بغداد ـ «القدس العربي»: على وقع التقديم السريع الذي أحرزته قوات الأمن العراقية بدعم من قوات التحالف الدولي في ناحية القيارة، وبدء معركة التوجه نحو مركز مدينة الموصل آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية، تحدث مصدر خاص من داخل مدينة الموصل رفض الكشف عن هويته لـ «القدس العربي» أن مقاتلي تنظيم الدولة وفي خطوة مفاجئة قاموا بإخراج المئات من عائلاتهم وعائلات مقاتلي التنظيم الذين قتلوا بالمعارك، ونقلهم عبر ممرات سرية خارج مدينة الموصل حفاظاً على حياتهم من الاستهداف، ومعظم تلك الأسر وصلت إلى الرقة السورية، وكركوك، وصلاح الدين وعدد ضخم أيضا منهم استطاع التسلل بين النازحين الهاربين لبغداد.
وحسب المصدر فإن التنظيم أصدر هويات تعرفيه مزورة لكل فرد من المواليين له غيّر فيها بطاقاتهم الشخصية، وألقابهم واسم صاحبها، وحتى اسم المحافظة لتسهيل مرورهم عبر الحواجز الأمنية دون اعتراضهم وذلك بعد أن أدركت قيادات التنظيم الميدانية جدية وقوع هجوم وشيك يستهدف مقاره العسكرية وقرب إندلاع اشتباكات ضارية في أحياء نينوى التي بات غالبيتها عبارة عن ثكنات عسكرية.
وتروي أم ضحى وهي زوجة أحد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية قتل في إحدى المواجهات المسلحة في تكريت أنها كانت قد تمكنت مؤخرا من الفرار من نينوى مع أبنائها الخمسة ولكن بصعوبة، وقال لـ «القدس العربي»: كنت أقطن حي الشورى وسط نينوى، وأبلغني أحد الإخوة في التنظيم بأن أستعد أنا وأطفالي لترك الموصل على عجل، ولم يشرح لي الأسباب، فقط اكتفى بقوله أتنم أمانة في أعناقنا، وفي تمام الساعة الواحدة ليلا وضعوني داخل سيارة صغيرة لم أجلب معي شئيا سوى حقيبة بسيطة تحوي الطعام، وبعض قوارير المياه، وسرنا لساعات طويلة في طرق وعرة مظلمة تحيطها التلال، وعند طلوع الفجر توقفت الحافلة وعلى ما يبدو أنه المكان المقصود، وقال لي السائق الملثم: (الآن يا أختي ترجلي بسرعة واسلكي هذا الطريق، ولا تخافي وارفعي الراية البيضاء مسافة قليلة وستجدين إن شاء الله عناصر الجيش العراقي المرتدين)، وأشار بيده إلى عدد من القرى المترامية الأطراف، وأضاف أن عناصر الجيش سيتكفلون بنقلنا لأماكن آمنة.
وتابعت: بعدها مشيت سيرا على الأقدام لمسافة قصيرة صادف وجود نقطة مرابطة أمنية يتواجد بداخلها مجموعة من عناصر الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي، رحبوا بنا، وقدموا لنا الماء البارد والأكل وأجلسونا تحت الظل كنت حينها أرتجف رعبا خشية الاستجواب، والسؤال عن زوجي أين هو؟، أحد رجال الأمن أجرى معي تحقيقا سطحيا، لماذا وحدك، قلت له زوجي قتل رميا بالرصاص على يد التنظيم لأنه كان ضابطا حكوميا، وسألني من أي منطقة اكون، فأجبته من مدينة الشرقاط، وكان معي أوراق ثبوتية مزورة تدل على كلامي، فنظر إليّ عدة مرات ثم طلب مني اللحاق بمئات النازحين، شعرت بالأمان وقتها.
أم ضحى 35 عاما تعيش الآن في بغداد في بيت أبيها بسرية تامة، وتتجنب الحديث عن حياتها الشخصية؛ لأنها تتخوف من ملاحقة الأمن لها، أو إعتقالها من قبل عناصر جهاز الإستخبارات العراقي، خصوصا إذا علموا أنها قادمة من الموصل، وتكاد تكون هي من النساء القلائل اللاتي لم يخضعن لاستجواب مطول وتدقيق، ربما بسبب وضعها البائس، على حد قولها.
لكن عائلة المقاتل أبو طلحة (اسم مستعار له) الذي مازال داخل الموصل استطاعت الخروج والوصول إلى مدينة قريبة جدا من شمال العاصمة بغداد، رافضة تحديد مكانها بدقة، وتصف زوجة أبو طلحة وضع التنظيم داخل الموصل بالقول: أصبح حرجا و مقلقا للغاية، والمدينة باتت معزولة ومحاصرة، كما أن الوضع الإنساني يتفاقم بشكل سيئ، قصف طيران التحالف دمر كل شيء داخل الموصل، وشل حركة السكان، واستهداف الأنابيب الناقلة للمياه، بالإضافة إلى قصف الأسواق والجامعات، وقتل المدنيين بصورة متعمدة، أوضاعنا المعيشية والأمنية مع بداية اقتراب القوات العراقية بدأت تزداد تعقيدا، فكان لابد من الفرار على، حد وصفها.
وتضيف: «حينها قام زوجي بالاتصال مع أحد عناصر التنظيم ويدعى أبو بكر الأنصاري وهو مقاتل مختص بنقل عائلات عناصر تنظيم الدولة؛ لأنه محترف بمعرفة الطرق والممرات، ونقلنا عبر أنفاق سرية أنا وزوجات بعض المقاتلين لنجد أنفسنا بعدها على حدود تكريت وكركوك»، مشيرة إلى إعطائهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 300 إلى 500 دولار أمريكي لتدبير أمورهم.
وختمت حديثها بالقول: توجهنا إلى منطقة الجزيرة في صلاح الدين، أوقفتنا مجموعة من مسحلي العشائر؛ لكن عندما قلنا لهم نحن نازحات من القيارة تركونا نمر بسلام.
ماجد الدليمي
أرسال تنظيم داعش لهذه العوائل هو بسبب عدم قدرة على إعالتهم وقد يستخدم بعضهم كجواسيس أو لنقل رسائل معينة !
ولا حول ولا قوة الا بالله