الاحتلال الإسرائيلي يحاصر سلفيت ويعاقب آلاف المواطنين … والمستوطنون يحرقون 17 مركبة ويدشنون خيمة

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

سلفيت- «القدس العربي»:واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها لبلد بروقين غرب سلفيت، منذ يومين، بذريعة البحث عن منفذ عملية إطلاق النار قرب مستوطنة «أرئيل»، وأسفرت عن مقتل مستوطِنة وإصابة مستوطنَين آخرين أحدهما بجراح خطيرة، فيما هاجم مئات المستوطنين الإسرائيليين، عددا كبيرا من المواطنين الفلسطينيين ودمروا عشرات السيارات، ونصبوا خيمة في أراضي البلدة التي وقع الهجوم بالقرب منها.
وقال رئيس بلدية بروقين إن جيش الاحتلال داهم نحو 80 في المئة من منازل البلدة وحوّل عددا منها إلى ثكنات عسكرية، وحقق ميدانيا مع الأهالي، وضيّق الحصار على أكثر من 5 آلاف من سكان البلدة.
وكانت جرافات الاحتلال قد شرعت في تجريف مساحات واسعة من أراضي المواطنين في البلدة، فيما زعم جيش الاحتلال، في تصريح صحافي أن آلياته «تنفذ أعمال تجريف في محيط موقع بروقين بهدف تسهيل مواصلة أعمال البحث عن منفذ عملية إطلاق النار».
وكشفت إذاعة الجيش عن تفاصيل جديدة حول سلسلة عمليات إطلاق نار دقيقة أربكت الجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك»، وسط فشل مستمر في تعقّب المنفّذ الذي لا يزال مجهول الهوية.
وجاءت عمليّة إطلاق النار بعد أسبوع من عمليتين في شمال الضفة الغربية وجنوبها، إحداهما عملية إطلاق نار وقعت قرب حاجز الريحان المقام بالقرب من قرية برطعة في شمال الضفة، وأسفرت عن إصابة 4 جنود، بينما العملية الثانية كانت دهسا ووقعت جنوب الخليل، وأسفرت عن إصابة جندي واستشهاد منفذها. ووفق التحقيقات الأمنية الإسرائيليّة، فإن هجمات وقعت في الأسابيع الأخيرة، نفذها على الأرجح قنّاص واحد يتمتّع بقدرات ميدانية عالية ومعرفة دقيقة بطبوغرافيا المنطقة، مستخدما بندقية آليّة مزودة بجهاز ليزر يُعطّل رؤية سائقي المركبات الإسرائيلية قبل استهدافهم بوابل من الرصاص.
ونقل الإعلام الإسرائيليّ عن مصدر أمني قوله: «نحن على يقين أن منفّذ العمليات هو شخص واحد، وحتى الآن لا تتوفّر أي معلومة استخباراتية توصل إليه».
وتشير التفاصيل إلى أن أحد الكمائن نُفذ عند الغروب، وهي فترة يصعب فيها رصد التحركات بالكاميرات الحرارية. حيث راقب القنّاص المكان لساعات، وانتظر مرور مركبة تقل مستوطنين، ثم فعّل شعاع الليزر لتعطيل الرؤية، وأطلق النار بدقة عالية، قبل أن ينسحب من الموقع سيرا على الأقدام دون أن يترك أي أثر.
ورغم الاستنفار والمداهمات، فشل جيش الاحتلال في تحديد هوية أو مكان المنفّذ رغم وجود قوة عسكرية إسرائيلية قرب الموقع، قرب قرية بروقين، فإنها وصلت بعد لحظات من تنفيذ العملية، دون أن تتمكن من رصد المنفذ أو تعقّب اتجاه فراره.
وفي أعقاب العملية، رفع جيش الاحتلال حالة التأهب القصوى، واستدعى تعزيزات عسكرية شملت كتيبتي «ضباط» و»ديكل» من فرقة المشاة الأولى، إضافة إلى استدعاء طلاب الكليات العسكرية للمشاركة في عملية مطاردة موسّعة، وشملت مداهمات في بلدات بروقين وكفر الديك، مع تفتيش واسع لمنازل ومزارع المنطقة.
وأخفقت قوات الاحتلال حتى يوم الجمعة في تحديد هوية المنفذ أو القبض عليه، وسط تقديرات استخبارية تشير إلى أنه يعتمد تكتيكات ميدانية معقّدة وعنده دراية واسعة بجغرافيا المنطقة، ما جعل من «كمائن الليزر» مصدر قلقٍ كبير لأجهزة الأمن الإسرائيليّة.
