القاهرة ـ «القدس العربي»: طالبت 12 منظمة حقوقية، برفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يناقشه حالياً مجلس النواب المصري، واعتماد آخر، يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراء مشاورات جادة وشفافة ومفتوحة وشاملة مع مختلف أصحاب المصلحة في البلاد.
تهديد خطير
المنظمات الحقوقية، ومنها «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» ومركز «النديم» قالت، في بيان، إن «مشروع القانون الذي يهدف إلى استبدال قانون الإجراءات الجنائية المصري لعام 1950 يُشكّل تهديداً خطيراً للحق في الخصوصية، حيث يمنح المسؤولين عن إنفاذ القانون سلطات واسعة وتعسفية لمراقبة واعتراض اتصالات الأشخاص وأنشطتهم عبر الإنترنت.
وحثت المنظمات، البرلمان على رفض المسودة المقترحة وسن قانون جديد للإجراءات الجنائية يدعم الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري ويتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
واعتبرت أن، عدة أحكام في مشروع القانون «تهدد الحق في الخصوصية في مصر بشكل خطير، وتضفي الشرعية على المراقبة التعسفية وغير القانونية التي تقوم بها الدولة، لا سيما تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمعارضين».
وأشارت المنظمات الموقعة على البيان، إلى المادتين 79 و80 من مشروع القانون، باعتبارهما تمنحان سلطات تقديرية غامضة وواسعة لقضاة التحقيق لإصدار أمر لمدة لا تتجاوز 30 يوماً (يمكن تجديده إلى أجل غير مسمى بزيادات قدرها 30 يوماً) يسمح للسلطات بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والصحف والمطبوعات والطرود، ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية للأفراد وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المحتوى الخاص.
وحسب البيان، بموجب مشروع القانون المقترح، يمكن للقضاة أيضاً أن يأمروا بمصادرة الهواتف أو الأجهزة المحمولة أو المواقع الإلكترونية أو أي وسيلة تكنولوجية أخرى وتسجيل المحادثات الخاصة إذا لزم الأمر لصالح التحقيقات، أو وضع الأجهزة والحسابات تحت مراقبة الدولة.
قالت إنه ينتهك الخصوصية ويقنن التجسس والمراقبة
ولفتت المنظمات إلى أن المادة 116، تمنح النيابة العامة بعض الصلاحيات الخاصة بإصدار أمر باعتراض ومراقبة الاتصالات عبر الإنترنت.
وقالت إن من شأن هذا أن يمنح وكلاء النيابة العامة سلطات واسعة لا ينبغي منحها إلا للقضاة، تماشياً مع مبدأ الفصل بين وظائف النيابة ووظائف القضاء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ قانون الإجراءات الجنائية الشامل التي تُمنح فيها هذه الصلاحيات للنيابة العامة من دون رقابة قضائية.
واتفقت المنظمات الموقعة على البيان، مع الأمم المتحدة، التي أكدت في رسالتها إلى الحكومة المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن هذه الأحكام قد تتعارض مع التزامات مصر الدولية، وسيكون لها آثار ضارة على الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين، وسوف تمنعهم من ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، سواء عبر الإنترنت أو غير ذلك.
وقالت إن «حقوق الإنسان مترابطة، ومن دون حماية قانونية قوية للحق في الخصوصية، لا يمكن للصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين البحث عن المعلومات وتلقيها أو التعبير عن آرائهم أو ممارسة حقهم في التجمع السلمي بحرية».
وبينت أن للحكومة المصرية تاريخا طويلا في استخدام برامج التجسس وتقنيات مراقبة الاتصالات عبر الإنترنت واستهداف المعارضين. على سبيل المثال، تم استهداف النائب المصري السابق أحمد الطنطاوي في الفترة ما بين مايو/أيار وسبتمبر/ أيلول 2023 ببرنامج التجسس Predator، الذي تم إنشاؤه وتطويره بواسطة شركة مقدونية ناشئة تدعي سيتروكس، وذلك عقب إعلانه عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2023.
ولفتت إلى التوصيات التي أصدرتها عدد من الدول خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير لمصر في يناير/ كانون الثاني الماضي، لضمان بيئة آمنة ومواتية لمنظمات المجتمع المدني والصحافيين وغيرهم من النشطاء، مع التأكيد على الحاجة إلى حمايتهم.
وأكدت المنظمات، أن مشروع القانون الجديد، حال إقراره، سيعيق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين من القيام بعملهم دون خوف من التدخل التعسفي في حقهم في الخصوصية، وهو أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنظر إلى أن انتقاد الرئيس أو غيره من المسؤولين قد تسبب في سجن البعض بموجب مجموعة من القوانين القمعية مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات.
ووثقت منظمة «أكسس ناو» ومنظمات شريكة أخرى كيفية إساءة استخدام الدول لبرامج التجسس لاستهداف الصحافيين والمعارضين والنشطاء لأغراض سياسية، فبدلاً من استخدام وسائل المراقبة في مكافحة الجرائم الخطيرة، قامت الدولة باستخدامها كأدوات للقمع الرقمي تحت ذريعة حماية الأمن القومي، وفق ما جاء في البيان.
مشاورات جادة وشفافة
وطالبت المنظمات، رفض مشروع القانون المقترح، ووضع قانون جديد للإجراءات الجنائية يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراء مشاورات جادة وشفافة ومفتوحة وشاملة مع مختلف أصحاب المصلحة في مصر، وضمان أن تكون الأحكام المتعلقة بمراقبة واعتراض الاتصالات ومراقبة المحتوى عبر الإنترنت واضحة ودقيقة، وكذلك متناسبة ومحدودة المدة، وضمان أن تكون صلاحيات مراقبة الاتصالات واعتراضها خاضعة دائما للموافقة القضائية والمراجعة.
كما طالبت، بحظر استخدام أنشطة المراقبة عندما تكون الوسائل الأقل انتهاكا للخصوصية متاحة أو لم تستنفد بعد، وضمان الحماية الكافية لسرية المصادر الصحافية، وضمان أن الأفراد الخاضعين للمراقبة لديهم الحق القانوني في الإخطار والتماس سبل الانتصاف الفعال، واستحداث آليات قوية وفعالة للشفافية والرقابة على جميع الأمور المتعلقة بالمراقبة الجماعية واقتناء تكنولوجيا المراقبة، وتعديل قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 بما يتوافق مع المعايير الدولية ونشر لائحته التنفيذية.
وأقر مجلس النواب، حتى الآن، أكثر من 450 مادة من أصل 540 مادة تمثل إجمالي مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وقبل نهاية العام الماضي وافق البرلمان على مشروع القانون من حيث المبدأ، رغم أنه تعرض لانتقادات من الحقوقيين ونقابة الصحافيين التي أعدت ورقة، وأرسلت تعليقات لمجلس النواب على النصوص التي تنتقص من حقوق المواطنين خلال مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمات.
وما الفارق؟! فقبل مشروع القانون هذا الامور تسير بما هو اسوآ مما يسمح به هذا المشروع