سيسجل التاريخ أن عام 2024 كان عاماً فاصلاً بكل محطاته وتطوراته وحروبه وكسر المحرمات ـ ألحقت أضراراً بالغة بمشروع ومكانة إيران ومحورها وحلفائها أكثر من أي عام مضى.
استمر عدوان إسرائيل في حرب إبادتها على غزة… كان عدد شهداء وضحايا حربها الوحشية على غزة مطلع هذا العام حوالي 20 ألفاً عندما أصدرت محكمة العدل الدولية في تقريرها بارتكاب إسرائيل ما يرقى لجرائم حرب، وذلك بعدما تقدمت جمهورية جنوب افريقيا بدعوى تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة حرب إبادة على المدنيين في غزة ـ وبسبب استمرار حرب الإبادة تجاوز عدد الضحايا اليوم 45 ألفاً وعدد المصابين أكثر من 100 ألف وأصبح جميع سكان غزة مشردين ولاجئين ونازحين ونازفين وجائعين، لدرجة أن برنامج الأغذية العالمي يتحدث عن أزمة مجاعة متفشية في جميع أرجاء غزة ـ وخاصة في شمالها، وعن ارتفاع أسعار المواد الغذائية!!
وتجرأت حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً بتاريخ الاحتلال خلال أكثر من ثلاثة أرباع القرن ـ بتوسيع رقعة عدوانها وحربها المسعورة ـ بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق في 1أبريل مخترقة سيادة دولتين وقتلت قياديين في الحرس الثوري الإيراني ـ لترد إيران للمرة الأولى بتاريخها بقصف صاروخي ومسيرات على إسرائيل مباشرة، ساهمت أمريكا وبريطانيا وفرنسا والأردن بالتصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية ـ في سعي إيراني لفرض توازن رعب لمنع إسرائيل من الاعتداء على إيران في مواقع حلفائها وخاصة في سوريا.
ووصلت يد إسرائيل الطويلة بضرب الحديدة في اليمن لترسل رسالة لإيران وحلفائها بقدرتها على الانتقام وذلك بعدما قصف الحوثيون بصواريخ ومسيرات بالستية تل أبيب وإيلات!
لكن الضربة الأقسى كانت توسيع رقعة الحرب وشن حرب على لبنان باستهداف حزب الله الذراع الأقوى ودرة التاج الإيراني بين حلفاء إيران في المنطقة. وخلال شهرين من حرب الإبادة التي استهدفت المدنيين من جنوب لبنان إلى الضاحية الجنوبية في بيروت وحتى بيروت نفسها بشكل فاق عدوان إسرائيل على لبنان في صيف 2006 ـ وصل إلى اغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله وخليفته المحتمل هاشم صفي الدين وقيادات فرقة الرضوان ـ فرقة نخبة القيادة العسكرية والكوادر المؤسسة لحزب الله، والعمل على إحداث فتنة بين حزب الله وبيئته الحاضنة وبين مكونات المجتمع اللبناني من السنة والمسيحيين.
وعادت إسرائيل لتتجرأ على إيران باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران وبعده اغتيال يحيى السنوار وقيادات حماس في غزة! لتعود إيران لتنتقم من إسرائيل بعد اغتيال هنية ونصرالله لتطمئن حلفاءها ولتردع إسرائيل. واليوم لا تزال إيران تحضّر لرد انتقامي على عدوان إسرائيل الأخير لاستعادة توازن الرعب!
واضح تكبد إيران ومحورها انتكاسات مؤلمة ـ لإضعاف نفوذها وضرب مشروعها التوسعي وآخرها إضعاف قبضة نظام الأسد
أكد نتنياهو في خطاب هدنة الستين يوما مع حزب الله في لبنان أسباب وقف الحرب ولو مؤقتا: حققت إسرائيل إنجازات على الجبهات السبع التي تخوضها ضد إيران وأذرعها ـ ولتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: التركيز على التهديد الإيراني ـ 2 ـ إعادة تنشيط القوات المسلحة وتوحيد صفوفها وفصل جبهة غزة عن جبهة لبنان وعزل حركة «حماس».
لم يمض يوم واحد على هدنة الحرب مع حزب الله في لبنان في معركة «سهام الشمال» و«أولي البأس» ـ وبعد تحذير وتهديد نتنياهو بشار الأسد من «اللعب بالنار»! حتى شنت قوات المعارضة المسلحة السورية بقيادة جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام عملية عسكرية مباغتة باكتساح ريفي حلب الغربي والجنوبي ودخول قوات المعارضة مدينة حلب وبسطت سيطرتها شبه الكاملة على المدينة وعشرات المدن والقرى في أرياف حلب ومدينة سراقب الاستراتيجية وقطع خطوط الإمدادات واستسلام وفرار قوات الجيش السوري وفصائل وميليشيات إيرانية وترك معداتهم وقواعدهم ودباباتهم وعرباتهم دون مقاومة!
وذلك بعد إلحاق ضربة موجعة بقدرات حزب الله العسكرية والسياسية وتحجيم قدراته ـ ومعه ضرب الحوثيين مرتين في اليمن ـ وتهديد «المقاومة الإسلامية في العراق» باستهدافها ـ في سعي إسرائيلي واضح وبدعم الولايات المتحدة الأمريكية لفصل الساحات، وترك حماس تواجه حرب الإبادة الصهيونية بمفردها بفصل وعزل الساحات الداعمة لحماس.
تحرير المعارضة السورية لحلب يعد انتكاسة كبرى للنظام وإيران وميليشياتها، كون حلب العاصمة الاقتصادية والصناعية لسوريا وسيعزز قوة المعارضة بربط حلب بإدلب معقلها!
ويقلب المشهد كلياً ويعزز دور وموقف المعارضة المسلحة ويبعث الأمل بإضعاف النظام السوري ومعه تكرار انتكاسات إيران وأذرعها.
اتهم وزير الخارجية السورية أن الهجوم على حلب يأتي في إطار خدمة أهداف مشروع الكيان الإسرائيلي ورعاته… وندد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بهجمات المعارضة السورية. واتهم «أمريكا وإسرائيل بالتخطيط لهجمات المعارضة السورية بعد هزيمة إسرائيل في لبنان وفلسطين.
واتهم محللون موالون للنظام السوري بضلوع تركيا في هجوم المعارضة على قوات النظام..بينما وصفت تركيا الاشتباكات في حلب بتصعيد غير مرغوب فيه ويهدد المدنيين.
ووصفت روسيا تصعيد المعارضة والاشتباكات في شمال سوريا تعديا على السيادة السورية وطالبت باستعادة الدولة السورية النظام وفرض سيادتها على الأراضي السورية!!
واضح تكبد إيران ومحورها انتكاسات مؤلمة ـ لإضعاف نفوذها وضرب مشروعها التوسعي وآخرها إضعاف قبضة نظام الأسد. ومعه يضعف ويتراجع نفوذ وسطوة إيران وأذرعها في المنطقة!! ومعها تربك استراتيجية ودور روسيا في الشرق الأوسط. لكن الواقع يبقى مستقبل مشروع إيران ومحورها ضبابيا بانتظار ترامب؟!
وكذلك استهداف نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، برغم دعمها للنظام السوري، رداً على تقدم روسيا في أوكرانيا لتبقى سوريا ورقة مقايضة تعزز نفوذ روسيا في المنطقة. تهدف تركيا بالإضافة لإضعاف نفوذ الأسد وإجباره على التفاوض حول الأكراد.
وفي الطريق يأمل نتنياهو أن يشكل ذلك كله شرق أوسط جديد! لكن دون ذلك صعوبات!
أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت
لاتخف على إيران فهي تخلق الأزمات وتخلف المشاكل فقط كي تنأى بنفسها وتتدثر برداء المظلوميه.
لا يوجد شيء اسمه “المقاومة الإسلامية المسلحة ” في العراق
هذه ميليشيا الحشد الشعبي الطائفي التي ذبحت السنة في سورية والعراق واستولت على الدولة.