القمة العربية: محاولة لإحياء البحر الميت!

حجم الخط
15

تحتاج خطابات الزعماء العرب في قمة الأردن لقراءة عميقة تحاول استجلاء ما خلف سطورها لأنها توضّح مشاغل هؤلاء الزعماء السياسية وعلاقتها بالجغرافيا والأوضاع الاقتصادية والقوى النافذة داخل بلدانهم والتهديدات التي يستشعرونها أو المطامح التي يرغبون في الحصول عليها.
وكما تلعب الكلمات دورها فإن للحضور المبكر والصمت والارتباك والغياب والخروج من الجلسات أدوارها هي أيضاً وهي لا تقل بلاغة (أو ركاكة) عن بعض الخطابات.
وللأسباب الآنفة فإن عقد الاجتماع بحد ذاته هو نجاح للدولة التي تستطيع احتواء كل هذه التضاربات في المصالح والتناقض في السياسات والأهواء والخلافات، ومحاولات التقارب أو التدخّل وفرض أجندات فوق أخرى.
كان لافتاً، في هذا الصدد (ومؤذيا للمشاعر)، قيام مندوب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمرير مطالب إسرائيل بتعديل المبادرة العربية الشهيرة للتسوية، وهو الأمر الذي لقي تسويقاً من قبل أمين عام الجامعة العربية وميلاً مصريّاً لتبنّيه ولكنّ الرياح، كما هو واضح، لم تجر بهذا الاتجاه، فتمكنت قمّة عمّان من النأي بنفسها عن هذه الشبهة، بمساندة طبعا من الوفد الفلسطيني نفسه، ومن عدة دول عربية أخرى.
المسألة الثانية التي لقيت تجاذباً عربيّاً كانت الموقف من إيران، وفي هذه النقطة ذهب الاتجاه مجدداً نحو اختراق تمثّل بمجاملات الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي وأمين عام الجامعة العربية للمملكة العربية السعودية.
لكنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي لم ينس، في خطابه، تمرير عداوته المريرة مع خصومه السياسيين الداخليين تحت يافطة نقد الإرهاب و«استغلال منابر الدين» (وهي تسميات رخوة يمكن تطبيقها على آليات عمل الدولة المصرية نفسها، وهو ما أعطى السيسي مثالا عليه حين تحدّث عن ضرورة دعم الأزهر الشريف!)، لكنّ خواء هذا المسعى تبين مع توسيع الخصومة الداخلية لتضم دولة عربية أخرى، كما لاحظ مشاهدو وحاضرو القمة، عبر الانسحاب من الجلسة حين تقدّم أمير قطر لإلقاء كلمته، الذي ردّ بشكل واضح، ليس على السيسي فحسب، بل على تيّار خلط الأوراق بين الحركات الإرهابية المسلحة وتيار «الإسلام السياسي» الذي يعتمد الآليات الديمقراطية ويشارك في حكومات وبرلمانات عربية عديدة.
حضرت الصراعات العسكرية والسياسية في سوريا وليبيا واليمن أيضاً وكانت مجال تجاذب، وكان لافتاً هنا أيضاً غموض الموقف المصري الذي دعا «لعودة الشرعية» فكسب نظرة شزراء من الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي، كما كان لافتاً موقف أمير الكويت الذي اعتبر «الربيع العربي» هو ما عصف باستقرار وأمن الدول العربية (وليس الاستبداد والطغيان والاستنقاع السياسي)، وكذلك دعوته للحوار مع إيران، في موقف يعكس توازنات داخلية كويتية وابتعاداً محسوباً عن مخاوف ومصاعب جارتها السعودية.
إضافة إلى وجود روايتين حول قضية الإرهاب والمحاولة الفاشلة لتعديل الأجندة العربية نحو فلسطين وهجاء الربيع العربي والكلمات الدبلوماسية حول ضرورة الحل السياسي في اليمن وليبيا وسوريا (ولكن ليس في باقي الدول العربية!) فإن الحاضر الأكبر كان الدولة غير المدعوّة للحضور: إيران والتي قامت، عمليّاً، بتفويض ممثليها في العراق ولبنان، والمتعاطفين معها في بعض الدول الأخرى، بالحديث عنها.
القمة كانت، باختصار، محاولة شبه موفّقة لإحياء البحر الميت.

