الخرطوم ـ «القدس العربي»: تصاعدت وتيرة الأحداث العسكرية في العاصمة السودانية الخرطوم بعد إعلان عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ياسر العطا قبل أيام الاستعداد لفك الحصار عن مقر القيادة العامة للجيش وسط المدينة، حيث تجدد المواجهات في سلاحي المدرعات والإشارة، مع تزايد الهجمات الجوية لطيران الجيش وتبادل القصف المدفعي.
وبالتزامن دعا الاتحاد الافريقي طرفي الحرب في السودان إلى وقف إطلاق النار، وأعلن تشكيل آلية جديدة برئاسة الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني لترتيب لقاء بين البرهان وحميدتي دون تأخير.
وتستمر منذ ثاني أيام عيد الأضحى المواجهات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، وقالت مصادر عسكرية لـ«القدس العربي» إن الجيش نجح في صد موجات هجوم شنتها الدعم السريع من خلال استخدامه للطيران المسيّر بالإضافة إلى المدفعية الموجهة من قاعدة وادي سيدنا شمال أمدرمان.
وأشارت المصادر إلى اشتداد المواجهات اليومين الماضيين في أحياء (اللاماب والرواد) شمال المدرعات، مشيرة إلى تدمير عدد من الآليات الحربية التابعة لقوات حميدتي ومقتل وإصابة عدد من عناصرها.
ويذكر أن موجات الهجوم الحالية التي تنفذها قوات الدعم السريع على سلاح المدرعات هي الأولى من نوعها منذ أشهر، وتأتي حسب خبراء عسكريين كخطوة استباقية لثني جنود المدرعات عن التقدم، والتوسع شمالا وقطع الطريق أمام أي احتمال لعبور قوات الجيش من أمدرمان إلى وسط الخرطوم.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان العام الماضي، استطاعت قوات الجيش في منطقة الشجرة العسكرية والتي تضم سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة الصناعي التصدي لأكثر من 95 هجوماً من قبل الدعم السريع كان أعنفها في شهر أغسطس/آب العام الماضي.
إنزال جوي في مقر القيادة
أما في مدنية الخرطوم بحري شمال العاصمة، فكشف شهود عيان عن تصاعد أعمدة الدخان جراء اندلاع حريق ضخم في محطة كهرباء الشهيد محمود شريف الحرارية، في حين سُمعت أصوات الاشتباكات في منطقة سلاح الإشارة والأحياء المتاخمة لها جنوب المدنية.
وتعد المحطة من أكبر المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء في السودان، ومنذ الأشهر الأولى للحرب اتخذتها الدعم السريع مستودعا لتخزين الذخائر والمركبات القتالية، وسبق أن اندلعت حرائق مشابهة في المحطة أدت إلى خروجها من الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من مدينة الخرطوم بحري.
وفي سياق متصل، قال مصدر ميداني لـ «القدس العربي» إن عمليات القتال بين الجيش والدعم السريع مازالت تدور في الدفاعات المتقدمة لسلاح الإشارة دون إحراز أي تقدم يُذكر رغم استخدام الطرفين للمدفعية الثقيلة.
وأكد المصدر نجاح طيران الجيش في عملية إنزال جوي لإمداد حربي ولوجستي لقواته المتواجدة في مقر القيادة العامة وسط الخرطوم، كذلك في شن غارات مباغتة على قوات للدعم في مصفاة الجيلي أقصى شمال الخرطوم وفي أحياء «أمبدة» غربي مدينة أمدرمان.
ونشرت صفحات موالية للجيش في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة توثق لعمليات انتشار في شارع الجامعة ومناطق أخرى وسط الخرطوم بالإضافة إلى فيديوهات تمشيط يقوم بها الجنود على جسر النيل الأزرق الحديدي الرابط بين مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري وبين القوات المتواجدة في قيادة الجيش والأخرى التي تقاتل في سلاح الإشارة ومقر الأمن السياسي التابعة لجهة المخابرات بالصفة الشرقية.
ويشار أن احتدام المواجهات في عدد من النقاط العسكرية بالعاصمة وتمدد الجيش حول مقر قيادته العسكرية، جاءت أعقاب تصريحات أدلى بها عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا في خطاب معايدة للضباط والجنود بمنطقة أمدرمان العسكرية والتي أكد من خلالها أن الجيش طوّر قدراته أضعافا مضاعفة وأصبح أفضل حالاً مقارنة لما كان عليه الوضع عند بداية الحرب. وأعلن العطا، إكمال كافة الاستعدادات للتحرك في القريب العاجل صوب مقر القيادة العامة بالخرطوم والالتقاء بالجنود الصامدين هناك.
وفي قراءة ميدانية قال الضابط السابق في المعارضة السودانية، حسام ذوالنون لـ «القدس العربي» إن قوات الدعم السريع في الخرطوم أصبحت تقاتل في شبه جزر معزولة عن بعضها البعض بسبب الاستراتيجية والتكتيك الذي اتبعه الجيش خلال الفترة الماضية والعمليات النوعية في مختلف المناطق والطلعات المستمرة للطيران الحربي وعمليات الطيران المسيّر، والتي في مجملها أضعفت القدرات القتالية للدعم السريع بصورة كبير للغاية وجعلته يفقد القدرة على تحقيق أي انتصارات عسكرية أو تشكيل خطر عسكري على أي منطقة.
واستدل بالهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع على سلاحي المدرعات والإشارة مبينا أنها نفذت خلال الأسبوع الماضي فقط أربعة على كل منهما وباءت بالفشل الذريع ومنيت بخسائر فادحة في الأرواح والمعدات كما أنها عجزت خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن كسر الحصار المضروب على قواته في منطقة شمال بحري.
ورأى أن قوات حميدتي توجه نقصا حادا في الغذاء والإمداد العسكري، والوقود مما يحد كثيرا من قدراتها على اعتراض أي عمليات قتالية يمكن أن يقوم بها الجيش.
وجزم بعدم وجود موانع الآن كما كانت في فترة سابقة من وصول أليات الجيش إلى منطقة القيادة العامة لكنه عاد وأكد أن المعركة ستكون شرسة باعتبار أنها تهدد وجود الدعم السريع في مدينة الخرطوم وشرق النيل بصورة كاملة تؤدي إلى الاطباق عليهم.
وتجدر الإشارة إلى أن مقر القيادة العامة الواقع في قلب الخرطوم شهد معارك توصف بأنها الأعنف من نوعها في الأيام الأولى للحرب، إذ شنت قوات الدعم السريع هجمات بأكثر 400عربة مقاتلة متكاملة التسليح على مقر إقامة البرهان وقيادة الأركان لكن تصدت لها قوات الجيش المتواجدة هناك.
غارات في الفاشر
وفي التطورات العسكرية في ولاية شمال دارفور غربي السودان، نفذ الطيران الحربي التابع للجيش غارات جوية، صباح أمس الأحد، على تجمعات للدعم السريع شرق مدينة الفاشر التي ردت بالمضادات الأرضية قبل سماع أصوات دوي البراميل المتفجرة.
وفي سياق متصل، نفى مجلس الصحوة الثوري السوداني بقيادة موسى هلال ما تداول عن مشاركة قوات المجلس العسكرية في المعارك إلى جانب قوات الدعم السريع. وقال المجلس في بيان إن موقفه المعلن المنحاز والداعم والمساند للدولة السودانية وقواتها المسلحة ثابت ومبدئي لا نكوص فيه ولا تراجع عنه».
وتفيد بعض المعطيات، أن مجموعات منشقة من مجلس الصحوة هي من قادت هجوما على قوات الحركات المساندة للجيش قرب الحدود مع ليبيا وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد.
النزوح من مدينة الفولة
أما في مدينة الفولة في ولاية غرب كردفان، فأكد سكان محليون لـ «القدس العربي» أن موجات النزوح مازالت مستمرة عقب سيطرة الدعم السريع على المدينة. وأفادوا أن قوات الدعم استباحت المدينة وقامت بأعمال نهب واسعة للممتلكات العامة والخاصة، فيما اتهمها القيادي في الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير، مبارك أردول بتصفية أكثر من 40 من أبناء جبال النوبة من موظفي الخدمة المدنية هناك. والخميس، أستولت قوات حميدتي على مدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان بعد معارك لم تستمر طويلا قبل انسحاب الجيش إلى مقر قيادة الفرقة 22 في منطقة بابنوسة.
وعن ذلك يقول الضابط السابق حسام ذو النون: «إن هجوم وسيطرة قوات حميدتي على الفولة جاء بدعم مجموعات إثيوبية مقاتلة لم تتأكد هويتها بعد كما ظهر في الفيديوهات التي نشرها منسوبو الدعم السريع، ويأتي في إطار التغطية على الهزائم التي تلقتها في ولاية شمال دارفور وانكسار قواتهم في أكثر من محور».
