ذكرى سقوط الموصل… عام «داعشي» بامتياز

حجم الخط
10

«عام كامل» مر بالامس على سقوط مدينة الموصل في ايدي تنظيم «الدولة»، الا انه لم يكن كافيا ليمتلك رئيس الولايات المتحدة «استراتيجية كاملة» لكيفية محاربته. لكنه كان اكثر من كاف ليفرض ذلك التنظيم الارهابي، تحت غارات ما يسمى بالتحالف الدولي، سيطرته على اكثر من اربعين في المائة من مساحة العراق وخمسين في المائة من مساحة سوريا، ومدينة سرت الليبية، ناهيك عن نشر عشرات الخلايا النائمة والنشطة في مصر والسعودية والاردن واليمن وتونس ولبنان واوروبا، بل وفي الولايات المتحدة نفسها.
اما المحصلة فعشرات الآلاف من القتلى، وآلاف (السبايا)، وملايين النازحين واللاجئين، وتدمير كنوز اثرية من صروح معمارية ومتاحف ومكتبات تعد الاعرق في تاريخ الحضارة الانسانية، الى جانب عشرات الكنائس، واعداد لا يمكن حصرها من المعابد والمساجد السنية والشيعية بعضها من الاقدم في العالم.
واصبحت قوات التنظيم ترابط غير بعيد عن عاصمتين عربيتين هما بغداد وطرابلس الغرب، وتحتل مدينة تدمر السورية حيث باتت كنوزها التاريخية تواجه خطر المصير نفسه للآثار في شمال العراق.
عام كامل، كان العرب يغرقون في كل يوم من ايامه سنوات وسنوات في عصور الظلام، فيما يصم ما يسمى بـ «المجتمع الدولي» اذنيه عن استغاثات النازحين، ويغمض عينيه عن جرائم حرب مروعة وعمليات ابادة جماعية، وتدمير منهجي لذاكرة حضارة الانسان وميراثها. عام كامل من الغارات التي قرر الرئيس باراك اوباما ان يشنها، لكن من غير «استراتيجية متماسكة» كما صرح قبل تسعة شهور، او من غير «استراتيجية كاملة» كما قال في قمة السبع في بافاريا قبل يومين، او «من غير استراتيجية اصلا» كما يقول كثيرون مستشهدين بالوقائع على الارض.
والا كيف تمكن التنظيم من التمدد في صحراء مكشوفة تحت انظار ومراقبة طائرات «التحالف» واقماره الصناعية؟ وكيف لا تؤدي ثلاثة ارباع الطلعات الجوية، القليلة اصلا، الى مهاجمة اي اهداف للتنظيم؟ وكيف انتبه اوباما فجأة الى ان مراكز التدريب الامريكية لم تستقبل اي مجند عراقي منذ اسابيع؟ ولماذا هرع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى موسكو طالبا الحصول على اسلحة بعد سقوط الرمادي مؤخرا اذا كان اوباما قد اوفى بتعهداته حقا بشأن تسليح الجيش العراقي؟ وكيف نجح التنظيم الارهابي في الحصول على التمويل والدعم اللوجستي وتجنيد الآلاف من الشباب في نحو مائة دولة رغم قرارات مجلس الامن ذات الصلة؟
واذا لم يكن عام كامل، شهد ذبح المئات بدم بارد بينهم عرب واوربيون وافارقة ويابانيون وامريكيون، وهجمات داخل اوروبا والولايات المتحدة نفسها، كافيا ليتوصل اوباما الى صياغة «استراتيجية «كاملة» او حتى «اقل اهتراء»، فمتى سيتمكن من تحقيق ذلك، ولم يتبق الكثير من الوقت على نهاية ولايته؟
وهل «فشل القيادة» حسب تعبير احد اعضاء مجلس الشيوخ في انتقاده لاوباما، اجابة كافية هنا؟ ام ان عدم وجود استراتيجية اصلا هو «الاستراتيجية الحقيقية» لاوباما حسبما يقول انصار نظرية المؤامرة؟ بمعنى ان دعم تنظيم «الدولة» او التغاضي عنه، وبالتالي القضاء على الدولة الوطنية، وتفتيت الشرق الاوسط على اساس طائفي فصائلي، هو صميم المصلحة الامريكية الاسرائيلية المشتركة لاستكمال الهيمنة على الاقليم؟
الواقع اننا امام رئيس امريكي اظهر قدرا غير مسبوق من الفشل والضعف والنفاق في سياسته الخارجية، بدءا من تراجعه الذليل في مواجهة مجرم الحرب نتنياهو، رغم تعهداته بتحقيق تسوية سلمية للصراع في بداية حكمه قبل نحو سبع سنوات، وانتهاء باستراتيجيته «الناقصة» التي تحولت الى مبعث للتهكم والسخرية. وانه لجدير بالرئيس الامريكي ان يتخلى عن جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها في غفلة من الزمن ان كان يتمتع بأي قدر من المصداقية او الكرامة.
اما الذين ينتظرون من اوباما ان «يستكمل» استراتيجيته ليحاربوا التنظيمات الارهابية، التي لولا غزو سلفه للعراق لما كانت موجودة اليوم اصلا، فعليهم ان يدركوا انهم في انتظار ما لا يجيء.
لقد اثبتت وقائع ذلك العام «الداعشي» ان لا احد محصنا من انتشار سرطان الارهاب، فيما تجمع المعطيات على اننا قد نكون على اعتاب عام «اكثر داعشية» ان لم يتحرك العالم ضمن جهد حقيقي منظم تتوازى فيه المسارات العسكرية والامنية والسياسية والثقافية لاقتلاع الارهاب من جذوره، بغض النظر عن هواجس اوباما «الاستراتيجية».

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بومحسن:

    أوباما أعلنها بصراحة أمام العالم مع بداية سيطرة داعش على الموصل في العراق قالها بالفم المليان وتصريح غير علني أننا أمام حرب ستسمر ثلاثون عاماً ضد تنظيم الدولة الداعشية واوباما وقوة بلاده تستطيع القضاء على هذا التنظيم خلال اسبوع اذا أرادت ذلك ولكن ستسمر داعش بالتقدم والتوسع في أماكن مرسومة لها والمخفي أعظم.

  2. يقول رضوان الشيخ -السويد:

    السلام عليكم ورحمة الله
    وشكرا لقدسناالغالية ع المقال والتحليل الرائعين الجميلين

  3. يقول سامح // الامارات // الأردن:

    * السؤال المنطقي : هل محاربة ( داعش ) مصلحة أمريكية ؟؟؟
    * طبعا ( لأ ) .
    * إذن لماذا نلوم أمريكا ونتهمها أنها لا تحارب داعش ؟؟؟
    * داعش : تقدم أفضل الخدمات لأمريكا و ( اسرائيل ) .
    * العمل على تفتيت المنطقة ( العربية ) وتشويه صورة ( الإسلام ) السمح ؟؟؟
    * شكرا

    1. يقول فحل العرب:

      من الذي جلب الأمريكان و الصهاينة إلى المنطقة غير العرب و قبل أن تتواجد داعش اصلا ؟!؟!؟!؟ :) :) :)

      إذا عدت إلى الماضي ستجد أن العرب هم من جلبوا ايضا التتر و المغول و غيرهم على المنطقة

  4. يقول سامح // الامارات // الأردن:

    * ( داعش ) حاليا تبث الرعب وتنشر الخراب في الأماكن التي ( تحتلها )
    وتنفذ ( أجندة ) شيطانية خاصة بها ما أنزل الله بها من سلطان .
    * شكرا

  5. يقول سامح // الامارات // الأردن:

    * معظم المنتسبين ( لداعش ) حاقدين على دولهم لأسباب مختلفة
    ولهذا نجد تصرفاتهم وحشية وهمجية لأنّ قلوبهم مليئة بالحقد
    والإنتقام و( العياذ بالله ) .
    * شكرا

  6. يقول سامح // الامارات // الأردن:

    * ومما زاد الطين بلة ( كما يقولون ) تصرفات ( الحشد الشعبي )
    الطائفية الرعناء الحمقاء في العراق ؟؟؟
    * وتصرفات ( حزب الله ) الطائفية في سوريا ؟؟؟
    * تحوّلت الحرب في معظم الدول العربية الى ( حرب طائفية ) بامتياز ؟؟؟
    * اللهم أصلح الحال والأحوال في دولنا العربية يا رب العالمين .
    * شكرا

