عواصم ـ وكالات: قالت مصادر أمنية إن تركيا نشرت قوات إضافية وعتادا على امتداد جزء من حدودها مع سوريا مع اشتداد حدة القتال شمال مدينة حلب، لكن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو قال إنه لا توجد خطط فورية لأي تدخل عسكري.
وطرحت أنقرة مسألة إقامة «منطقة آمنة» داخل الأراضي السورية بسبب مخاوف من تقدم الأكراد السوريين ووجود مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» بالإضافة إلى احتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفارين من الصراع.
وذكرت مصادر أمنية ومسؤولون في أنقرة أن الجيش التركي كثف إجراءات الأمن وأرسل قوات خاصة مع احتدام القتال.
وشنت قوات الحكومة السورية غارات جوية مكثفة أمس الجمعة على مواقع لمقاتلي المعارضة في مدينة حلب وحولها. وحلب هي محور هجوم للمقاتلين يهدف إلى انتزاع مناطق يسيطر عليها الجيش السوري.
وقال داوود أوغلو للقناة السابعة التركية الخميس «صحيح اننا اتخذنا اجراءات احترازية لحماية حدودنا. هناك أوامر بالتحرك اذا استجدت أي ظروف عبر الحدود تهدد الأمن التركي.»
وأضاف «(لكن) يجب ألا يتصور أحد أن تركيا ستدخل سوريا غدا أو في المستقبل القريب.»
وتابع «اذا حدث أي شيء من شأنه تهديد الأمن التركي فسوف نتحرك على الفور ولن ننتظر إلى الغد. ولكن من الخطأ توقع أن تركيا ستقوم بمثل هذا التدخل من جانب واحد في الوقت القريب ما لم تكن هناك مخاطر.»
وقال مسؤول تركي كبير لرويترز إن أنقرة غير مستريحة لوجود مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» هناك ولا لاحتمال سيطرة القوات الكردية على الحدود بالكامل.
وأضاف أن الطريق بين تركيا وحلب مهم وأن أنقرة ستتحرك إذا سيطرت القوات الكردية على جرابلس وهي بلدة سورية إلى الغرب من نهر الفرات على الجانب الآخر من الحدود من بلدة كاركاميس التركية.
وتابع «أرسل جنود كثيرون حاليا إلى منطقة الحدود. يوضح هذا إصرار تركيا. لكن هذه ليست قطعا استعدادات لعبور الحدود» مضيفا أنه لا توجد خطة لدخول سوريا من جانب واحد.
وترى أنقرة في تنامي وجود الأكراد تهديدا وتعتقد أن قوات حماية الشعب الكردية السورية على الحدود تابعة لحزب العمال الكردستاني الذي كان يحارب الدولة التركية منذ عام 1984 في صراع راح ضحيته أكثر من 40 ألف شخص.
قال مسؤول تركي آخر إن هناك مخاوف أيضا من تدفق نحو مليون مهاجر آخرين على تركيا نتيجة للاشتباكات في سوريا.
وأضاف «هناك حاجة لمنطقة آمنة على الجانب السوري من الحدود لهذا السبب. نناقش هذا مع شركائنا.»
وقال جون باس السفير الأمريكي في أنقرة للصحافيين الخميس إن تركيا والولايات المتحدة تعملان معا لمواجهة تهديد وجود مقاتلي الدولة الإسلامية في شمال سوريا.
لكن وزارة الخارجية الأمريكية قالت إنها لا تملك «دليلا قويا» على أن تركيا تبحث إقامة منطقة عازلة في سوريا.
وقال شهود إن قتالا عنيفا وانفجارات سمعت من بلدة كيليس الحدودية التركية على بعد نحو 50 كيلومترا من مدينة أعزاز السورية الصغيرة. وأضافوا أن الوضع هادئ صباح امس الجمعة.
وذكرت قوات الامن أن القتال في أعزاز يدور بين مقاتلي الدولة الإسلامية من جانب وتحالف يضم جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا وجماعات معارضة يدعمها الغرب من جانب آخر. ويسيطر الجيش السوري وجماعات متحالفة معه على الأحياء الغربية في حلب.
وقال داوود أوغلو إن الرئيس السوري بشار الأسد يتعاون مع متشددي «تنظيم الدولة الإسلامية» في مهاجمة المعارضة المعتدلة. ونفى مسؤولون سوريون مثل هذه المزاعم من قبل مشيرين إلى أنهم يخوضون معركة ضد الدولة الإسلامية.
وأشار داوود أوغلو إلى أنه إذا أصبحت حلب معزولة بسبب القتال فإن هذا سيؤدي إلى تدفق بشري كبير جديد على تركيا التي يعيش فيها بالفعل أكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري.
إلى ذلك قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إنها وثقت مقتل 11189 شخصا في سوريا، خلال النصف الأول من عام 2015 الحالي.
وأوضح تقرير صدر عن الشبكة مؤخرا لحصيلة 6 أشهر الأولى من العام الحالي، وصلت الأناضول نسخة منه، أن من بين الضحايا 1547 طفلا، و1014 امرأة، و 529 شخصا قتلوا تحت التعذيب، موضحة أن «قوات النظام مسؤولة عن نحو 77% من مجموع القتلى».
وأشار تقرير الشبكة (تصف نفسها بأنها منظمة حقوقية مستقلة)، إلى أن تنظيم الدولة قتل خلال الأشهر الستة الماضية 1358، شخصا منهم 413 مسلحا، والباقي من المدنيين.
من جانب آخر، لفت التقرير إلى أن قوات التحالف الدولي قتلت 102 مدنيين، من بينهم 45 طفلا، فيما قتلت وحدات حماية الشعب الكردية، 67 مدنيا، من بينهم 10 أطفال، واثنان قتلا تحت التعذيب.
وبحسب التقرير فإن فصائل المعارضة السورية المسلحة مجتمعة، قتلت خلال الأشهر الستة الماضية 612 شخصا، منهم 25 مسلحا، والباقي مدنيون، فيما لم يتمكن التقرير من تحديد الجهة المسؤولة عن مقتل 268 مدنيا، و42 مسلحا من إجمالي عدد القتلى.
وتعرف الشبكة السورية لحقوق الإنسان نفسها كمنظمة حقوقية مستقلة لا تتبع لأي جهة حزبية أو سياسية، وتقوم بتوثيق الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المسلحة في البلاد، كما توضح أن تقاريرها لا تغطي الضحايا من القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها، والضحايا من تنظيم الدولة، في ظل عدم وحود معايير يمكن اتباعها في توثيق هذا النوع من الضحايا.