دخلت حركة “نور الدين الزنكي” كلاعب قوي في موضوع التدخل العسكري التركي في شمال سوريا في إطار تنفيذ اتفاقية “خفض التصعيد”، حين منعت عناصر “هيئة تحرير الشام” المرافقين لفريق استطلاع عسكري تركي من الدخول إلى مناطق سيطرتها شرق دارة عزة، في ريف حلب الغربي. وأكد مصدر مطلع على المفاوضات بين الزنكي والجانب التركي أن الاتفاق كان “دخول الرتل التركي دون أي عنصر من تحرير الشام، لكن الهيئة رفضت ترك الوفد التركي يدخل بمفرده”، وهو ما أخر الفريق التركي أربع ساعات، قررت بعدها وحدة الاستطلاع التركية العودة إلى الأراضي التركية، دون إكمال مهمتها في مسح منطقة جبل الشيخ عقيل وتحدد نقاط مراقبة وتفتيش عليه.
في السياق، نفى الناطق العسكري في حركة الزنكي، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن القوة الأمنية التابعة للحركة منعت وحدة الاستطلاع التركية المتوجهة إلى جبل الشيخ عقيل شمال شرق جبل سمعان. وأوضح قائلاً: “جهزنا قوة لمرافقة الوفد التركي إلى النقاط مع قسد، ورفضنا دخول عناصر الهيئة لنقاط رباطنا، ولا يوجد أي سبب لدخول رتل أو قوة الهيئة المرافقة لهم على الاطلاق”.
وأضاف: “ليس هناك أي وجود تركي في النقاط التي تسيطر عليها الزنكي، ومهمة الوفد التركي كانت استطلاعية لتحديد نقاط مراقبة على خطوط التماس.
وخفف عبد الرزاق من مسألة منع عناصر تحرير الشام بالقوة وإشهار السلاح بوجههم، قائلاً: “ليس الأمر أمر سلاح، ولم يكن هنالك داع لدخول رتل من الهيئة إلى نقاط رباطنا، وتمسك عناصر الهيئة وإصرارهم على الدخول هو الدافع للرفض القطعي لمرورهم على حاجز الزنكي”. وأشار إلى أن “التنسيق دائم ومتواصل بين الأتراك وكل الفصائل ولم ينقطع إطلاقاً”.
ونشر الجيش التركي في المرحلة الأولى 80 جنديا مع 12 مدرعة بينها ناقلات جند، إضافة لآليات الهندسة الثقيلة، وسيارات الإسعاف. وتمركزت الدفعة الأولى، التي دخلت ليل الخميس الماضي في منطقتي جبل الشيخ بركات (غرب دارة عزة) وجبل سمعان إلى الشمال قليلاً، على أن يستكمل الجيش التركي نشر قواته في 8 نقاط مراقبة وتفتيش مع جبهات التماس الممتدة من أطمة إلى دير سمعان، بطول يصل إلى 15 كم في منطقة سيطرة “تحرير الشام” و8 نقاط من غرب دير سمعان وصولا إلى أقصى الشرق قرب الطامورة، وهي منطقة سيطرة حركة الزنكي.
يذكر أن جبل الشيخ بركات عبارة عن كتيبة دفاع جوي تابعة لإدارة الدفاع الجوي، سيطرت عليها كتائب الجيش الحر نهاية حزيران/ يونيو 2016، وهي أعلى قمة جبلية في منطقة في ريف حلب الغربي.
توزع النقاط بين مناطق الزنكي وتحرير الشام هو ما سيضعف دور الأخيرة في اتفاقها مع الجانب التركي، بعدما صدّرت دورها السياسي على أنه ضامن للتدخل التركي، وأنها أمنيا وعسكريا ستكون قوة الحماية لنقاط المراقبة المنتشرة في مناطقها.
بدورها فإن قيادة الزنكي لن تقدم أي رصيد إضافي للهيئة وهي الخارجة من تحالفها منذ شهور قليلة، فإمكانيات الحركة العسكرية والسياسية وحاضنتها الشعبية الكبيرة في ريف حلب الغربي، جعلتها الفصيل العسكري الوحيد القادر على رفض أستانة وعدم الانصياع للضغوط التركية والموافقة على مؤتمر أستانة 1 مطلع العام.
