رئيسة جمعية حماية الطبيعة رزان زعيتر: «مؤونة» الزراعة المحلية دعمت صمود أهالي غزة في بيوتهم

حاورها: سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

تنشط المهندسة الفلسطينية رزان أكرم زعيتر، رئيسة الهيئة الإدارية للجمعية العربية لحماية الطبيعة، في عمان فيما عينيها على فلسطين بشقيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وخلال العدوان على قطاع غزة أطلقت مشروع «إحياء مزارع غزة» الذي يهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والتغذية في ظل الحصار وحرب التجويع، وتعزيز الأمن المائي، وإنشاء مشاريع مدرة للدخل لتواكب المساعدات العينية على المدى السريع والقصير، وتعزيز الإنتاج المحلي بما يضمن السيادة على الغذاء، وهو، حسب زعيتر، المدخل المناسب للتقليل من الاعتمادية على المساعدات الخارجية ما يعزز السيادة على القرار والمصير.
وتعتبر زعيتر في حوار خاص مع «القدس العربي» أن العمل على استعادة روح الأرض بعد العدوان الوحشي هو ما يضمن بقاء الغزيين في أراضيهم، حيث يمكن لذلك أن يوفر مقومات الحياة وتأمين الغذاء.
وتشدد أن المزارع الفلسطيني في قطاع غزة أثبت أنه جدير بأرضه، وأهل لخيرها، فيما يؤكد إصرار المزارعين على فلاحة أرضهم في غزة رغم أنف آلة الموت الصهيونية أنهم مدركون لحرب التجويع التي يواجهونها حتى من قبل 7 تشرين الأول/اكتوبر الماضي.
وترى المهندسة زعيتر التي ترأس أيضا مؤسِسة الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، كما انها عضو اللجنة الفرعية للقضاء على الجوع في المنطقة العربية ـ جامعة الدول العربية، ترى أن «المؤنة» التي وفرتها الزراعة المحلية دعمت من صمدوا في بيوتهم في شمال ووسط وجنوب القطاع، وإلا لكانوا هلكوا بالآلاف منذ بداية الحرب.
وتؤكد أن هذه الحقيقة تعزز وجهة النظر التي تقول إنما ضمان الاستقرار هو السيادة الغذائية التي تولي الأولوية لإنتاجنا ما نزرعه لنأكل بما يتناسب مع ثقافتنا وحضارتنا واحتياجاتنا.
وترى زعيتر في حوارها الخاص أن غزة تحتاج إلى أوسع جبهة إقليمية ودولية للضغط من أجل وقف إطلاق النار، ورفع الحصار بدون شروط، والسماح بإعادة إعمار ببعد تنموي مستدام، وتحذر من تحويل الغزيين لجهة تتلقى المساعدات فقط، وفيما يلي نص الحوار:

○ كيف نقرأ واقع استهداف القطاع الزراعي في قطاع غزة؟ ماذا تقول الأرقام والإحصاءات التي لديكم؟ وما دلالات ذلك؟
• ما فعله الاحتلال الصهيوني في القطاع الزراعي في غزة ليس بجديد؛ فلنحو قرن استهدف القطاع الزراعي في فلسطين حتى قبل إنشاء كيانه، إذ كانت أول مستعمرة يهودية عبارة عن مستعمرة زراعية. ولم يسلم المزارعون وأراضيهم ومحاصيلهم من هذا الاستهداف الذي يتم تسليط الضوء عليه أكثر في أوقات الحروب، مع أن استخدام الغذاء كسلاح لم يغب عن التكتيكات الاستعمارية الاحلالية في فلسطين، بل واستخدم مؤخراً في غزة كوسيلة إخضاع وإبادة.
المعلومات لغاية اللحظة عن حرب تشرين الأول 2023 غير مكتملة وآلة القتل الصهيونية مستمرة، وبشكل أولي ومن خلال الرصد الساتلي والتحليل والمسح الجويين، قيّمت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO في تقرير لها الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة حتى شباط/فبراير 2024 بتدمر 66.940 دونم من الأراضي الزراعية في القطاع، أي 43 -60 في المئة. حسب منظمة الـFAO كانت محافظة غزة الأكثر تضرراً من حيث مساحة الأراضي الزراعية المتضررة والتي بلغت 19.410 دونم، أي أنها فقدت أكثر من 54.8 في المئة من أراضيها. كما دمر الاحتلال 3.390 دونم من البيوت البلاستيكية (6.780 بيت بلاستيكي) ما يمثل 26.6 في المئة من مجمل البيوت الموجودة في القطاع. كان التدمير الأكبر في محافظات الشمال، التي فقدت 710 دونمات من البيوت البلاستكية، وفي محافظة غزة وحدها بلغت نسبة البيوت البلاستيكية المدمرة في المحافظة 54.9 في المئة من الموجودة.
ولم تسلم الآبار الزراعية من الهجمة الصهيونية، وبلغ إجمالي عدد الآبار الزراعية المدمرة بشكل كامل أو جزئي في قطاع غزة 626 بئراً، وتتركز في المحافظات الشمالية.
إضافة لذلك تركزت الخسائر الأكبر في دمار الميناء الوحيد في غزة إضافة لحظائر ومزارع الخراف والأغنام المواشي، ومزارع الدجاج اللاحم والألبان وهي المصادر للبروتين الحيواني.
○ لماذا يعتبر العمل في مجال استعادة روح الأرض في القطاع مسألة غاية في الأهمية؟
• الكثير من الهويات الجمعية تبنى على طبيعة المكان وتراكم أحداثه التاريخية وطعامه وملبسه وثقافته، وبما أن الاستعمار الاستيطاني أينما حلّ، يكون أهم أولوياته سحق هذه الهوية الجمعية ليحل هو محلها بالقوة؛ فإنه يسعى لتدمير كل هذه المحددات للهوية أو لسرقتها، فحرق وخلع أشجار الزيتون أو سرقة المعمّر منها لزراعته في المستوطنات للإيحاء بأنها مستوطنات قديمة وعريقة هي مثال على ذلك، ومنع قطاف الزعتر البري الذي صدر قانونه في 1976 هو وسيلة إجرائية ابتدعها لتدمير حلقة الوصل التاريخية بين الفلسطيني وأرضه، ولحق بذلك جريمته تجاه العكوب، ذلك الطعام المحبب للفلسطيني منذ مئات السنين، مانعا قطفه منذ عام 2005 وفي الوقت ذاته عمل على زراعتهما بكثافة للتجارة والربح عبر محاولة تسويقهما للفلسطينيين أنفسهم كبديل.
○ يرى البعض أن استعادة كل ما له علاقة بالزراعة يعتبر مصدر احياء للمواطنين ومنحهم فرصة للعمل والحياة، ومن جانب آخر تعتبر خطوة مهمة لضمان عدم هجرة المواطنين من القطاع بعد ان تتوقف الحرب، كيف ترون ذلك؟
• بدأت حروب بتر علاقة الفلسطيني بأرضه منذ عشرات السنين حيث عمد الاحتلال إلى إعادة هندسة الطبيعة باقتطاع مساحات شاسعة وعزلها عنه تحت مسمى المحميات الطبيعية وحماية النباتات البرية من هؤلاء الذين تعايشوا معها وحفظوها منذ آلاف السنين، وعبر تدمير القرى الخمسمئة والثلاثين في عام 1948 والتي مع انها محيت أشجارها وأحجارها إلا أن الصبار البري العنيد بقي ينمو فيها مهما اقتلعوه شاهدا حيا على تلك الجريمة، كما ان قلع أشجار الزيتون الممنهج وسرقة المعمر منها والتجارة به في الأسواق العالمية وزراعة أشجار بديله عنه غريبة عن المنطقة كأشجار السرو إمعاناً في تغيير هوية المكان بدأ منذ بدأ التخطيط للاحتلال وحتى الآن. رغم كل هذا لم ييأس الفلسطينيون يوماً واحدا وكثفوا جهودهم للمحافظة على البذور البلدية عبر جمعها وحفظها وتصنيفها وزراعتها وتبادلها فيما بينهم بدون مقابل. ونجحوا في زراعة الكثير من النباتات البرية كالعكوب والزعتر والمريمية والهليون والبقلة في حواكيرهم وبساتينهم.