  7. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.عنوان رأي القدس اليوم هو(ذكرى سقوط الموصل… عام «داعشي» بامتياز)
    ما كان لداعش ان يتمدد في الارض وفي اوساط المسلمين السنة لولا الظلم والعدوان الواقع على المكون السني من المجتمع العربي المسلم.وبالرغم مما يروج له الاعلام المشبوه من جرائم يرتكبها هذا التنظيم ،فان جرائمه لا تقاس وتتصاغر امام جرائم ودموية من يقاتلوه ويشنعون عليه وعلى كل ادبياته وسلوكياته ويجعلون من (الحبة قبة) .فلو استعرضنا كل الذين يقاتلون داعش لوجدناهم احط ما عرفت البشرية ولنبدأ بامريكا واسرائيل وهما عنوان الانحطاط والخسة الانساتية وجرائمهما لا تخفى على احد؛ولا ننتهي بايران واذنابها واذرعها الاخطبوطية الطائفية الهمجية في محيطها العربي الاسلامي السني ،مما تسبب في ازهاق ارواح مئات الاف المؤلفة من اهل السنة في العراق وسوريا واليمن والحبل الصهيوصليبي المدود لها على الجرار.اما الزعماء العرب الذين يقاتلون في الصفوف المتحالفة ضد داعش فهم شهود زور او كشاهد(مشافش حاجة) ويفعلون ذلك حماية لكراسيهم ليس الا .

  8. يقول سامى عبد القادر - الولايات المتحدة:

    أما عن أوباما, فكان اهتمامه الأكبر والأول بلا منازع هو انتشال الولايات المتحدة الأمريكية من الكارثة الإقتصادية المزلزلة التى أوقعها فيها سلفه الأرعن جورج بوش بعد حربه المجنونه الكاذبة الملفقة على العراق … ولذا فإن هاجسه الأكبر طوال سنوات حكمه كان عدم دخول أمريكا فى حرب برية أخرى مهما كانت الأسباب, وأى حاكم أمريكى من الحزب الديمقراطى سيفعل نفس الشيئ تماماً … ثم, من قال أن أوباما يريد أن يُحارب الإرهاب فى عالمنا الإسلامى عامة والعربى خاصة?!! … أمريكا لا يهمها فى منطقتنا إلا أمران, الأول هو حماية أمن الكيان الصهيونى الغاصب, والثانى هو مصالحها الإقتصادية والنفطية منها بالأساس … ولو تحقق لها هذان الأمران بالتحالف مع “إبليس” شخصياً فسوف تتحالف معه أمريكا, بل وسترشحه لجائزة نوبل للسلام!! … ألم تتحالف أمريكا مع مبارك والقذافى وعائلة الأسد وعلى عبد الله صالح وزين الهاربين, وتتحالف حالياً مع مغتصب السلطة المدعو السيسى برغم الدماء التى تجرى أنهاراً على يديه, وبرغم الإرهاب الصريح العلنى الذى يمارسه ضد شعب أعزل ليل نهار?! … فما الغريب أن تتلكأ أمريكا أو حتى تغض الطرف عن داعش أو غيرها, طالما أكثر من ٣٠٠ مليون عربى لا يستطعيون أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم, بل وما يزالون يعيشون منذ مائة عام داخل وهم كبير صنعه لهم مخموران يدعيان مارك سايكس وجورج بيكو!!

  9. يقول العراق سامي الموصلي:

    امريكا تستغل الغباء العربي وتستغل داعش باسم الحضارة الكاذبة امريكا عدو للعرب والمسلمين منذ عرفناها وها هي تقف مع ايران ضد السعودية ودول الخليج ومن اراد الاطلاع على تفاصيل التآمر على العروبة والاسلام من امريكا وايران واسرائيل فعليه ان يقرأ الكثير واذا كانت امريكا لم تضرب جيوش الدولة الاسلامية فان ها تريد استغلال وجود حركة اسلامية عسكرية تعلن الخلافة لتبرر محاربتها لها باسم اوسمها باسمها ومتى كانت امريكا مع العرب يوما واحدالارهاب وما امريكا الا اكبر دولة ارهابية معاصرة ومن شاء فليراجع ما يكتبه نعوم تشومسكي عنها وما امريكا الا العدو الاول للعرب والمسلمين حيث اعرب بوش في تصريح صريح انه يقوم بحرب ضد العرب والمسلمين هو يعيد الحروب الصليبية من جديد اما الدولة الاسلامية فهدف امريكا لاجتثاث اي محاولة لاعادة الخلافة الاسلامية وان الله هو من اوحى اليه بغزو العراق فلماذا ذاكرة العرب قصيرة الى هذا الحد

اشترك في قائمتنا البريدية