عواصم ـ وكالات: تعهد مقاتلون أكراد امس الاثنين بالمضي في جهودهم للدفاع عن بلدة كوباني الحدودية السورية في مواجهة مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية الذين يتقدمون من ثلاثة جوانب ويقصفونهم بالمدفعية الثقيلة.
قتل ثلاثون مقاتلا كرديا على الأقل الاثنين في انفجار شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريان ينتميان الى تنظيم الدولة الاسلامية عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «قتل ثلاثون من عناصر (وحدات حماية الشعب)وقوات الاسايش (عناصر الامن الكردي) في انفجار شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريان اليوم عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة» التي تسكنها غالبية كردية.
واوضح المرصد في بيان اصدره في وقت لاحق ان الهجوم نفذه مقاتلان ينتميان الى تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي المتطرف، مشيرا الى ان المنطقة المستهدفة تضم مركزين تابعين لوحدات حماية الشعب وعناصر الامن الكردي.
ووقع هذا الهجوم في وقت يواصل تنظيم الدولة الاسلامية محاولة اقتحام مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) في محافظة حلب (شمال) المحاذية للحدود مع تركيا، فيما يتصدى له مقاتلو وحدات حماية الشعب، في هجوم واسع اطلقه التنظيم المتطرف قبل نحو ثلاثة اسابيع.
ويتقاسم السيطرة على مدينة الحسكة النظام السوري والاكراد
وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية، مقتل اكثر من 30 جندياً للنظام السوري، في اشتباكات مع قوات المعارضة شمال مدينة درعا جنوبي سوريا.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت بحسب بيان سابق لها، مقتل أكثر من 130 ألف سوري منذ بداية الثورة في منتصف آذار/مارس 2011. ودمار عشرات المدن وتهجير الملايين من السوريين داخل البلاد وخارجها.
وفشلت غارات جوية لطائرات حربية أمريكية وخليجية في وقف تقدم الاسلاميين الذين تقدموا صوب مشارف البلدة مطلع الأسبوع ويقاتلون للسيطرة على تلة استراتيجية في مواجهة مقاومة شرسة.
ورغم القتال العنيف مع تساقط قذائف المورتر بغزارة على مناطق سكنية في كوباني ورغم النيران الطائشة على الأراضي التركية شاهد صحافي من رويترز نحو 30 شخصا يعبرون من تركيا للمساعدة فيما يبدو في الدفاع عن البلدة.
وقال عصمت الشيخ رئيس هيئة الدفاع في كوباني عبر الهاتف إن القتال ما زال مستمرا وإن مسلحي الدولة الاسلامية يطلقون أيضا قذائف المورتر على وسط البلدة لكن المقاتلين الأكراد مسلحين بالأسلحة الخفيفة.
وأضاف وسط دوي أصوات الأسلحة الثقيلة والخفيفة من الجانب الشرقي للبلدة «إذا دخلوا كوباني ستكون مقبرة – مقبرة لنا ولهم ولن نسمح لهم بالدخول ونحن أحياء. مستحيل أن ننسحب.. مستحيل هذا خط أحمر بالنسبة لنا.. لن نطلع إما نموت أو نربح.»
وقال اسماعيل اسكين وهو صحافي في البلدة إن معنويات المقاتلين ما زالت مرتفعة «لأن الناس يدافعون عن ترابهم.»
وأضاف «لن يدعوا (الدولة الاسلامية) تحتل كوباني.»
قرى خاوية
ترغب الدولة الاسلامية في السيطرة على كوباني لتعزيز اجتياحها المباغت لشمال العراق وسوريا وتطبيق تفسيرها المتشدد للاسلام والذي أحدث صدمة في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
وأثار ضرب الأعناق والقتل الجماعي والتعذيب الذعر من التنظيم في المنطقة حيث تخلو القرى من سكانها مع اقتراب شاحنات ترفع العلم الأسود للدولة الاسلامية.
وقالت جماعة مراقبة ومصادر محلية إن مقاتلة كردية قرب كوباني فجرت نفسها أمس الأحد بعدما نفدت الذخيرة منها حتى لا تأسرها الدولة الاسلامية.
وقال باور محمد علي وهو مترجم لدى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي داخل كوباني «يملكون الذخيرة لكنها قليلة جدا. يناشد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي القوى الأجنبية توفير الذخيرة لأن (الدولة الاسلامية) تستخدم الأسلحة الثقيلة.»
ونشر التنظيم المتشدد لقطـــات فيـــديو أمس تظهر مقاتليه يسيطرون فيما يبدو على أبراج بث على تل ميستانور المطل على كل البلدة ما سيمنحهم أفضلية في القتال. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من محتويات الفيديو.
وقال علي إن القتال للسيطرة على ميستانور ما زال مستمرا ونفى تقارير بأن مقاتلي الدولة الاسلامية يجوبون شوارع كوباني. وأضاف أن المقاتلين الأكراد يصدونهم لكن الوضع في البلدة التي انقطعت امدادات المياه والكهرباء عنها يزداد سوءا.
وتستقبل مستشفيات تركية أعدادا مطردة من المقاتلين الأكراد الجرحى. وقال شهود فروا من كوباني إنه تم توزيع قنابل يدوية على السيدات كبار السن لرميها كما أعطيت الشابات اللاتي لا يملكن خبرة قتالية أسلحة وأرسلن إلى جبهات القتال.
القليل من المساعدة
وحصل الأكراد في كوباني على القليل من المساعدة من الخارج. ووفرت تركيا المأوى لمعظم لاجئي المنطقة ويعالج الأطباء الأتراك المصابين لكن أنقرة لم تلمح إلى أنها قد تنضم إلى قتال الدولة الاسلامية.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مطلع الأسبوع بالرد إذا هاجمت الدولة الاسلامية القوات التركية وانتشرت دبابات تركية امس الاثنين على طول الحدود للمرة الثانية خلال أسبوع ووجهت مدافعها صوب سوريا ردا فيما يبدو على نيران طائشة عبرت الحدود.
لكن الافراج عن 46 رهينة تركية الشهر الماضي بعدما احتجزتهم الدولة الاسلامية وتجديد البرلمان التركي لتفويض يسمح للقوات التركية بعبور الحدود إلى سوريا والعراق أثارا تكهنات بأن أنقرة ربما تخطط للقيام بدور أكبر.
حسابات تركية معقدة
حاربت أنقرة لمدة ثلاثة عقود تمردا مسلحا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يطالبون بحكم ذاتي أكبر في جنوب شرق تركيا.
ويقول المحللون إن تركيا تخشى مساعدة المقاتلين الأكــــراد السوريين قــــرب كوباني لأن لهم صلات قوية بحزب العمـــال الكردستاني كما تربطهم علاقة غامضة بالرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعو تركيا إلى الاطاحة به.
وعلى الطرف الآخر يحذر زعماء الأكراد في تركيا من أن السماح بطرد الأكراد السوريين من كوباني سيضع نهاية لمسعى اردوغان للتفاوض بهدف انهاء تمرد الأكراد ونزع سلاح حزب العمال الكردستاني نهائيا.