وأقرت مصادر عسكرية إسرائيلية، الجمعة، بفشل الجيش في منع العملية.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش الإسرائيلي يُقدّر أن منفذ العملية، الذي لم يتم التعرف على هويته بعد وتتواصل عمليات البحث عنه، يتمتع بـ»مهارات عالية» ولديه «معرفة في مجال الأدلة الجنائية». وأضافت: «نحن نبذل قصارى جهدنا لمنع تكرار مثل هذا الحادث، بما في ذلك تكثيف الحواجز وفقا للاحتياجات العملياتية وحيثما تكون لها فعالية ميدانية. وقد تم تعزيز المنطقة بست سرايا تدريب، أي ما يعادل أربعة كتائب».
وشددت المصادر على «تعزيز جهود الحماية»، مؤكدة أن «القوات ستبقى في الميدان حتى تتضح الصورة». يأتي هذا بينما صعّد المستوطنون، اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في بلدات وقرى محافظة سلفيت. وصرح الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان نظمي السلمان بأن أعدادا كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال انتشرت في محيط منزل المواطن ياسر حاتم أبو زيد، بعد إلقاء المستوطنين زجاجة حارقة باتجاه منزله الواقع على أطراف بلدة ديراستيا، مقابل مدخل البلدة الرئيسي المؤدي إلى طريق وادي قانا، في محاولة لإحراقه، علما أن المنزل تسكنه عائلة مكونة من أكثر من 13 فردا، بينهم أطفال ونساء.
وفي سياق متصل، أقدم مستوطنون على حرق نحو 17 مركبة فلسطينية تعود لعمال فلسطينيين قرب مستوطنة «أرئيل الصناعية».
وتعكس الشهادات من قرية بروقين صعوبة الإجراءات الاحتلالية، حيث نفذ الجيش اعتداءات على الأهالي والنساء داخل منازلهم، وأجرى تحقيقا مع الفتيات وفتش غالبية المنازل وكذلك الأجهزة الإلكترونية، كما طلب من المواطنين استعادة الصور المحذوفة على أجهزتهم الخلوية. وعَلِق عشرات المواطنين خارج البلدة ولم يستطيعوا العودة إليها بفعل الطوق الأمني المشدد. وقال صحافيون إن البلدة معزولة بشكل كامل ما جعل من مهمة وصول الصحافيين إليها شبه مستحيلة.
وفي ذات السياق، نصب مستوطنون خيمة في أراضي المواطنين ببلدة بروقين غرب سلفيت.
وأفادت مصادر محلية أن مجموعة من المستوطنين قاموا بنصب خيمة في المنطقة الواقعة بين الشعاب والخلايل شمال غرب البلدة، وهي أراضٍ تعرضن منذ صباح الجمعة لعملية تجريف واسعة وشق الطرق التي نفذتها جرافات الاحتلال في محيط المكان، ما ينذر بمخططات استيطانية جديدة تهدد أراضي المواطنين وممتلكاتهم.
وفي ذات السياق، قالت وزارة التربية والتعليم العالي، إن الاحتلال الإسرائيلي يشن هجمة عدوانية شرسة على المدارس في بلدتي بروقين وكفر الديك غرب سلفيت.
وأفادت الوزارة، أن جيش الاحتلال اقتحم مدرسة المنجد الخاصة في بلدة بروقين، كما داهم صباح الجمعة مدرسة الشهيد مازن أبو الوفا الأساسية للبنين في كفر الديك، فيما حوّل مبنى روضة السلام في كفر الديك إلى ثكنة عسكرية. وأضافت، أن جرافات الاحتلال شرعت بأعمال تجريف وحفر بجانب مدرسة بنات بروقين الأساسية.
وفي سياق مواز، أحرق مستوطنون مركبة في منطقة المسعودية شمال غرب مدينة نابلس، كما هاجموا بئرا للمياه يتبع لبلدية نابلس، في نفس المنطقة، وأطلقوا عبوات حارقة باتجاه البئر والحارس كرم نزل، ما أدى إلى احتراق المركبة الخاصة به.
وقال محافظ نابلس غسان دغلس خلال تفقده آثار الحريق للمركبة في المسعودية «إن ما جرى يُعدّ اعتداءً وجريمة جديدة تُضاف إلى سلسلة اعتداءات المستعمرين بحق أبناء شعبنا وممتلكاتهم».
كما وشددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، من إجراءاتها العسكرية على حاجز بيت فوريك شرق نابلس. ويعاني أكثر من 25 ألف مواطن بشكل يومي من إجراءات الاحتلال على الحاجز المذكور، وسط مناشدات للمنظمات الحقوقية والدولية والهيئات الدبلوماسية بالتدخل والاطلاع على ما يعانيه الفلسطينيون جراء حواجز الاحتلال التي تقطع أوصال المدن والبلدات في الضفة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية