إذا ما جازفنا بترميمها منطقياً، يمكن القول أن «حزب الله» بلور كفاية كلمته الأخيرة للبنانيين، في الموضوع الرئاسي، المستفحل شغوراً منذ أكثر من عام ونصف. قال، بهذا المعنى: بما ان الترشيح بات يتمحور حول شخصيتين مواليتين لي وللنظام السوري، شكلوا اجماعاً كاملاً ومطلقاً حول احدى هاتين الشخصيتين، من دون أن تسألوني الضغط على أي منهما فهذا حبيبي وذاك حبيبي وان كنت أعطيت كلمتي لهذا قبل ذاك. شكلوا اجماعكم يا شطّار الآن أجيز لكم انعقاد جلسة نيابية لانتخابه.
حصل هذا التبلور في طلات السيد حسن ما قبل الأخيرة. في كلمته الأخيرة في ذكرى «القادة الشهداء» تجاهل الموضوع الرئاسي تماماً، واهتم بمواصلة الهجوم على المملكة العربية السعودية، ووسعه إلى نظرية تآمرية، لم نعد نعرف ان كانت تنشأ من تغرير «أهل السنّة» لاسرائيل، أو اسرائيل لأهل السنة، في منطوق السيد. وعلى قياس «السامري الطيب» في الإنجيل، لم نعد نعرف ملامح «السنّي الطيب» الذي يبحث عنه حزب المقاومة، الذي يعتبر تشيّعه عقيدة دينية ونظرية علمية في آن، لكنه لا يعتبر تشيّعاً مذهبياً أو طائفياً، دون اكتراث لكيفية تلقي المخالف أو المختلف لهذا التصنيف الذاتي.
بالنتيجة، اندمج الاستعصاءان الآن: استعصاء مرير يتعلق بظاهرة «حزب الله» نفسها، ومشكلة سلاحه في الداخل، ومصادرته قرار الحرب والسلم، وتدخله في سوريا، وتخريبه لعلاقات لبنان العربية، واستعصاء الانتخابات الرئاسية مع هذا الشغور المستفحل، وكذلك الانتخابات النيابية، مع فارق ان الشغور الرئاسي مرتبط مباشرة بمعادلة «حزب الله»: عدم السماح بجلسات الانتخاب طالما هناك خطر وصول رئيس لا ترضى عنه «المقاومة» (الحزب إياه في «نك نيم» آخر)، ثم، مع حصر الترشيح بمن ترضى المقاومة عنهما، اشتراط اجماع كل المرشحين على واحد دون آخر، ولا داعي للاستعجال!
لا يوازن الحزب بين المرشحين عون وفرنجية، لكنه يترك المفاضلة بينهما لأخصامه. عندما انشطر التحالف المناوئ للحزب رئاسياً، بين من يدعم حليفا للحزب وبين من يدعم حليف آخر، عبّر الحزب أيضاً عن نظرته بشكل أو بآخر: جرى تصوير الموضوع كما لو أنها مسألة شرفية (أعطينا كلمتنا لعون مع أن فرنجية أكثر صفاء ممانعاتياً). فرنجية هو الحليف المزمن للنظام السوري والحزب، ولد في كنف النظام السوري، ولاءه لمحور الممانعة ليس أيديولوجياً لكن المفترض فيه أن يكون فطرياً، عضوياً. شبّ على الشيء. هذا بخلاف ميشال عون الذي قاد حرب تحرير ضد الاحتلال السوري للبنان (في 14 اذار 1989، ولعقدين كان «14 آذار» تاريخاً مبجلاً لدى العونيين وحدهم)، ونفاه السوريون بعدها، وقاد من منفاه حركة مقاومة سلمية ضدهم، وحملة ناشطة دولياً تكللت باستماع الكونغرس الأمريكي اليه لانجاز قانون محاسبة سوريا. بيد ان كل ما أعطاه فرنجية لمحور الممانعة الأسدي الإيراني هذا لا يقارن بعشر ما أعطاه عون في العشر سنوات الأخيرة. ما قدّمه عون لحزب الله وبشار الأسد كان أثمن، وأتسم بانضباط داخلي كامل في الحلف الممانع. هذا التبديل الفظيع في موقع جنرال التحرير سابقاً لم يفقده شعبيته، التي تمثل المزاج الأكثري عند المسيحيين، بالعكس. فالمسيحيون، بأكثريتهم، لم «يهضموا» اتفاق الطائف، ورأوا فيه خسارة لما كان لهم في الدولة، وصلاحيات تؤخذ من رئيس الجمهورية لصالح رئيس الحكومة.
في التسعينيات كانت النظرية العونية أن كل هذا عابر، وفوقي، وسيزول تلقائياً ما ان ينسحب السوريون من لبنان. لكن بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجلاء السوري، ورجعة عون وتحالف قوى 14 اذار مع «حزب الله» و»حركة أمل» في انتخابات 2005، في مقابل تحالف عون مع مسيحيي ودروز الوصاية السورية، كفرنجية وميشال المر وطلال أرسلان، ومن ثم اكتساح تيار عون الدوائر المسيحية، تعدّلت النظرية. وفور انهيار مفاعيل التحالفين الانتخابيين العجيبين الموصوفين، روّج لها بشكل أوضح: الاحتلال السوري «الخارجي» كان يحرّك مفاتيح اتفاق الطائف على هواه، بما يحفّز هيمنة إسلامية حيناً (قطبية الرئيسين نبيه بري ورفيق الحريري في التسعينيات) واسترداداً مسيحياً (اميل لحود) حيناً آخر، لكنه أخلى في النهاية السبيل لـ»احتلال سنّي» داخلي، يطبّق النسخة اللا-مسيحية بامتياز من اتفاق الطائف: «استيلاء» السنة على صلاحيات المسيحيين في الدولة. حدث ذلك بالتوازي، مع بلورة نظرية أخرى، هي تلك التي تغذت منها «قوى 14 آذار» بشكل أو بآخر في العشرية الماضية، ومفادها أنّ الوصاية السورية سلّمت شعلة الوصاية والتغلّب لـ «حزب الله» التابع لإيران.
هنا مفارقة الظاهرة العونية: من جهة، هي تمثل المزاج الأكثري لدى المسيحيين – لربع قرن سابقة على انضمام «القوات» إلى تأييده، بل ان هذا المزاج يؤيد «الجنرال» لهدف واحد: لجعله رئيساً. من هذه الناحية يصير خطأ كبيراً تجاهل المزاج المسيحي عند التداول في انتخاب رئيس الدولة الماروني عرفاً. لكن من ناحية ثانية هذا المرشح، عون، لم يتبن المنطق نفسه (كل طائفة تختار المنصب الرئاسي الذي من حصتها في الدولة) عندما تعلق الأمر برئاسة الوزراء السنية، وشعبيته ترجع في جزء أساسي منها إلى ابتداع «نظرية مؤامرة سنية» على المسيحيين، وتتقاطع من ثم مع نظرية «حزب الله» حول «اسرائيل وأهل السنة».
ولأنّ الاستعانة بنظرية «المؤامرة السنية» لا تزال تشبك عون بـ «حزب الله»، ولو كان كل واحد برواية مختلفة لها عن الثاني، فإن موقع سليمان فرنجية السياسي هو الذي بدت عليه إمارات التبدّل مؤخراً، أكثر بكثير من موقع عون في حلفه مع الحزب، رغم انجاز المصالحة مع «القوات اللبنانية» وتحولها إلى داعم متحمّس لوصوله إلى الرئاسة.
لا تلغي تهويمات عون و»حزب الله» حول «المؤامرة السنية» أن ثمة بالفعل مشكلا عميقا بين الطوائف اللبنانية، ودائماً بين المسلمين والمسيحيين، بشكل لا يجد حلّه في اتفاق الطائف، وأنّ بيان ذلك يظهر في مشكلة «قانون الانتخاب» بالتحديد. واذا كان تجاهل مزاج أكثرية المسيحيين خطأ «سنياً»، يتلطى حوله «حزب الله» الآن، فإنّ الردّ على الخطأ بخطأ آخر، يتمثّل في المساواة بين الاعتدال السنّي وبين التطرّف الشيعي، لا يمكن أن يصب لا في مصلحة تقصير مدة الشغور الرئاسي، ولا في مصلحة تحسين شروط المواجهة الداخلية مع «حزب الله»، ولا في مصلحة تقريب هذه المواجهة قدر الإمكان إلى نكهة «السلم الأهلي».
٭ كاتب لبناني
وسام سعادة
متى ســـــــــتدركون أيها الـــعرب ســـــــــنة وشـــــــيعة ومســــيحون ودروز … أيها العـــرب بكل مللهم؛ أن هـــدف الــفرس هو تدمــــــــير بلادكــــــم وقتل أكـــــــــبر عـــــدد من الـــــعرب ســــــــنة وشــــــــيعة وغيرهم…. هؤلاء ملالي المجوس يــكرهونــــــــــكم جميعاً ويريدون الثأر لتدمير أمبراطورية فارس وليس تخفيهم تحت عباءة الدين إلا كذباً لخداعكم وتقسيمكم وجعلكم تقتلوا بعضكم البعض …. ملالي المجوس سيقاتلون حتى آخر شـــيعي عربي فهذا هو هدفهم : قتل أكبر عدد من العرب سـنة وشيعة ومسيحيين ودروز وغيرهم. حقدهم على العرب وعلى الأديان السماوية لاحدود له .
شكرًا ساميه ، هذا هو الصواب ولكن المال ثم المال ثم السلطة لهم التأثير علي تفكير العقل..