براغماتية الزنكي ستجعله يتمسك بالشراكة مع تركيا في مناطق نفوذه، وهو ما سيعود عليه بتثقيل دوره السياسي والعسكري في ترتيب مراحل الانتشار التركي وتأمين الحدود مع عفرين.
في المقابل، فإن هيئة تحرير الشام، التي قامت بعقد اتفاق منفرد مع تركيا دون مشاركة أحرار الشام وفيلق الشام المقربين منها، لن تسمح لحركة الزنكي أن تعطل اتفاقها مع تركيا دون شك. ويدرك قائد الهيئة، أبو محمد الجولاني، أن الزنكي رأس حربة في أي مشروع قتال ضدها في المستقبل القريب. ويعلم جيدا أن الاتفاق الرباعي لبدء الحرب على تحرير الشام يشكل الزنكي عموده الفقري، حيث أثبتت تجارب اختبار الجولاني له نجاح الزنكي دائما.
هذه الاعتبارات، وأخرى كهزيمة “أحرار الشام” المدوية، وكسر شوكة كل الفصائل وانحسار فصيل “صقور الشام” الصغير في قراه شرقي جبل الزاوية، تبرز “قلعة” الزنكي وحيدة في طريق تحرير الشام. ويمنع من هدم تلك القلعة أسباب عدة، أهمها الكلفة البشرية الكبيرة لمهاجمة أشرس أنواع مقاتلي فصائل الجيش الحر، والبنية العسكرية والأمنية للحركة، وتكتلها في منطقة جغرافية صخرية صعبة الاقتحام، إضافة إلى عامل الانتماء الجهوي لأبنائها ضد كل غريب، وكل من هم خارج ريف حلب الغربي.
وتحسب أي خسائر حالية في صفوف “تحرير الشام” لصالح الفصائل المتربصة بها، لكن من غير المستبعد قيام الجولاني، وتياره المتشدد الميال للحسم العسكري مع فصائل الداخل والرضوخ للخارج، أن يقدم على تلك المغامرة.
أولى خطوات منع إقامة “ممر إرهابي يبدأ من عفرين ويمتد إلى البحر المتوسط” (حسب تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) بدأت بالتجلي على أرض الواقع مع انتشار القوات التركية في جبل الشيخ بركات وجبل سمعان، وستتواصل من خلال تعزيز نقاط أخرى غربا في صلوة وأطمة المواجهة لدير بلوط التابعة لجنديرس أكبر بلدات منطقة عفرين.
ومع التثبيت الحاصل لنقاط مراقبة خفض التصعيد في مناطق النصرة، يعمل الجانب التركي بالتوازي مع الزنكي لحل مشكلة نشر النقاط في جبل الشيخ عقيل، باقل الخسائر. وتمارس تركيا سياسة ناعمة في الفترة الحالية لضمان موطئ قدم لها، وهذا خيار سوف يتغير لا شك في المرحلة الثانية، عندما ستبدأ بالتقدم إلى مدينة إدلب.
أمريكا، التي رحبت بالعملية التركية ضد الإرهاب في إدلب في بيان لوزارة الدفاع، فضلت الصمت على توجيه أي انتقاد أو ترحيب بالتفاهم التركي مع “هيئة تحرير الشام” المصنفة إرهابيا، واعتبرت التصريحات الرسمية أن العملية التركية تتم مع الجيش السوري الحر.
ويذهب الكثير من المحللين الأتراك إلى اعتبار أن العملية العسكرية التركية في إدلب، وإقامة نقاط مراقبة على الحدود بين إدلب وعفرين، إلى أنه سيحاصر “وحدات حماية الشعب” التي تصنف كمنظمة إرهابية، وهي الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، ويمنع توسعها باتجاه ادلب بشكل نهائي، مع إدراك استحالة أي عملية هجومية عليها في الوقت الحالي على الأقل.
منهل باريش
حركة “نور الدين الزنكي” كنت من ضمن هيئة تحرير الشام قبل شهرين !!
ولكن بسبب معارك هيئة تحرير الشام مع أحرار الشام قبل في الشهر السابع إنسحبت حركة نور الدين زنكي من الهيئة !
ولا حول ولا قوة الا بالله