الرباط ـ «القدس العربي»: أفادت مواقع إخبارية وجرائد ورقية مغربية بتقدم وزير الداخلية المغربي بطلب إلى رئيس الحكومة يطلب منح حرمان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من صفة المنفعة العامة، وهو الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً في الصحافة الالكترونية، بالإضافة إلى إثارته نقاشاً كبيراً بين نشطاء حقوق الإنسان في المغرب. وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد حصلت على صفة المنفعة العامة في سنة 1998 في عهد حكومة عبدالرحمان اليوسفي.
واعتبر لارغو بوبكر رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، محاولة حرمان الجمعية من صفة المنفعة العامة أنه «إذا كان هناك مشكل مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هناك القضاء، الذي هو الجهة الوحيدة المعنية بالبث في مثل هذه الأمور وليس اتخاذ مثل هذه القرارات».
وعبر لارغو عن «رفضه المطلق لسحب صفة المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، مؤكداً في السياق ذاته على أن «صفة المنفعة العامة هي معنوية، فحتى الجمعيات التي تستفيد منها مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعاني من التضييق، في علاقة بالاستفادة من القاعات العمومية ومنع أنشطتها».
وحول ما إذا كان الأمر له علاقة بحراك الريف، قال لارغو إن «الجمعية غير متواجدة نهائيا في الحراك والدليل هو أن نشطاء الحراك لا يقبلون لا الجمعيات ولا الأحزاب، وبالتالي فالحديث عن أن الجمعية متواجدة في الحراك هو غير صحيح، كما أن التقارير الحقوقية حول الحراك شاهدنا أن ذلك جرى في إطار الإئتلاف المغربي للهيئات الحقوقية، ولم تقم به الجمعية وحدها لكي يكون ما جاء فيه سبباً لمحاولة سحب صفة المنفعة العامة، إن صح هذا الخبر بالفعل».
وقال محمد حجار الأمين العام للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، «إن الطلب الذي تقدم به وزير الداخلية لرئيس الحكومة بسحب المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هو تضييق على الجمعية، وتتمة لخطاب وزارة الداخلية التي كانت قد اتهمت في وقت سابق الجمعيات الحقوقية والمدنية بتهم باطلة من دون أن تقدم دليلاً مادياً».
ونقل موقع الاول عن حجار «هذا الطلب تضييق على الجمعية، وتتمة للخطاب الذي اتهم فيه الجمعيات سابقاً، وهو تراجع على السياسة الحقوقية بعد دستور 2011، مع العلم ان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لم تستفد من الامتيازات التي تحققها هذه الصفة والدليل على ذلك منعها من القاعات العمومية والتضييق على أنشطتها، وبالتالي فإن الجمعية تعتبر أن المنفعة العامة تتمثل في شعبيتها ونضالها الحقوقي المعروف من أجل حقوق الإنسان وترسيخها والتربية عليها، وفضح كل الخروقات المتعلقة بها».
وقال عبد الرزاق بوغنبور رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان «في البداية لا يمكن لي الا أن أدين مشروع القرار هذا، الذي كنا نتوقعه باعتبار أن الحركة الحقوقية عامة والجمعية المغربية لحقوق الانسان خاصة، تقض مضجع الفساد وتزعج المفسدين في المغرب، وبعد محاولات متعددة من أجل «فرملة» عملها عبر التضييق على الحق في التنظيم (رفض تسلم ملفات التأسيس والتجديد ـ منع الانشطة الجمعوية الحقوقية – الاعتداء على المدافعات والمدافعين على حقوق الإنسان ـ التشكيك في عملها عبر وسائل الإعلام العمومية الرسمية والصحافة المأجورة التابعة للأجهزة المخزنية)، بالإضافة الى الاعتداء على الحق في التظاهر السلمي المكفول قانونياً، رغم كل هذا وغيره لم تنجح هذه الاجهزة في الحد من فعالية الحركة الحقوقية وخاصة الجمعية المغربية لحقوق الانسان، وبالتالي اتجهت الدولة الى المرحلة الثانية وهي سحب صفة المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان، والأكيد أن الخطوة الموالية هي حل الجمعية».
وأكد «لنكن صرحاء فاليوم الجمعية وغداً العصبة واللائحة مفتوحة، لان الدولة لم تعد ترغب في تواجد جمعيات حقوقية ممانعة تشتغل وفق أجندة حقوقية واضحة وبمرجعية كونية». وقال نويهي محمد عن المرصد المغربي لحقوق الإنسان انه لا يمكن إلا أن ندين مشروع القرار لأنه من حيث المبدأ هذه الصفة نعتبرها صفة تمييزية، فإذا كان يجب إلغاؤها عنها، فيجب أن تلغى على كل الجمعيات باعتبار عموم الجمعيات لها دور داخل المجتمع بشكل متساوٍ فيما بينها.
واضاف نويهي أن هذا القرار انتقامي، في حين أنه كان على وزير الداخلية عوض اللجوء إليه، أن يلجأ إلى القضاء أو إلى تحريك المساطير الجاري بها العمل لإثبات أو نفي ما جاء في التقرير. واعتبر رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج أن أحد الأسباب التي جعلت لفتيت يستأنف مخططه تجاه الجمعية، والذي كان قد بدأه عندما كان والياً للعاصمة الرباط، هو المواقف المشرفة التي اتخذتها الجمعية تجاه «حراك الريف»، وفضح الانتهاكات التي تقوم بها الدولة اتجاه الحراك والنشطاء في منطقة الريف. واعتبر أن «وزارة الداخلية تحاول تبرير قرارها بسحب صفة المنفعة العامة عن الجمعية، بسبب مؤازرتها لمعتقلي اكديم ازيك، وهنا نتساءل كيف تعتبر السلطات المغربية أنهم انفصاليون ولهم مواقف سياسية، في حين تتم متابعتهم بكونهم ارتكبوا أفعالاً جرمية».
وقال الحقوقي عبد العزيز النويضي ان هذه المبادرة البئيسة تنم عن استخفاف كبير بالمصالح الحقيقية للدولة المغربية كونها استمراراً لسياسة بدأت مند سنوات وأضاف أن منح صفة المنفعة العمومية للجمعية والمنظمة كان قراراً صائباً وتم التنويه به دولياً وحسب في رصيد المغرب. واضاف ان الجمعية لحقوق الإنسان بصفة خاصة تعرضت في السنوات الأخيرة لعدوان متكرر ومخالف للقانون بدون رادع رغم بعض الأحكام القضائية التي أنصفتها دون أن تعرف طريقها للتنفيذ. هذه الجمعية التي منحت تكريماً عالمياً أي جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في شخص رئيستها السابقة السيدة خديجة الرياضي ما فتئت تتعرض للهجومات الغاشمة: فقد تم رفض منح وصل التصريح لعدد من فروعها ومنعت العشرات من انشطتها ، وتم اقتحام مقرها بالعنف والاعتداء بالضرب على مناضلاتها ومناضليها فصمدت وبقيت ملاذاً للمضطهدين.