وأضاف: «السيطرة على مدينة الفولة لا تحقق أي أهداف إستراتيجية للدعم السريع على الصعيدين العسكري والسياسي، وما هي إلا محاولات إعلامية للتغطية وصرف الانظار عما يجري في شمال دارفور. وعلى الرغم من أن الفولة هي حاضرة ولاية غرب كردفان، الا إن الوجود عسكري فيها محدود للغاية مقارنة بالمناطق الأخرى في الولاية ذاتها. لكن خطورة هذه الخطوة تتمثل في استعداء المكونات المجتمعية بالولاية نفسها وولاية جنوب كردفان حيث إن مدينة الدلنج تقع شرق الفولة، وتوجد في شمالها عاصمة قبيلة الحمر والتي لديها موقف مناوئ للدعم السريع، وهو أمر سوف يعتبرونه تهديدا مباشرا لمناطقهم في كل من النهود وغبيش وغيرها».
وتابع: « الاعتداء على الفولة سوف يقود الى انقسام مجتمعي كامل في ولاية غرب كردفان على وجه العموم، وداخل مجتمع قبيلة المسيرية، وعلى وجه الخصوص بين المسيرية الحمر والمسيرية الزرق، بالإضافة إلى أنه أتاح الفرصة لقيادة الفرقة ٢٢ بابنوسة لتوسع مناطق سيطرتها، مما ينقلها من حالة الدفاع إلى موقع الهجوم في المستقبل المنظور». وتتقاسم الدعم السريع مع الجيش السيطرة على ولاية غرب كردفان، ويسيطر الجيش على منطقة بابنوسة التي تتواجد فيها قيادة فرقته العسكرية في الولاية فضلا عن مدينة (النهود) وبلد (الأضية) وعدد من مواقع النفط الاستراتيجية.
مطالبة وقف إطلاق النار
سياسيا، طالب الاتحاد الأفريقي الأطراف المتحاربة في السودان بوقف القتال فورا وإعطاء الأولوية لمصالح السودان وشعبه.
وأدان بشدة الحرب الجارية وتأثيرها السلبي على الشعب السوداني والمنطقة والانتهاكات لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي. وفي بيان أصدره عقب اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن الأوضاع في السودان، أعرب الاتحاد عن قلقه البالغ إزاء تردي الوضع الإنساني الكارثي غير المسبوق، والقتل العشوائي للمدنيين الأبرياء، والتدمير العشوائي للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومحطات تنقية المياه وتوليد الكهرباء، وكذلك منشآت البعثات الدبلوماسية. وشدد البيان على أهمية حماية الدولة السودانية ومؤسساتها وشعبها، مؤكدا أنه لا يوجد حل عسكري مستدام للصراع، وأن الحوار الشامل الحقيقي فقط يمكن أن يؤدي إلى حل مستدام للوضع الحالي. وأوضح أن وقف إطلاق النار المقبول لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الفاعلين الرئيسيين في الحرب، مشيرا إلى توجيه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لإنشاء لجنة رئاسية خاصة في مجلس السلم والأمن تضم رئيس دولة وحكومة من كل منطقة من مناطق القارة برئاسة يويري موسيفيني، رئيس جمهورية أوغندا، لتسهيل التواصل المباشر بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، في أقرب وقت ممكن.
ودعا الاتحاد الأفريقي كلا من رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف ب(حميدتي) إلى الاجتماع تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيقاد» دون تأخير.
وسبق، أن دعت منظمة إيقاد ـ قبل تجميد عضوية السودان فيها ـ إلى عقد لقاء مماثل بين البرهان وحميدتي في يناير/ كانون الثاني العام الجاري لكنه فشل لعدم تمكن قائد الدعم السريع من الحضور لـ «أسباب فنية».
وقال الكاتب والمحلل السياسي قرشي عوض لـ«القدس العربي»: إن الضغوط الإماراتية من ناحية تجميد الأموال، والأمريكية من ناحية التهديد بعقوبات جديدة خاصة على الدعم السريع، كفيلة بإتمام اللقاء المرتقب الذي وصفه بأنه يهدف إلى «شراكة الدم» وتقاسم السلطة مجددا.
شيء محزن جدا جدا وعبث ما يحدث من ازهاق ارواح مسلمين على الأيدي النجسة للذين يدعون أنهم مسلمين وكلاهما يدعي أنه على حق وهم باطل في باطل بالثلاثة ولا يتقون الله في الناس ويتناسون ما ينتظرهم من يوم عبوس قمطرير طويل.
من مبكيات القدر ان هوءلاء المتقاتلين المجرمين خونة الامة السودانية، هم ورثة اشرف جنرال عربي يشهد له تاريخ العرب من المحيط إلى الخليج انه الجنرال الشريف الوحيد الذي تخلص من طاغية ثم سلم الحكم زهدا وطوعا لغيره فيم لم يحدث من قبل في التاريخ الاستعرابي لا القديم ولا الحديث.
رحم الله عبد الرحمن سوار الذهب.
ولك الله يا شعب السودان المغلوب على امره.