أنسي وحيدا

حجم الخط
1

كلما كتبت عنه أخشى أن أخونه، أن أربك وصيته، أن انحرف بصورته. أنسي الحاج ومنذ القصيدة الأولى التي قرأتها لم يكن شاعرا، ولم يكن ما يكتبه شعرا.
كان هو الآخر، المختلف، وحدته عدوى وشراسته حنين إلى إنسانية، كانت نضارتها درسا في تأليف الفصول. شعره (إن جاز القول) يعلم أشياء كثيرة تقع خارج المعاني.
لنقل إنه يرتاب بالموسيقى ليذهب إلى ما ورائها، يفتش في جذورها عن لمعة لم تغسل بمياهها هدب امرأة من قبل.
كانن الحب بالنسبة له رسالة، نبوة الكائن الذي لا يزال قادرا على محو أخطائه، لا بدمه ولا بدموعه بل بأثر من روحه لا يزال نقيا. ‘إنه الانقى من بيننا’ كان يوسف الخال يقول، منذ ضربة الحاج الأولى على باب مجلة (شعر).
لقد كتب أنسي ما لا يكتب ولن يكتب إلا من خلاله، ليبشر به مرة أخرى. جملته تسري مثل الهواء بين الكلمات ولا تقودها مثل الأغنام. لم يكن راعي الكلمات بل لصها. كان مفجر صخور من أجل زهرة رآها في حلمه.
أناقته الشعرية لم تكن غنجا ولا صبابة ولا رقة، بل هي الأثر الذي يتركه السهم الذاهب إلى الغيوم ليمزجها، وليستخرج منها تضاريس مرآته الشخصية.
مرآة الشاعر الذي وقف وحيدا، من غير أن تشكل وحدته عبئا على الآخرين ولا على الشعر. بغياب أنسي تكون اللغة، أية لغة قد فقدت مزاج عصفورها الذي ينظف بمنقاره رئتيها.

‘شاعر وناقد من العراق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدنمارك / فاديا الخشن:

    أنسي الحاج البعيد بالحداثة والبعيد بالشعر بات بعيدا عنا

    فوداعا انسي الحاج وداعا ايها الشاعر العملاق

    فاديا الخشن

    وداعا لك وسنبقى نذكر دائما ما خطه قلمك من قصائد فتحت المجال واسعا لخلق معايير جديدة لمتلق اختلف حسه واختلفت ذائقته ففي مقدمة (لن) المشهورة بدوت لنا من أعتى المغامرين،و على أكثر من صعيد أولا من خلال استهزائك بالمرجعيات،وبالخطاب المؤدلج،
    وثانيا حين اشتغلت على إقصاء الموروث، وزعزعة السائد. مؤكدا أن قصيدة النثر إنما هي نص مفتوح، عابر للأنواع وأنها تعبير عن حالة التشظي العربية، و أن إيقاعا فكريا، ومنطقا داخليا بات يحكم القصيدة الحديثة، وأن تحولا كبيرا يتحكم في نظرية الشعر، ونظرية الفكر،ة. لقد اشتغلت قصيدتك على إيحاءات اللغة،وتحديثها فكنت في طليعة حاملي مشعل الحداثة، ولعل أصدق ما قيل فيك كلام أدونيس (هو بيننا الأنقى، شعره جعله الثوري الوحيد، هو الجنون هو الوصمة التي يحملها من اختار ان يكون حرا)) فهو من صاد الغريب والمدهش من المجاهيل البعيدة والأغوار العميقة وهو الذي جرنا لنصه المتجاوز للقديم بجدارة، هو البعيد بالحداثة،والبعيد بالشعر وبامتياز.

    لن أكون بينكم لأن ريشةً من عصفور في اللطيف الربيع ستكلّل رأسي وشجر البرد سيكويني وامرأة باقية بعيداً ستبكيني وبكاؤها كحياتي جميل..
    لقد كتب أنسي ما لا يكتب ولن يكتب إلا من خلاله، ليبشر به مرة أخرى. جملته تسري مثل الهواء بين الكلمات ولا تقودها مثل الأغنام. لم يكن راعي الكلمات بل لصها. كان مفجر صخور من أجل زهرة رآها في حلمه.
    أناقته الشعرية لم تكن غنجا ولا صبابة ولا رقة، بل هي الأثر الذي يتركه السهم الذاهب إلى الغيوم ليمزجها، وليستخرج منها تضاريس مرآته الشخصية.
    مرآة الشاعر الذي وقف وحيدا، من غير أن تشكل وحدته عبئا على الآخرين ولا على الشعر. بغياب أنسي تكون اللغة، أية لغة قد فقدت مزاج عصفورها الذي ينظف بمنقاره رئتيها.

    جلست لانظم
    فرايت الاوزان عصافير تبكي اقفاصها
    اكان يمكن ان اترك العصفور حزينا
    من اجل ان ازين بيتي ؟
    انسي الحاج

    انا شعوب من العشاق
    حنان لاجيال يقطر مني
    فهل اخنق حبيبتي في الحنان
    وحبيبتي صغيرة
    وهل اجرفها كطوفان وارميها
    أة من يسعفني بالوقت من يؤلف لي الظلال من يوسع الاماكن
    فان وجدت حبيبتي فلن اتركها

    لن أكون بينكم لأن ريشةً من عصفور في اللطيف الربيع ستكلّل رأسي وشجر البرد سيكويني وامرأة باقية بعيداً ستبكيني وبكاؤها كحياتي جميل..
    انسي الحاج
    وما اصدق ما كتبه الشاعر والناقد فاروق يوسف عن هذا الشاعر العملاق فوداعا لانسي الحاج وداعا لهذا الشاعر الذي( سرت جملته مثل الهواء بين الكلمات

اشترك في قائمتنا البريدية