عن غزة تحديداً، الإنسان بحاجة لمصدر غذاء ومصدر رزق، ويصبح الأمر أكثر إلحاحا في ظل الحصار والاستهداف المباشر للدعم الإغاثي، لذلك جاء طرحنا لموضوع مشاريع التنمية الإغاثية للنهوض بالقطاع الزراعي وبالتالي النظم الغذائية المحلية في غزة وخفض اعتماديتها على الأطراف الخارجية، وترتبط الزراعة بدورة إنتاج متكاملة وتتداخل مع قطاعات حيوية أخرى وتكملها، وبالمناسبة هي عودة تصحيحية للاقتصاد المنتج بدلاً من خطط الدعم المشروط برعاية البنك الدولي والتي أفضت لمشاريع زراعية تصديرية مثل زراعة الزهور لتصديرها عبر الاحتلال إلى أوروبا.
انطلاقاً من هذا الفهم، ما يضمن بقاء الغزيين في أراضيهم هي مقومات الحياة وتأمين الغذاء وللقطاع الزراعي دور حيوي في المحافظة على حياتهم.
○ ما طبيعة الجهود التي تقومون بها في سبيل العمل على استعادة الأرض/ الزراعة في غزة؟
• نعمل لحماية الطبيعة وتعزيز السيادة الغذائية وحماية الموارد الطبيعية في الوطن العربي وفي فلسطين على وجه التحديد، في ظل ما تواجهه من تحديات وأخطار متزايدة وعلى الأخص ما تتعرض له نتيجة الاحتلال، ولذلك أطلقنا عام 2001 برنامج «المليون شجرة» في فلسطين ويحمل شعار «يقلعون شجرة.. نزرع عشرة» ونعمل خلاله على تثبيت المزارعين الفلسطينيين، ففي الضفة الغربية تنصب جهودنا على تعزيز صمود المزارعين وحماية أراضيهم إذ أنها معرضة للمصادرة وفق تشريع عثماني قديم (قانون الأرض البور) يستغله الاحتلال في فلسطين ولاسيما في المناطق المصنفة ج حسب اتفاقيات أوسلو؛ فإذا لم تزرع نصف مساحة الأرض أو كلها لمدة 3 أعوام يعتبرها الاحتلال «أراضي دولة» علماً أنه منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 بلغ مجموع مساحات الأراضي الفلسطينية التي أعلنها الكيان الصهيوني كـ«أراضي دولة» حوالي 1.700 كيلومتر مربع أي ما نسبته 31 في المئة من مجمل أراضي الضفة الغربية.
أما في غزة فقمنا بزراعة الأراضي لدى صغار المزارعين ومناطق المحررات ولدى الأسر العفيفة لتأمين المنتجات الزراعية في القطاع ورفع دخل الأسر الذي تناقص مع تردي الحالة الاقتصادية بفعل الحصار، كما كرسنا أنفسنا لإعادة تأهيل القطاع الزراعي بعد كل اعتداء في الأعوام السابقة عبر مشاريع التنمية الإغاثية، وفي الحرب الحالية أطلقنا مشروع «إحياء مزارع غزة» الذي يهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والتغذية في ظل الحصار وحرب التجويع، وتعزيز الأمن المائي، وإنشاء مشاريع مدرة للدخل لتواكب المساعدات العينية على المدى السريع والقصير، وتعزيز الإنتاج المحلي (السيادة على الغذاء) الذي يقلل من الاعتمادية على المساعدات الخارجية ما يعزز السيادة على القرار والمصير.
