عمان ـ «القدس العربي» فاجأ العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني أعضاء البرلمان الجديد بتأجيل انعقاد دورتهم الى السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بدلا من بعد غد السبت المقبل كما كان متوقعا، في الوقت الذي احتفظ فيه رئيس الوزراء المكلف الدكتور هاني الملقي بـ 21 وزيرا من حكومته السابقة مفاجئا بدوره جميع الأصوات التي توقعت تغييرا وزاريا جوهريا.
التفسير المباشر لقرار العاهل الاردني بتأجيل انعقاد دورة البرلمان المنتخب نحو 6 أسابيع له علاقة على الأرجح بالرغبة في استقرار مجلس الوزراء الجديد قبل الاشتباك مع النواب والخضوع لقواعد طلب الثقة، وله علاقة بالسعي إلى تمرير صفقة الغاز مع اسرائيل من دون صخب واثارة.
أجندة الملك الزمنية تطلبت الإسراع في أداء اليمين الدستورية للوزراء فيما تجاهل الملقي مبدأ المشاورات النيابية، حيث لم يلتق بعد بأي من أعضاء البرلمان المنتخبين خلافا للأعراف والتقاليد وبصورة توحي ضمنيا بأن القرار المرجعي يتمثل في استرخاء الحكومة قدر الامكان قبل الاشتباك مع نواب يتطلعون لمخاطبة الشارع والاستعراض المبكر بخطابات بسقف مرتفع كالعادة.
وتجنب الملقي الاستعانة بشخصيات وطنية رفيعة وسياسية في حكومته وذلك بهدف ابقاء السيطرة له على مجلس الوزراء في الوقت الذي لم تسمح فيه المرجعيات في المقابل بالإطاحة بوزيرين أساسيين يطالب نشطاء بإقالتهما، وهما وزير الداخلية سلامة حماد ووزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات.
بقاء حماد وذنيبات رسالة مرجعية لبعض الأصوات المعارضة والمناكفة التي تتهم الأول بالتدخل في الانتخابات الأخيرة، والثاني بتعديل المناهج لصالح الاتجاه العلماني والليبرالي.
وزراء السيادة ونواب الرئيس بقيوا في مواقعهم، فبالإضافة للذنيبات استمر الدكتور جواد العناني في قيادة المطبخ الوزاري الاقتصادي مع عنصر إضافي جديد هو الدكتور يوسف منصور خبير الاقتصاد، مع بقاء عماد الفاخوري وزيرا للتخطيط وابراهيم سيف وزيرا للطاقة وعودة ياسين الخياط وزيرا للبيئة.
واحتفظ المخضرم ناصر جودة بموقع النائب الثالث مع وزارة الخارجية، ويفترض أن يساعده – أو يخفف عنه – وزير الدولة الجديد للشؤون الخارجية وهو سفير عمان في القاهرة الدكتور بشر الخصاونة فيما بقي المطبخ السياسي الوزاري بزعامة المخضرم سلامة حماد ومشاركة كل من موسى المعايطة وزيرا للتنمية السياسية والبرلمان ومحمد المومني وزيرا للإتصال والإعلام.
ستة وزراء فقط خرجوا من الطاقم القديم وعدم وجود نخبة جديدة شكّل صدمة للنخب السياسية، خصوصا وان التيار المحافظ ضمن سياق المحاصصة التقليدية بقي في مجلس الاعيان.
هذه التغييرات في الاردن كانت خالية من رموز الاصلاح السياسي، وبرزت بالتوازي مع الدلالات التي رصدها المراقبون اثناء تشييع جنازة الكاتب الصحفي ناهض حتر ظهر أمس وسط العاصمة عمان، بعد اغتياله في حادثة اثارت الكثير من القلق والتساؤلات.
بدا لافتا في مراسم جنازة حتر عدم وجود شخصيات رسمية او محسوبة على الدولة ضمن مئات المشاركين باستثناء عمدة العاصمة عقل بلتاجي الذي حضر بصفته الشخصية على الأغلب.
جنازة حتر انتقلت من جبل اللويبدة وسط عمان حيث يقيم إلى مقبرة ذويه في مدينة الفحيص غرب العاصمة، ونقل الجثمان في دلالة سياسية ايضا، على أنغام موسيقى أغنية طالما ترددت في التلفزيون السوري، وهي «بكتب اسمك يا بلادي»، مع قرعات أجراس الكنائس.
المشيعون بدت عليهم علامات الصدمة والذهول، ورغم وجود مئات منهم إلا أن الطابع الجماهيري والشعبي غاب في الوقت الذي شاركت فيه بالتشييع شخصيات تمثل مختلف المكونات الاجتماعية والأحزاب السياسية.
شخص واحد يؤجل إفتتاح مجلس نيابي منتخب من الشعب ولمدة 6 أسابيع !!!!!!
أهكذا هو الإحترام للشعب وممثليه وللديموقراطية المزعومة بالأردن ؟
لماذا لا يفتتح النواب مجلسهم وليأتي الملك إليه حين يشاء ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله