الخرطوم ـ أ ف ب: يجلس رجل الأعمال السوداني عمار سجاد خلف مكتبه في وسط الخرطوم ويتحدث بصوت متهدج عن احتجاز ابنه من قبل زملاء له في حرم الجامعة العام الماضي.
وابن سجاد البالغ من العمر 19 عاما يدرس هندسة الالكترونيات. وقد تعرض للضرب في غرفة صغيرة داخل مبنى الجامعة من قبل زملاء ينشطون في «الوحدة الجهادية»، كما قال الاب. واضاف «لا احد يستطيع الوصول لهذه الغرفة حتى الشرطة والأساتذة «.
وقد انشئت هذه «الوحدات الجهادية» في الجامعات السودانية قبل سنوات لدعوة الطلاب إلى التطوع للمشاركة في القتال أثناء الحرب بين شمال السودان وجنوبه التي انتهت في العام 2005 بتوقيع اتفاق سلام.
ويدعو مدافعون عن حقوق الانسان وقادة معارضون وناشطون إلى تفكيك هذه الوحدات التي يتهمونها بالوقوف وراء العنف في الجامعات.
وقال حسن الحسين القيادي في حزب المؤتمر الشعبي المعارض في اجتماع الاسبوع الماضي ان «هذه الوحدات الجهادية مسؤولة عن العنف في الجامعات ويجب إغلاقها».
وأكد عدد من الطلاب أن «الوحدات الجهادية» تستخدم لقمع تحركات المعارضين في الجامعات.
وقال أحد قادة طلاب المعارضة في جامعة أُم درمان الأهلية طالبا عدم كشف اسمه خوفا من توقيفه من قبل جهاز الأمن والمخابرات أن «الحرب الأهلية انتهت الآن لكن النظام ما زال يستخدم هذه الوحدات الجهادية لمهاجمة المعارضين من الطلاب».
وقال طالب معارض آخر من جامعة الخرطوم اكبر الجامعات السودانية أن «الوحدات الجهادية المدعومة من الرئيس (عمر) البشير وحزب المؤتمر الوطني (الحاكم) تستخدم لتخزين الأسلحة واحتجاز الطلاب المعارضين داخل الجامعات».
مخاطر في الجامعات
واحتج مئات من طلاب الجامعات السودانية مرات عدة ضد السياسات الحكومية بما في ذلك التعامل مع مناطق النزاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وكذلك من اجل المطالبة بإطلاق سراح زملائهم الذين يتم اعتقالهم أثناء تظاهرات.
وفي الأسابيع الماضية وقعت عدة اشتباكات بين طلاب جامعات سودانية وقوات الأمن بما فيها جامعتا الخرطوم وأم درمان. وقتل طالبان وجرح عدد آخر أثناء التظاهرات ما اجبر السلطات على تعليق الدراسة بعدد من الجامعات.
وبينما يحمل ناشطون «الوحدات الجهادية» وقوات الأمن مسؤولية مقتل الطالبين يتهم مسؤلون رسميون ومؤيدون للحكومة، أنصار الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة بالوقوف وراء قتل الطالبين.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير الشهر الماضي «هناك قلق بسبب تقارير تتحدث عن مجموعات طلابية تتبع للحكومة تساند قوات الأمن بالقضاء على المظاهرات بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية».
وقال خالد التجاني رئيس تحرير صحيفة ايلاف الاسبوعية «هناك تعاون بين الاثنين ومن الصعب التفريق بينهما». واضاف ان «وجود الوحدات الجهادية داخل الجامعات يعقد الوضع الأمني فيها».
ويشير خبراء إلى أن الوحدات الجهادية انشئت عقب وصول الرئيس البشير إلى السلطة بانقلاب عسكري في 1989. وقد عمل على تأسيس نظام حكم إسلامي كما استضاف زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامه بن لادن من 1992 إلى 1996.
وقال محمد الجاك الأستاذ بجامعة الخرطوم إن عددا من طلاب الجامعات قتلوا أثناء مشاركتهم في الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب. وأضاف «الآن يعتبرونهم شهداء».
وقتل حوالي مليوني شخص في الحرب الأهلية التي انتهت بانفصال جنوب السودان عن شماله في 2011 بموجب اتفاق سلام.
وقال التجاني الذي كان ناشطا خلال دراسته الجامعية أن «الحرب انتهت والوحدات الجهادية جلبت ميدان القتال للجامعات».
وعلى مر السنين تغير دور هذه «الوحدات الجهادية» كما يرى خبراء.
وقال ان هذه الوحدات «تعمل الآن لمساندة قوات الأمن»، موضحا ان «أعدادهم ليست كبيرة لكنهم منظمون بصورة جيدة ويدافعون عن النظام». وقاتل عدد من الطلاب في بعض مناطق الحرب مثل دارفور حيث قضى عشرات آلاف منذ بدء النزاع هناك عام 2003.
ونفى قيادي في الطلاب المؤيدين للحكومة أي دور لهذه الوحدات في العنف داخل الجامعات. وقال مصعب محمد عثمان رئيس الاتحاد العام للطلاب «الوحدات الجهادية تسيرها إدارة الجامعات وانشئت لغرض خاص».
وأضاف إن «دورها هو جمع الطلاب للجهاد ولا تتدخل في العمل السياسي في الجامعات».
ويرى احد الناشطين انه «طالما ان النظام يستفيد من هذه الوحدات فانها تظل غير محايدة».
وأكد رجل الأعمال سجاد الذي قاتل في تسعينات القرن الماضي ضد جنوب السودان إن «الجهاد كان أثناء الحرب الأهلية (…) أما الآن فليس هناك جهاد لذا لا نريد هذه الوحدات». وأضاف «لكن بعض أجهزة النظام تستفيد منها لذلك تريد الإبقاء عليها».