ويتضمن المشروع إعادة تأهيل 500 مزرعة خضراوات متضررة، وزراعة 50.000 شجرة مثمرة، وإعادة تأهيل 50 مشروعا لتربية الدجاج اللاحم، وتشييد وتأهيل 100 بركة زراعية مدمرة، وزراعة 1.000 دونم بالبذور العلفية، وإعادة تأهيل 200 بيت بلاستيكي مدمر، وتوزيع 800 خلية نحل، وإعادة تأهيل 50 مشروعا لصيد الأسماك، وذلك عبر 3 مراحل بدأنا بتنفيذ المرحلة الأولى بزراعة البذور والخضروات وتوريد أغطية البيوت البلاستيكية.
○ ما هي المجالات المهمة، كيف ترتبون احتياجات المواطنين من المواد الزراعية؟
• في مشروع «إحياء مزارع غزة» ومن خلال مرحلته الأولى كان التركيز على زراعة الخضروات ذات العمر الإنتاجي القصير وفي الوقت ذاته قيمتها الغذائية عالية، الأمر الذي سيؤمن وفرة في الأسواق تقلل الأسعار وتحارب المجاعة، على أن تشمل المرحلة اللاحقة زراعة الأشجار المثمرة التي عمرها الإنتاجي أكبر بالإضافة إلى تأهيل الأراضي الزراعية وشبكات الري والبرك الزراعية والبيوت البلاستيكية ومزارع الدجاج اللاحم والمواشي، والمناحل، وإعادة تأهيل قوارب الصيد ومعداته وغيرها.
○ ماذا تريدون من الجهات الداعمة. هل تتوجهون لمواطنين أم لجهات داعمة ومؤسسات من أجل توفير التمويل الإغاثي؟
• نحن نعرف مشاريعنا بكونها مشاريع تنمية إغاثية، وليست إغاثية فقط، ونتحاشى في العربية حماية الطبيعة بالتمويل الأجنبي من الحكومات والمنظمات المدنية الممولة منها، ونقبل مساهمات الأفراد والشركات الوطنية والعربية، ونتعاون مع منظمات الأمم المتحدة.
○ كيف تتواصلون مع الجهات المعنية في القطاع وأنتم موجودون في عمان؟ هل لديكم فرق على الأرض؟ كيف يكون تدخلكم من خلال التمويل أم من خلال تدخلات مباشرة؟
• لدينا فريق عمل في قطاع غزة كما في الضفة، مدعوم بفريق تطوعي يعمل في كافة مناطق القطاع. ويتم التدخل عبر كافة الوسائل المتاحة.
○ في عملية استنبات البندورة ومواد أساسية أخرى كيف تم ذلك؟ هل هناك بذار وأنتم عملتم على توفير بيئة حاضنة لها؟
• نقوم بتوفير البذار وما يحتاجه المزارع لانباتها كالأسمدة والمبيدات والأغطية الزراعية وغيرها.
○ هل كان لديكم تدخل في القطاع قبل الحرب؟
• منذ انطلاق عملنا في فلسطين عبر برنامج «المليون شجرة» قبل عقدين، كانت غزة محطة مهمة وفارقة، وزرعنا فيها نحو 460 ألف شجرة مثمرة إلى جانب مشاريع التنمية الإغاثية بعد الحروب المتعددة التي شنها الاحتلال في الأعوام السابقة لإعادة تأهيل القطاع الزراعي بعد حروب عام 2006 و2009 و2014 و2021 من خلال زراعة الأشجار وتشييد البيوت البلاستيكية وزراعة الخضراوات والنباتات الحقلية وتوزيع شباك الصيد وخلايا النحل والطيور وإقامة خزانات المياه وشبكات الري وتأهيل الأراضي والعديد من المشاريع التنموية الأخرى.
وبشكل عام في فلسطين يعتبر «المليون شجرة» فرصة لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني، والسيادة الغذائية، وتوفير فرص عمل للمزارعين والمجتمع المحلي. وقد نجح منذ انطلاقه وحتى نهاية عام 2023 في زراعة 2.908.348 شجرة في كل محافظات فلسطين، على مساحة تتجاوز 142.443 دونم، انتفع منها أكثر من 33.205 مزارع يعيلون 239.893 فرد. كما زرع ما يزيد عن 56 ألف طن من البذور البلدية وعمل على تطوير البنية التحتية المائية من خلال تشييد 93 بئراً تجميعياً وإنشاء شبكات الري بالتنقيط وتوزيع مئات خزانات المياه.
○ مع من تتعاونون هناك، مؤسسات أم مزارعين فرادى؟
• لدينا شبكة علاقات متينة مع المزارعين بشكل مباشر كما نتعاون مع جمعيات زراعية وشركاء من المجتمع المحلي وبلديات.
○ ما أبرز الصعوبات والمخاطر التي تعترض مشاريعكم؟
• هناك تحديات عديدة تتمثل في مكان الزراعة، ففي غزة إضافة لحرب الإبادة الممنهجة، فالحصار الخانق المفروض على القطاع يصعب مهام مشاريع التنمية الإغاثية ومنها مشاريعنا.
أما في الضفة الغربية لم يكن سهلاً أن ننجز زراعة أكثر من 147 ألف شجرة مثمرة خلال آخر شهرين من عام 2023 زرعناها في طوباس وقلقيلية وأريحا وجنين، وطولكرم، ونابلس، وبيت لحم، وعلى وجه التحديد في مناطق ج، بينما ينفذ الكيان المحتل خطة ما يسمى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير التي تقضي بتسليح 400 ألف مستعمر. هذا الأمر كان له انعكاساته على سلامة شعبنا الفلسطيني ككل وعلى الأخص المزارعين وفريقنا في فلسطين بطبيعة الحال، خصوصاً أن زراعتها جاءت بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى وبالتزامن مع موسم قطاف الزيتون وبدء الموسم الزراعي 2023-2024.
أبرز التحديات تكمن في مواجهة التهديد الأمني للمزارعين ولفريقنا ولطالما كانت كاميرات الاحتلال تراقب العمل الزراعي بالقرب من المستعمرات ونقاط التماس، إضافة لصعوبة التنقل حيث تم قطع أوصال القرى والمحافظات عن بعضها البعض وإجبار الفلسطينيين على استخدام طرق وعرة وطويلة حتى أن الزمن اللازم للوصول للمزارعين تضاعف، عدا عن فرض الإغلاقات الإجبارية التي كانت تحول دون إنجاز الزراعة في بعض الأحيان. صحيح أن الهجمات تكثفت لكن من المهم أن نسلط الضوء على أن المعاناة اليومية للمزارعين تتخذ أشكالاً متعددة من القتل المباشر، إلى الخطف، إلى سرقة المحاصيل وتدميرها وحرقها، وبالطبع منع الوصول للأراضي ما يسهل استغلال تشريع الأرض البور عليها لمصادرتها.
○ البعض يرى أن المعول والفأس باتا رمزَين للتحدي والصمود، في أقسى الحروب التي شهدها التاريخ الحديث للبشرية، كيف تنظر لذلك في القطاع؟
• أثبت المزارع الفلسطيني أنه جدير بأرضه، وأهل لخيرها وإصرار المزارعين على فلاحة أرضهم في غزة رغم أنف آلة الموت الصهيونية تعني أنهم مدركون لحرب التجويع التي يواجهونها حتى من قبل 7 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، ولم يقفوا عاجزين أمامها بل ابتدعوا طرقهم للاستمرار في سلسلة الإنتاج الزراعي وإطعام أهلهم ومحيطهم، ودعمت المؤنة التي وفرتها الزراعة المحلية من صمدوا في بيوتهم في الشمال والوسط والجنوب، وإلا لكانوا هلكوا بالآلاف منذ بداية الحرب، وهذا كله يعزز وجهة نظرنا التي تبنيناها منذ يومنا الأول في العربية لحماية الطبيعة ولدى تأسيسنا للشبكة العربية للسيادة على الغذاء بأن من الضمانات لاستقرارنا وإمساكنا بالسيادة على قرارنا ومصيرنا هي السيادة الغذائية التي تولي الأولوية لإنتاجنا ما نزرعه لنأكل بما يتناسب مع ثقافتنا وحضارتنا واحتياجاتنا.
○ هناك رهان على القطاع (أرض ومزارعين) حيث ينظر إلى أنهما يوفران قدرة فائقة لأن يستعيد قطاع الزراعة نشاطه بسرعة بعد انتهاء الأعمال الحربية، هل تراهنون على ذلك؟ والبعض يضع شرط توفر الإمكانات الأساسية اللازمة لإعادة زراعة الآلاف من الدونمات المفتوحة ومئات الدونمات من البيوت البلاستيكية.. ما أبرز الاحتياجات؟
• الاحتياجات عديدة منها ما هو متعلق بالجانب الزراعي البحت عبر تأمين مدخلات الإنتاج كالبذور والأشتال والأشجار والأسمدة وغيرها، ومنها ما هو متعلق بالجانب اللوجستي والخدماتي عبر تأمين المعدات الزراعية وتأهيل الطرق وإصلاح خطوط الكهرباء والمياه، وكل هذه الاحتياجات مرتبطة بالجانب السياساتي الذي يحتاج لتشكيل أوسع جبهة ممكنة إقليمية ودولية للضغط من أجل وقف إطلاق النار، ورفع الحصار بدون شروط، والسماح بإعادة إعمار ببعد تنموي مستدام، فتحويل الغزيين لجهة تتلقى المساعدات فقط فيه غبن وظلم شديدين لا سيما مع القوة والبسالة التي أظهروها، والإصرار على استمرارهم بالحياة على الرغم من حرب الإبادة التي يتعرضون لها منذ أكثر من 200 يوم. على الجانب الآخر يعد الدعم المالي مهماً أيضاً بسبب الطفرة الهائلة في أسعار مدخلات الإنتاج نتيجة الحرب وشح الموارد بسبب الحصار.
○ كيف يمكن دعمكم في جهودكم الخاصة بالزراعة؟
• أساليب الدعم متعددة ونأمل من الجميع نشر مبادئنا حول السيادة الغذائية بشكل عام ونشر مشاريعنا وجولاتنا المكوكية للتأثير والتوعية بأهمية تأهيل القطاع الزراعي، وحالياً نطلب بشكل مكثف دعم مشروع «إحياء مزارع غزة» كأسرع وسيلة مستدامة لمواجهة المجاعة والحصار والتمويل المشروط.
○ بعد انكشاف ازدواجية المعايير لدى الحكومات والمنظمات الدولية وفي الوقت ذاتــــه تنامي التضامن في الشارع الغربي مع القضية الفلسطينية، كيف تنظرون للأمر؟
• لقد أعطتنا غزة مثالاً حياً على ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين وكيف يمكن شراء الوقت لحماية «إسرائيل» التي تأخذ أكثر من 2 مليون شخص رهينة وتعتمد سياسة العقاب الجماعي واستعمال الغذاء كسلاح، وتعطّل كل شرائع حقوق الإنسان على مرأى ومسمع من العالم، في حين يتحاشى المسؤولون الأمميون والدوليون وعلى الرغم من كل الدلائل وقرار محكمة العدل الدولية حتى الآن تسمية ما يحدث في غزة بالمجاعة وبالإبادة، وذلك إما خوفاً من التبعات السياسية، أو من المستعمر، أو الممول الأكبر في واشنطن والاتحاد الأوروبي، أو من خسارة الوظيفة. مع كل هذا نحن مصرون في العربية لحماية الطبيعة على ملء مقاعدنا في مؤتمرات المنظمات الأممية والجهات المعنية ببحث مشاكل الغذاء والزراعة والبيئة وإيصال صوتنا وقد عملنا منذ بداية الحرب على وضع غزة على أجندتها، كما يهمنا ان نصل للشارع العالمي وكسب أكبر تضامن لذلك خاطبنا على مدى عقدين الأصدقاء والمتضامنين من كل العالم، وكانت لنا جولات عديدة لتوضيح قضيتنا، ومع ما نراه حالياً من انكشاف كذب الغرب، فالفرصة كبيرة لاحراز تغير في المزاج العالمي الذي لم يعد قادراً على السكوت عن الأفعال الإجرامية التي لم تتوقف يوماً بحق شعبنا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية