رام الله – «القدس العربي»: عام 1948 عندما حلت النكبة على الشعب الفلسطيني، وبدأ الاحتلال الإسرائيلي رسمياً للبلاد، بدأت قصة الحركة الأسيرة، وبحسب المعطيات التي وصلت «القدس العربي» فإن ثُلث الشعب الفلسطيني، تعرض للاعتقال ولو مرة واحدة على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلية، حيث وصل عدد حالات الاعتقال إلى ما فوق الثمنمئة وخمسين ألف حالة، فقط من العام 1967 لغاية الآن، فيما كانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى بدءا من العام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية في العام 2000، من أصعب المراحل التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية طالت الآلاف .
ولم تقتصر هذه الاعتقالات على شريحة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، حيث شملت الأطفال والشبان والشيوخ، الفتيات والأمهات والزوجات، ومرضى ومعاقين وعمالا وأكاديميين، ونوابا في المجلس التشريعي ووزراء سابقين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وأدباء وكتاب وفنانين.
كما أن الأسوأ، هو أن كل من اعتقل على يد الاحتلال، أو مرّ بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال، تعرض لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة، أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية من المعتقلين تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
ويتوزع الأسرى الفلسطينيون، على 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.
الاعتقال الإداري
منذ عهد الانتداب البريطاني لفلسطين، تم سنّ الكثير من القوانين المجحفة بحق الفلسطينيين، وأحد أسوأ هذه القوانين، هو ما سمي آنذاك «الأوامر العسكرية وأنظمة الدفاع لحالة الطوارئ» وهي الأوامر التي طبقتها إسرائيل حرفياً في العام 1984 حيث فرضت على المناطق الفلسطينية المحتلة حكماً عسكرياً.
وقد أجاز التشريع العسكري الإسرائيلي بشكل صريح، الاعتقال الإداري، بل ونظم استعمال هذا الإجراء، ففي البداية كان التشريع يستمد صلاحيته بإصدار أوامر الاعتقالات الإدارية بموجب «أنظمة الدفاع لحال الطوارئ» التي أقرَها الانتداب البريطاني عام 1945 لحين إقرار قانون جديد صلاحيات الطوارئ «اعتقالات» في العام 1979.
كما أن العدد الأكبر من المعتقلين الإداريين سجَل خلال الانتفاضة الأولى، حيث وصل إجمالي القرارات بالاعتقال الإداري بين عامي (1987- 1994) إلى عشرين ألف معتقل إداري، في حين أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية خلال الانتفاضة الثانية أكثر من تسعة عشر ألف قرار بالاعتقال الإداري.
ويعتبر الاعتقال الإداري العدو المجهول الذي يواجه الأسرى الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة، يحتجز الأسير بموجبه دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجال للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى «الملف السري» الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.
وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى ستة أشهر، يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي، مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص، وفي مرات كثيرة يتم تجديدها لمرات عدة تصل أحيانا لأكثر من عشر مرات وليمضي المعتقل الإداري أكثر من خمس سنوات دون تهمة أو محاكمة وبذريعة الملف السري، وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني وعلى مختلف الأجناس من امرأة ورجل، صغير وكبير، كما ان العديد من الأسرى الإداريين هم من الأطباء والمهندسين والأساتذة والصحافيين، وكذلك نواب المجلس التشريعي.
الأسيرات
خلال عملية الاعتقال، تتعرض الأسيرات الفلسطينيات للضرب والإهانة والشتم والتحقير، وخلال عمليات النقل لا يتم إعلامهن إلى أي جهة سيتم نقلهن، وخلال التحقيق تتعرض المعتقلات للإهانة والترهيب والتهديد وللمعاملة القاسية والضرب والتعنيف والمساس بكرامتهن.
وليست هذه أسوأ معاناة للأسيرات، فمن خلال عقوبات العزل الإنفرادي أو الحرمان من الزيارة والكانتينا والخروج للفورة، عدا عن إجراءات التفتيش الاستفزازي والحرمان من العلاج اللازم أو التعليم الجامعي والتقدم لامتحانات التوجيهي، كلها معاناة غير مسبوقة، كما وتوجد في سجون الاحتلال سبع أسيرات لهن أزواج وأشقاء في سجون أخرى، دون أن يسمح لهن الالتقاء بهم أو التزاور أو حتى التواصل معهم.
الأسرى المرضى
والإهمال المتعمد
استشهد في الأسر عدد كبير من الفلسطينيين، لكن الأسوأ هو ما يعاني منه قرابة 1500 أسير في السجون الإسرائيلية من أمراض مختلفة، جراء الظروف الحياتية والمعيشية ورداءة الطعام وتلوث البيئة المحيطة والمعاملة القاسية وسوء الرعاية الصحية والإهمال الطبي، من بينهم 16 أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم في ما يسمى مشفى سجن الرملة، في أوضاع صحية غاية في السوء ويعانون من أمراض خطيرة منهم مصاب بالشلل ومقعد ويحتاجون إلى رعاية صحية خاصة ومنهم من يحتاج لعمليات جراحية عاجلة في الوقت الذي يمنع اطباء من الخارج من زيارة المرضى ومعاينتهم أو تقديم العلاج لهم، كما توجد في السجون الإسرائيلية أكثر من 80 حالة مرضية مزمنة للغاية، عدا عن وجود أكثر من 25 حالة مصابة بالسرطان وعشرات المعاقين «إعاقات جسدية ونفسية وحسية».
جهاز
القضاء الإسرائيلي
يعد التمييز، الصفة الأساسية التي يمارسها الجهاز القضائي الإسرائيلي، في الأحكام الصادرة بحق أسرى فلسطينيين والأحكام الصادرة بحق إسرائيليين، إضافة إلى عدم تقبل المحكمة العليا الإسرائيلية آلاف الشكاوى المرفوعة من قبل الأسرى ومحاموهم، حول تعرضهم لمعاملة قاسية خلال اعتقالهم ورفضها النظر في هذه الشكاوى، ولم تتم محاكمة أو مساءلة أي مسؤول إسرائيلي في جهاز المخابرات أو مصلحة السجون حول مقتل معتقلين أو تعرضهم لمعاملة مهينة وغير إنسانية.
ويطبق القضاء الإسرائيلي قوانينه العسكرية الداخلية، عدم الإلتزام بمرجعية القوانين الدولية، ما يؤثر على عدالة الإجراءات القانونية في هذه المحاكم، ولا تتضمن التشريعات الإسرائيلية أي قوانين تدين ارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية.
وخلال عام 2014 تركز اهتمام حكومة إسرائيل على تشريع قوانين وإجراءات تعسفية ضد الأسرى في الكنيست الإسرائيلي، مثل قانون إطعام المعتقلين بالقوة خلال إضرابهم عن الطعام، وقانون منع العفو عن الأسرى، وقانون المقاتل غير الشرعي، وقانون رفع العقوبة بحق الأطفال لتصل إلى 20 عاماً والحرمان من التعليم الجامعي والثانوي وغيرها.
وقد سمح الجهاز القضائي الإسرائيلي باعتقال أطفال تقل أعمارهم عن 18 عاما، وباستخدام التعذيب تحت حجة الخطر الأمني على إسرائيل، وفرض سياسة الغرامات والتعويضات المالية الباهظة على الأسرى.
القانون الدولي
وقد عرف عن إسرائيل منذ القدم، أنها لا تعترف بانطباق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى، وتتعامل مع الأسرى كإرهـــابيين وجنائيين، وتطبق عليهم قوانينها الحربية الداخلية، ما أدى إلى حــــرمانهم من حقوقهم الأساسية، ونزع مشروعية نضالهم ضد الاحتلال، الذي أقرته قرارات الأمم المتحدة العديدة.
وخلافاً لنصوص اتفاقيات جنيف الرابعة تحتجز سلطات الاحتلال الأسرى في سجون داخل دولة إسرائيل، وتعيق زيارات أهاليهم.
وكان المجلس الوطني الفلسطيني، بإعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، أقر في عام 1974، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/ابريل، يوماً وطنياً للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، ويوماً لتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم.. يوماُ للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.
وبعد واحد وأربعين عاماً من ذلك التاريخ، اعتبر يوم الأسير الفلسطيني، يوماً يحيه الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ويشاركه في احيائه أحرار العالم في العديد من العواصم العربية والأوروبية، بوسائل وأشكال متعددة نصرة للأسرى.
وقال عيسى قراقع، رئيس هيئة الأسرى والمحررين، «أن جهدنا الحالي يجب أن يتركز حول حمل ملف الأسرى الفلسطينيين إلى الجنائية الدولية، والذهاب إلى المحكمة الدولية في لاهاي، لإصدار فتوى بخصوص المعتقلين الفلسطينيين، للاعتراف بهم كأسرى حرية ونضال وطني مشروع، ونقض الرواية الإسرائيلية التي تدعي أن أسرانا إرهابيين وقتلة، كما طالب المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بتطبيق اتفاقيات جنيف في الأراضي الفلسطينية بخاصة في ما يتعلق بالمعتقلين».
واعتبر أن الأوضاع في السجون الإسرائيلية أصبحت لا تحتمل، وأن هناك إنتهاكات صارخة تمارس بشكل يومي بحق المعتقلين يجب أن يوضع لها حد، وأن من أخطر تلك الملفات ملف الأسرى المرضى الذين يعانون الموت في كل ثانية.
بدوره، أكد رئيس نادي الأسير قدورة فارس، أن هذا العام تميز بسلسلة من الجرائم بحق الأسرى، ومنها ازدياد وتيرة اعتقال القاصرين والإداريين والنساء، إضافة إلى إصدار حكومة الاحتلال لقرارات للتنكيل بالمعتقلين، وتصريحات سياسية بإعدام الأسرى.
وطالب القيادة الفلسطينية بتبني قضية الأسرى في سجون الاحتلال، لتكون القضية المفتاحية بعد ان انضمت فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، داعياً المؤسسات الإعلامية إلى أن تكون رقيباً على المؤسسات المختصة بالأسرى، ومراقبة المعلومات الخاطئة التي تصدر عن بعض الجهات غير المسؤولة.
أما أيمن الحاج يحيى، سكرتير الرابطة العربية لأسرى أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 فقال «أننا في مواجهة معركة شرسة تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد الأسرى، ما يفرض علينا الاستعداد لمواجهة هذه الحملة.»
وأدان مجلس الوزراء الفلسطيني، في آخر جلساته الأسبوعية، مسلسل الأهمال الطبي في سجون الإحتلال، والذي كان آخر ضحاياه الشهيد جعفر يوسف عوض 22 عاماً من بيت أمر شمال الخليل، الذي استشهد أثر تردي وضعه الصحي، بعد ثلاثة أشهر من الإفراج عنه من سجون الاحتلال والذي سجل اسمه في القائمة الطويلة لشهداء سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها إسرائيل بشكل ممنهج بحق الأسرى في سجونها.
ووجه المجلس تحية إجلال وإكبار إلى الأسيرات والأسرى الأبطال القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في يومهم الوطني يوم الأسير الفلسطيني، مبرقاً بهذه المناسبة تحية إجلال وإكبار للقائد الوطني الأسير مروان البرغوثي في الذكرى 13 لاعتقاله، وتقدم المجلس بالتحية والثناء والإعتزاز والتقدير لعائلات الأسرى على صمود وإرادة فلذات أكبادها أمام الحرب الشرسة والممنهجة بحقهم والتي تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت الحكومة أن مهمتها الرئيسية، هي الاستمرار نحو الهدف المركزي والمتمثل بتحرير الأسرى وتبييض كافة السجون والمعتقلات، والضغط من أجل تحسين ظروفهم المعيشية بما يتوائم مع الاتفاقيات الدولية من خلال تجنيد الدعم الدولي لذلك، وأكدت الحكومة التزامها التام برعاية الأسرى وذويهم، والعمل على أن تكون قضية أسرانا البواسل مطروحة في كافة المحافل الدولية وستكون من بين القضايا المركزية التي سيتم التوجه بها للمحكمة الجنائية الدولية.
فادي أبو سعدى
حقل لقد كانت بريطانيا وفي فترة احتلالها لفلسطين اول دوله اوجدت الاعتقال الاداري بمنحها السلطات اللزمة للحاكل العسكري البريطاني لفلسطين وقد عرف هذا الاعتقال بمسمى الماده (111) والتي بموجبها يحق للقائد العسكري اعتقال اي انسان وحبسه لمدة غير محدوده بدون توجيه ايه تهمه له او تقديمه الى المحكمه . ويستمر حبس ذلك الانسان الى ان تصدر الاوامر من القائد مباشره بالافراج عنه . وقد طبق هذا الاجراء ابان الحكم الاردني وبشكل موسع وتحت اية تهمة قد تخطر على بال اي رجل مخابرات ، وهي الان تطيق في مناطق الاحتلال التي لا يحتاج فيها الى تقديم اي معتقل الى المحكمه والتى بموجبها يقبع في سجون الاحتلال ما لا يقل عن الثمانية الاف اسير