القمة العربية: محاولة لإحياء البحر الميت!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الصوفي الجزائر:

    لا قمة ولا قرارات ولا نتائج هذه عبارة عن عزومة التقى فيها حكام يمثلون جغرافيا ولا يمثلون شعوب
    ممكن اهم قرار خرجوا به كيف يخرصون شعوبهم ويحافظون على عروشهم
    والله لا هم في مستوى مقارعة ايران ولا مقارعة الارهاب ولا مواكبة التقدم التكنلوجي ولا شيء

  2. يقول دكتـور أسـامـة الشـرباصي بـواشـنطن:

    نقــــول لـلمعـــلـــق أحمــــد\ لنـــــدن إســـمى ليس ريــاض الشــربـاصي بــل الــدكتــور أســامــة الشــرباصي الخبيــر الإســتـراتيجــى فـى ســيـاســة منطقـــة الشــرق الأوســـط !؟ ولــى نظـــريــة تســمـى نظـــريــة الســلام تـــدرس فـى الجــامعــات الأمــريكيــة!؟ وهــى: القــــوة المعـكــوســــة = 1 بـرميـــل نفــــط فـى مــا لا نهــــايــة!؟ وأنــت أيهــا المعـــلــق ليــس مـن أهـــــل الحــــوار وليــس مــن أهـــــل الســلام لأنــك لا تفهـــم فيهمـــا!؟ فحتــى تحــــل أى مســألـــة ســيـاســيـة بيــن طــرفيــن متحــــاربيــن كإيــــران والـــدول العـــربيـــة لابــــد أن يجـــلســون عــلـى طــاولـــة الحــــوار أولا بــــدون شــــروط مســبقــة وهــى الخطـــوة الأولــى لبـــــدايــــة عمـــليـــة الســـلام!؟ وهــــذا لـــم يتحقــــق حتــى الآن وكـل مـا سـمعنــاه مــن بعــض العـــرب تصــريحــات وإفتـراضــات وإرهـــاصــات لبعــض العقــــول الضيقـــة مــن العــــرب التـى إعتــادت أن لا تقبـــل الـــرأى والــرأى الآخــــر!؟ وإذا كـان العــــرب وجـــامعتهــم العــــربيـــة يـــرفضـــون حـــــوار المصــالــح مــع إيـــران وتـركيـــا فعــلــى العــالـــم العـــربــى الســلام!؟ فــليـــس أمــــام العــــرب إلا القتــــل والـــدمــــار والضحيـــة هــــو الإنســان العــــربــى أطفــالا ونســاءا وشـيــوخــا فـى فــلســطيـن وســـوريــة والعــــراق وليبيـــا واليمـــن!؟ فإيــران دولــة إقـــليميـــة راســخـة مســاحتهــا تســاوى مســاحــة فـرنسا وبـريطـانيـا وأسبانيـا وألمانيـا!؟
    دكتــور أسـامــة الشــربـاصي
    رئيــس منظمـــة الســلام العـــالمــى فــى الــولايــات المتحـــــدة
    http://www.internationalpeaceusa.org

  3. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

    كل محاولات إنعاش و احياء البحر ….الميت ، باءت بالفشل !
    اذ تبين أن جميع المسعفين ، هم موتى أصلاً !!

  4. يقول ابو ياسين عبد الرحيم- المغرب:

    كانت الفرصة سانحة للعرب لبلورة استراتيجية مشتركة في إطار مجموعة تتلاقى حول التعاون والتكامل في المجالات التي لا تثير حساسيات , حين كان المجتمع الدولي منقسماً إلى معسكرين متنازعين, مما كان يعطي هامشا المناورة للعرب. أما وقد تغير الوضع وأصبحت القوتان العظميين مجمعتين على التصدي للعرب, فإن الأمر أصبح صعبا, ولا اقول مستحيلا. لذا يجب على العرب التخلص من الرواسب التي تشكل عقليتهم في الحاضر من أجل قراءة جيدة لواقعم قصد الانطلاق من جديد, دون خلفيات تحكمها مواقف مسبقة غارقة في التعصب والدغماتية المتجاوزة.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية