مصادر إسرائيلية حول الاتفاق النووي: إيران ربحت المعركة بالنقاط وليس بالضربة القاضية

حجم الخط
0

الناصرة ـ ‘القدس العربي’ : حاول الإعلام العبريّ، صباح أمس الأحد، التقليل من الصفعة المجلجلة التي تلقتها دولة الاحتلال بعد التوقيع على الاتفاق المرحليّ بين الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ومجموعة دول (خمسة+1) في جنيف. البرامج الصباحيّة في قنوات التلفزيون الإسرائيليّ وفي الإذاعات الرسميّة وغير الرسميّة استضافت على مدار الساعة كبار أقطاب الدولة العبريّة، وجنّدت كبار الباحثين والمختصين، في محاولة بائسة ويائسة لتهدئة روع المواطنين اليهود في إسرائيل، ذلك أنّ أكثر ما يخشاه قادة الصهيونيّة برّمتها أنْ يُلقي هذا الاتفاق بظلاله على أجندة المواطنين، لأنّهم يخشون من عملية رحيل جماعيّ من فلسطين، خشية ممّا تُسّميها إسرائيل القنبلة النوويّة الإسلاميّة.
وفي هذا السياق، يجب التذكير بأنّه في حرب العراق عام 1991 فرّ مئات آلاف المواطنين الإسرائيليين من تل أبيب ومحيطها خوفًا من صواريخ الرئيس العراقي السابق صدّام حسين، الأمر الذي دفع بإيتان هابر، رئيس ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، يتسحاق رابين، إلى نشر مقالٍ قبل عدّة أيام أكّد فيه على ‘أننا أبطال ولكن محدودي الضمان’.
علاوة على ذلك، يجب الإشارة إلى أنّه خلال العدوان الإسرائيليّ البربريّ على لبنان في صيف العام 2006، لاذ بالفرار من شمال الدولة العبريّة إلى جنوبها أكثر من مليون مواطن خوفًا من صواريخ الكاتيوشا، التي أمطر بها حزب الله المجمعات السكنيّة إلى ما بعد، بعد حيفا، على حدّ قول الأمين العام للحزب، السيّد حسن نصر الله. وغنيٌّ عن القول إنّ الإسرائيليين، قادةً وشعبًا، أجمعوا على أنّ الاتفاق سيء جدًا للدولة العبريّة.
الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة السابق (أمان) ومدير مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، قال صباح الأحد للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، علينا التريث قليلاً، لأنّ الحديث يدور عن اتفاق مرحليّ، وبعد ذلك سنعرف هل هو بمثابة اتفاق (كامب ديفيد) الذي قاد إلى السلام مع مصر، أمْ أنّه بمثابة معاهدة ميونخ، وهي اتفاقية تمّت في ميونخ في 30 (أيلول) سبتمبر 1938 بين ألمانيا النازية، وبريطانيا، وفرنسا وإيطاليا، وافقت فيها القوى العظمى على إشباع أطماع أدولف هتلر التوسعية في أوروبا، وكانت نتيجة هذه المعاهدة تقسيم تشيكوسلوفاكيا بين كل من ألمانيا، بولندا والمجر، ومن ثمّ أدّت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانيّة. ومع ذلك، فقد اضطر الجنرال يدلين إلى وصف الاتفاق بالتاريخيّ، ولكنّه أكّد في معرض ردّه على سؤال على أنّ الخيار العسكريّ لتدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ، ما زال مطروحًا على الأجندة الإسرائيليّة. جدير بالذكر أنّ يدلين صرّح قبل عدّة أيام أنّ الدولة العبريّة قادرة لوحدها على شنّ هجوم عسكريّ ضدّ إيران، وهي ليست بحاجة إلى مساعدة من الولايات المتحدّة الأمريكيّة، كما أنّ الجنرال في الاحتياط، يعقوف عميدرور، الذي انتهت ولايته الأسبوع الماضي، انضّم ليدلين وقال في تصريحات صحافيّة، نُشرت بالبنط العريض في الإعلام العبريّ، إنّ بلاده قادرة على توجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لطهران بمفردها، على حدّ قوله.
في السياق ذاته، قال وزير الطاقة، عوزي لانداو، إنّ الاتفاق سيء للدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ الدول الغربيّة أرادت بكلّ ثمنٍ التوقيع على اتفاق مع إيران، وأضاف أنّ الاتفاق يشمل بنودًا لصالح طهران، مشدّدًا على أنّ الاتفاق منح الشرعيّة الدوليّة لإيران. ومن ناحية أخرى، قال الوزير إنّه يتحتّم على تل أبيب أنْ ترفع سقف النضال الدبلوماسيّ ضدّ إيران في الحلبة الدوليّة، وتحديدًا في أمريكا.
كما عبّر عن اعتقاده بأنّ الاتفاق، الذي سمح لإيران بإبقاء الطرود المركزيّة لديها، يمنحها الفرصة لمعاودة العمل على إنتاج القنبلة النوويّة، ووصف الاتفاق بأنّه أسوأ من السيئ لأنّه أبقى بيد الإيرانيين هذه الأدوات الخطيرة، وفي المقابل حصلت هذه الدولة، على حدّ قول الوزير الإسرائيليّ، على تخفيفٍ كبيرٍ في العقوبات، الأمر الذي سيؤدّي إلى انتعاش اقتصادها بسرعةٍ كبيرةٍ، وهو الأمر الذي لا يلعب لمصلحة تل أبيب. وشدّدّ لانداو على أنّ إسرائيل ما زالت تحتفظ باللجوء إلى الخيار العسكريّ لتدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ، لافتًا إلى أنّ هناك تقاربًا وتشابهًا بين ما حصل مع كوريا الشماليّة ومع إيران، على حدّ قوله.
من ناحيته، قال نائب وزير الخارجيّة، زئيف ألكين، للتلفزيون الإسرائيليّ إنّ الاتفاق سيئ جدًا لإسرائيل، ذلك أنّه منح الإيرانيين عمليًا حقنة تشجيع، وبالمقابل لم تدفع إيرمن شيئًا مقابل هذه الهديّة، على حدّ قوله. في السياق ذاته أعلنت مصادر في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، صباح الأحد ردًا على إعلان الدول الغربية عن التوصل إلى اتفاق مع إيران، أنّ الاتفاق المذكور سيء ولا يمكن الترحيب به، لأن الاتفاق لا يفكك المشروع الذري الإيراني، بل يبقي على قدرات إيران الذرية، وعلى نشاطها في تخصيب اليورانيوم. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية، عن مصادر في ديوان نتنياهو، قولها إنّ الاتفاق يعطي إيران تسهيلات في العقوبات الاقتصادية عليها دون إلزامها بوقف نشاطها الذري، حتى بعد التعديلات التي أدخلت عليه.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، أنّ التوصل إلى الاتفاق يعني أننا الآن نعيش واقعًا جديدًا يُلزم إسرائيل بإعادة تقييم التطورات الجديدة وفحص كافة الخيارات اللازمة لوقف المشروع الذري الإيراني. واعتبر لبيرمان أنّ الاتفاق هو نصر دبلوماسيّ لإيران بكل معنى الكلمة.
ورفض ليبرمان اتهام الولايات المتحدة بأنها خانت إسرائيل، مصرًا على أنّ الولايات المتحدة تظل حاليًا الصديق والحليف الأكبر لإسرائيل، لكن ذلك لا يعني أن تمتنع إسرائيل عن البحث عن توجه آخر، لكن هذا لا يعني أنّ إسرائيل تملك بديلا آخر سوى الولايات المتحدة، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، دعا ليبرمان إلى ضرورة اتخاذ قرار إسرائيليّ مستقل بدون علاقة بالموقف الأمريكيّ، وأن المسؤولية تقع على حكومة إسرائيل فقط، على الرغم من التقدير للمجتمع الدوليّ والعلاقة المميزة مع الولايات المتحدة.
أمّا البروفيسور عوزي رابي، من مركز بيغن السادات فقال للتلفزيون الإسرائيليّ إنّ الإيرانيين كانوا وما زالوا على قدرٍ كبيرٍ من الحنكة الدبلوماسيّة، مشدّدًا على أنّ الحديث يدور عن دولة عمرها ثلاث آلاف سنة، ومشيرًا إلى أنّ صنّاع القرار في طهران، تمكّنوا من ملاحظة التعطش الغربيّ والإرادة الكبيرة للتوقيع على اتفاق، وبالتالي فإنّ حملتهم الدبلوماسيّة نجحت إلى أبعد الحدود، وقال إنّ إيران ربحت المعركة بالنقاط، ولكن ليس بالضربة القاضية، وخلص البروفيسور رابي إلى القول إنّه في حال نجاح الاتفاق، فإنّ ذلك سيُعتبر أكبر إنجاز للرئيس الأمريكيّ في فترتي ولايته، ولكن إذا فشل الاتفاق، أكّد، فإنّه سيكون أكبر هزيمة لباراك أوباما، على حدّ وصفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية