنسبة مرتفعة اقتراحات كهذه، خاصة بعد هجمات باريس، وازدياد عدد الملتحقين بالجماعات الإرهابية في سوريا من أصول فرنسية.
ويراهن أولاند على انقسام اليمين حول المشروع. وفي الوقت عينه فهو يحتاج لقسم من اليمين والوسط لإمراره أمام مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، إذ يحتاج التعديل الدستوري إلى 3/5 من الأصوات، أي إلى 555 صوتاً من أصل 925، إذا صوّت الجميع.
وسلك «مشروع القانون الدستوري لحماية الأمة» طريقه الرسمي بعد تسجيله في رئاسة الجمعية الوطنية في 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهو تقنياً يقع في مادتين، الأولى تتعلق بحال الطوارئ، تتم إضافتها تحت الرقم 36-1 بعد المادة التي تحمل الرقم 36، والثانية تتعلق بالجنسية، يتضمن استبدال البند الثالث من المادة 34 ببند جديد، وإضافة بند آخر بعده تماماً.
ويشمل التعديل شقين: الأول توسيع وتبسيط شروط فرض حالة الطوارئ في فرنسا، لتشمل الحالات التي لا تنص عليها المادتان 16 و36 لدستور الجمهورية الخامسة (4 تشرين الأول 1958)، المتعلقتان بحالة الطوارئ وحالة الحصار تباعاً. إذ تتطلب الأولى شروطاً متعلقة بانقطاع في العمل المنتظم للسلطات العامة الدستورية، فيما تتطلب الثانية خطراً داهماً ناتجاً عن حرب خارجية أو عصيان مسلح. وهو ما يعكس اهتمامات المرحلة التي حكمت وضع دستور 1958، خاصة أحداث الجزائر وحالة عدم الاستقرار التي انعكست على فرنسا القارية نفسها.
أما الشق الثاني من التعديل الدستوري فهو أكثر إشكالية، إذ يتعلق بـ«دستورية» إسقاط الجنسية الفرنسية عن فرنسيين بالولادة، بعدما كان هذا الإجراء يشمل الفرنسيين بالتجنيس فقط. عملياً، فإن إسقاط الجنسية الفرنسية إجراء تنص عليه المادة 25 من القانون المدني وتحصره بالمجنسين، وهو مشروط بأن يكون الشخص يحمل جنسية أخرى.
وتحدد المادة 25 المذكورة شروط نزع الجنسية عن الفرنسي بالتجنيس، وهي :الجرائم التي تشكل تعدياً على المصالح الأساسية للأمة، أو أعمال الإرهاب، والاعتداءات على الإدارة العامة من قبل أشخاص في موقع الوظيفة العامة، والتهرب من الموجبات الواقعة على عاتق الشخص والناتجة عن قانون الخدمة الوطنية، وإذا قام الشخص بأعمال لصالح دولة أجنبية لا تتطابق مع كونه فرنسياً ومضرة بمصالح فرنسا.
في حالة أخرى وحيدة ينص البند السابع من المادة 23 من القانون المدني، على أن الفرنسي الذي يتصرف كمواطن في بلد آخر يحمل جنسيته، يمكن اعلانه كفاقد للجنسية الفرنسية بناء على مرسوم وبعد أخذ رأي ملزم من مجلس شورى الدولة. كما ويمكن للفرنسي الذي اكتسب جنسية أخرى طلب إسقاط جنسيته الفرنسية عنه بفعل إرادي.
صهيب أيوب