الجمعية العامة للأمم المتحدة-أرشيف
الامم المتحدة (نيويورك): تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس على مشروع قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لاسرائيل، على خلفية تهديد الرئيس الامريكي دونالد ترامب الدول التي تؤيد النص بقطع المساعدات المالية عنها.
وقال ترامب عشية التصويت “ياخذون مئات ملايين الدولارات وحتى مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا” مضيفا في تهديد واضح “دعوهم يصوتون ضدنا، سنقتصد الكثير (من المال) والامر سيان بالنسبة الينا”.
غير ان ردة فعل نيكي هايلي السفيرة الامريكية الاثنين على نكسة واشنطن في مجلس الامن الدولي حيث رفضت بقية الدول الاعضاء الـ 14 قرار ترامب، تدل ان المسألة تعني الكثير لواشنطن.
وقالت حينها ان هذا التصويت “إهانة لن ننساها ابدا” في اشارة الى باقي اعضاء المجلس الذين أيدوا القرار وضمنهم حلفاء واشنطن الاوروبيون الذين ادانوا بإجماع قرار ترامب في السادس من كانون الاول/ديسمبر 2017.
ولم يمر القرار في مجلس الامن بسبب فيتو الولايات المتحدة.
لكن في الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا حيث سيتم التصويت بداية من الساعة 15,00 ت غ لا تملك اية دولة حق الفيتو في القرارات التي هي غير ملزمة.
ويكمن الرهان في عدد الدول التي ستؤيد القرار.
– “بيت من الاكاذيب” –
أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه يرفض مسبقا التصويت في الجمعية العامة معتبرا ان القدس “عاصمة اسرائيل” سواء اعترفت بذلك أو لم تعترف الأمم المتحدة التي وصفها بانها “بيت الأكاذيب”.
وقال نتانياهو في بيان له “القدس عاصمة اسرائيل سواء اعترفت الأمم المتحدة بذلك ام لم تعترف، لقد استغرقت الولايات المتحدة سبعين عاما للاعتراف الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسوف يستغرق سنوات حتى تعترف الأمم المتحدة بالقدس عاصمة اسرائيل”.
وينص مشروع القرار الذي قدمه اليمن وتركيا بان اي قرار حول وضع القدس “ليست له قوة القانون ويعد لاغيا وباطلا ويتعين سحبه”. ويذكر مشروع القرار بكافة القرارات التي تبنتها الامم المتحدة بشأن احتلال الاراضي الفلسطينية ويؤكد ان قضية القدس يجب ان تحل في إطار اتفاق سلام نهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
واوضح دبلوماسي ان التصويت المضاعف هذا الاسبوع في الامم المتحدة بدفع من فلسطين التي تملك صفة مراقب في المنظمة الدولية، هدفه قياس ثقل الفلسطينيين ازاء خطة سلام مستقبلية محتملة.
وردا على سؤال فرانس برس توقع العديد من الدبلوماسيين في الأمم المتحدة ان تؤيد القرار بين 165 و190 دولة عضو. وقال أحدهم “إذا كان العدد 130 فسيكون ذلك سيئا”.
وفي حين لم تمارس هايلي على ما يبدو ضغوطا في مجلس الامن، فان واشنطن غيرت جذريا مقاربتها في تصويت الجمعية العامة حيث كثفت التهديدات والضغوط.
واستخدمت التغريدات والبريد الالكتروني والرسائل وكل وسيلة لتفادي هزيمة دبلوماسية جديدة.
وكتبت هايلي في تغريدة “يطالبوننا دائما في الأمم المتحدة ببذل المزيد ودفع المزيد، نحن لا نتوقع ان يستهدفنا من ساعدناهم”. واضافت انه يوم الخميس “ستسجل الولايات المتحدة اسماء” الدول التي تعارض قرار ترامب “وسيتابع الرئيس من كثب هذا التصويت. لقد طلب ان ابلغه بالدول التي تصوت ضدنا”.
– “ارفضوا بيع ارادتكم”-
اثارت تحذيرات الرئيس الأمريكي وسفيرته دهشة العديد من الدبلوماسيين في الأمم المتحدة.
وقال سفير آسيوي لوكالة فرانس برس “الامور لا تسير بهذه الطريقة، نحن نصوت على المبادئ”. واضاف سفير من امريكا الجنوبية “لا يمكن ان نغير فجأة موقفا واظبنا عليه طيلة سنوات”.
من جهته اعتبر سفير أوروبي انه مع هذه الضغوط “يمكن ان تحصل الولايات المتحدة على عشرة ممتنعين من دول يمكن ان تختار ايضا عدم المشاركة”.
واشار مسؤول دبلوماسي الى ان كندا وتشيكيا والمجر يمكن ان لا تؤيد مشروع القرار في تجسيد لفشل الاتحاد الأوروبي في اظهار موقف مشترك.
وندد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي سيحضر عملية التصويت، ب “تهديدات وترهيب” واشنطن.
واحتجت تركيا، حليفة الولايات المتحدة، ايضا بشدة. وحض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الخميس من انقرة المجموعة الدولية على ان ترفض “شراءها لقاء حفنة من الدولارات” بعدما هدد ترامب بقطع المساعدات عن الدول التي تؤيد مشروع القرار.
وقال “انا ادعو العالم باسره الى عدم بيع ارادته الديموقراطية لقاء حفنة من الدولارات”.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو “العالم تغير، وتغير منطق ‘الغلبة للأقوى'”، مضيفا انه “ما من امة شريفة او دولة تحترم نفسها يمكن ان تحني ظهرها ازاء مثل هذه الضغوط”.
يذكر ان القدس الشرقية ضمتها اسرائيل بعد ان احتلتها في 1967 ثم أعلنتها عاصمتها “الموحدة”.
ولم يعترف المجتمع الدولي ابدا بذلك ويعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.(أ ف ب).