صديقي الإخواني هاني صلاح الدين

حجم الخط
2

نعم هو صديقي، نعم هو اخواني، اسمه هاني صلاح الدين. من اعز اصدقائي. كان يحبني من كل قلبه وانا كذلك. من افضل من عملت معهم. فقد كان صاحب فضل كبير في بناء المشروع العظيم لموقع اليوم السابع الإلكتروني. عندما كنت مديراً لتحريره، كان رئيساً للديسك. رغم الخلاف الأيديولوجي العميق بيني وبينه لم يحدث ان اختلفنا مهنيا. كما لم يحدث ان كان منافقاً أو كذاباً، لكنه طوال الوقت كان يعمل بإخلاص وكفاءة، شجعت صديقي واخي خالد صلاح رئيس التحرير لترقيته ليكون مدير تحرير الموقع الإلكتروني.
بالطبع كنا دائمي النقاش والشجار السياسي، بل شهد موقع اليوم السابع سجالاً سياسياً وفكرياً واحيانا دينياً بيني وبينه. وهو السجال الذي رحب هاني، وهو الإخواني، أن اضمنه كتابي ‘زوال دولة الإخوان’، الذي صدر في حكم الإخوان عندما كان محمد مرسي رئيساً لمصر.
ارجو ألا تندهش، أو تتسرع بكيل الاتهامات، فهناك اخوان جيدون واخرون سيئون مثل كل خلق الله جل علاه. وهناك اخوان ارهابيون واخرون ضد العنف والقتل وغيرها من الجرائم التي يمكنك ان تصفها بانها ضد الإنسانية. فلا توجد جماعة بشرية أياً كانت يمكننا أن نصفها ‘كلها على بعضها’ بأنها كذا وكذا. فهذا ضد العقل وضد الإنسانية.
بالضبط كما لا يمكنني أن اصف كل مؤيدي السيسي بأنهم منافقون ويبحثون عن ‘غنيمة’ أو يريدون استعادة دولة الاستبداد. لا يمكنني اعتبار كل مؤيدي الرجل من صحافيين واعلاميين كذابين ومنافقين لأنهم يصمتون اليوم عما كانوا يدافعون عنه بحراره بالأمس.
من المهم أن اذكر أنه من الصعب اتهامي من ‘زعيقة وهتيفة’ هذه الأيام، بأنني مناصر للإخوان. فمواقفي يمكنك معرفتها بوضع اسمي على محرك البحث ‘غوغل’. وبسبب ذلك نالني الكثير من الأذى ليس فقط من الإخوان وحلفائهم، ولكن ايضاً من بعض الذين يتربعون هذه الأيام على عروش السياسة والصحافة والإعلام. في الغالب هم الذين سيهاجمونني بشراسة ويخونونني لأنني اكتب عن اخي هاني صلاح وعن كل المظلومين، رغم أنهم أكلوا من خير الإخوان. فقد كان التنظيم الإخواني الفاشي يدعم صحفهم بشراء الاف النسخ. وكانوا يقيمون التحالفات السياسية معهم، ويصلون الى عضوية مجالس نقابات وغيرها، ويصلون الى كراسي برلمان وغيرها وغيرها عبر دعم اخواني معروف.
من حسن حظ مصر أن كتاباتهم حول ‘الفصيل الوطني’ يقصدون الإخوان، موجود على شبكة الإنترنت وفي ارشيف الصحف بالمجلس الأعلى للصحافة، وفي كتبهم بدار الكتب. وفي لقاءاتهم التلفزيونية على اليوتيويب. وارجو ألا يتبرع منهم واحد ويقول انهم اكتشفوا أن الإخوان شياطين بعد كذا وكذا. فالحقيقة المرة هي أن كل ما فعله الإخوان بعد ثورة يناير كانوا يفعلون مثله قبلها. والحقيقة المرة ايضاً أن كل ما فعلوه عندما كانوا يحكمون مصر، موجود في بعض ادبياتهم ولم يكن في الأمر أي تغيير أو مفاجأة، بما فيه التكفـــير والدعوة الضمنية للعنف.
التغيير الوحيد هو أن المصالح تغيرت، وتغيرت من بعدها الولاءات. تغيرت مصالح من تحالفوا معهم وتغيرت ولاءاتهم. فقبل ثورة 25 يناير كانت المكاسب ليست قليلة من معارضة مبارك ‘عمال على بطال’ وفي التحالف مع خصومه، خاصة الإخوان. وبعد 3 يونيو/حزيران اصبح هؤلاء جزءًا من السلطة، أو في حضنها، ينعمون بما كانوا لم ينالوه في عهد مبارك. فربما كان الأمر ليس أكثر من انهم كانوا يريدون الجلوس على مقعد مبارك ومن بعده مرسي. وها قد تحقق المراد، ويبررون اليوم كل الجرائم، فكل شيء مباح لكي يبقوا في السلطة الى الأبد. ليست هناك مشكلة كبيرة الآن في القتل والسجن والتعذيب والانتهاكات المروعة. وهم انفسهم الذين كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لو حد ‘داس على طرف’صحافي أو ناشط سياسي ايام مبارك وايام مرسي.
لكن لماذا اكتب عن هاني صلاح الدين؟
ليس فقط لأنه صديقــــي واخي، ولكن ايضاً لأسباب كثيرة. اولها أنه مسجون ومثله آلاف ظلماً. ليس فقط من الإخوان، ولكن من كل الأطياف السياسية، بمن فيهم حلفاء شاركــــوا في ثــــورة 30 يونيو وما بعدها. هاني لم يحمل سلاحاً ولا مولوتوفا.
تهمته هي نشر اخبار كاذبة تثير الرأي العام. وهي كما يعرف القارئ الكريم تهمة مطاطة، كان يستخدمها الرئيس الأسبق مبارك ضد خصومه، واستخدمها من بعده من حكموا مصر وصولاً الى من يحكمون الآن. ثم اننا لو طبقنا على الجميع تهمة التحريض ونشر اخبار كاذبة واثارة الرأي العام، فسوف يجلس بجوار هاني في السجن الكثير من السادة الزعماء (مذيعين وصحافيين وإعلاميين وسياسيين) المنتشرين الآن يقذفون رؤوسنا بأكاذيب وافتراءات ‘وطنية’، ويحرضون على القتل وعلى الديكتاتورية وعلى خراب البلد، ويبررون الآن ما كانوا يشنون حرباً ضارية ضده في الماضي.
السبب الثاني أنني كنت اتمنى ألا يصل الأمر بهاني وكثير من قادة الإخوان وشبابهم وقطاع كبير من الإسلاميين الى هذا الطريق المسدود. فقد كان عليهم بعد الثورة وبعد وصولهم للحكم أن يتخلوا الى الأبد عن التنظيم السري الدولي (كتبت وقلت هذا في وجودهم في الحكم، عندما كان ينافقهم البعض ويصمتون). الأمر الثاني أن يدركوا سلمياً أن مشروعهم لدولة دينية مستحيل. وانهم مجرد شريك صغير في الوطن. واذا وصلوا الى الحكم، فمهمتهم هي ادارة الدولة بكفاءة، وليس خطفها. ليست مهمتهم اعتقال المصريين داخل مشروع فاشي ديكتاتوري بغطاء ديني.
كما كنت اتمنى بعد الإطاحة بالإخوان في 30 يونيو، وكنت مؤيداً ومشاركا فيها، أن يدعوا من تولوا حكم البلد الى انتخابات رئاسية مبكرة، يشارك فيها الإخوان وغيرهم، يتلوها دستور جديد وانتخابات برلمانية.. الخ.
لكن كلا الطرفين شد الحبل حتى نهايته، ووصلنا الى ما نحن فيه الآن. عصف واستبداد في مواجهة الإخوان بالحق وبالظلم. وعصف بكل من يختلف مع من يحكمون الآن. وتبرير للاستبداد والظلم وقتل المصريين في الشوارع بلا رحمة. الإخوان وحلفاؤهم على الجانب الآخر، بعضهم يبرر العنف والإرهاب ويدعو اليه. لا يريدون الاعتراف بالهزيمة السياسية وان عليهم اعلان موقف حاسم من الإرهاب والعنف والعودة مرة اخرى الى حلبة السياسة بدون تنظيم سري وبدون طلاء ديني.
لا أظن أنهم سيفعلون. ولا اظن أن من يتلون حكم مصر الآن ‘وبعد شويه’ سيفتحون مساراً آمناً لمن يريد الاندماج في الدولة المصرية. فكل المؤشرات تؤكد أنهم يريدون اعادة انتاج الاستبداد ‘بطلاء وطني’. وأظن أنك مثلي تكره الاستبداد أياً كان الطلاء، بكاب أو ذقن أو بدلة وجرافته.
فليس هناك استبداد حلال واخر حرام.. كله حرام.
وحرام بقاء هاني صلاح الدين وكل مظلوم في السجن. حرام قتل أي بريء .. فمصر يجب أن تتسع لنا جميعاً. مثلما اتسعت تجربة اليوم السابع العظيمة لي ولهاني ولكل المصريين.
كاتب وصحافي مصري

سعيد شعيب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول يحيى عثمان......يركة السبع...منوفية:

    والله كلامك سليم مائة بالمائة ولكننى اؤكدلك ان السيد المشير سيكون امامه ملفات كثيرة يتضمنها ملف المظاليم وعشمنا فيه كبير جدا…….وإن غدا لناظره لقريب بإذن الله

  2. يقول مصر:

    اخي الغالي وصديقي المخلص الاستاذ سعيد
    انت إنسان جميل صادق وطني
    أحييك علي مقالك علي هاني صلاح الدين رغم اختلافي في عدة نقاط هاني صلاح الدين كان يخلط بين انتماءه للإخوان وعملة الصحفي وانا شخصيا أضم صوتي لك لابد من محاكمة عادلة للجميع والعدالة لاتتجزاء

اشترك في قائمتنا البريدية