نسمع بين الحين والآخر عن إسلام شخص ما هنا وآخر هناك، وهذا يثير لدى المسلمين شعورا بالاعتزاز والاكتفاء ورد الاعتبار، ويمنحهم ثقة بأنفسهم ودينهم ودين آبائهم وأجدادهم، وذلك بسبب ما يتعرض له الإسلام والمسلمون في العقدين الأخيرين من هجوم وتشويه.
كان آخر مُشهري إسلامهم من الشخصيات المعروفة، هو النائب الهولندي السابق يورام فان كلافيرين، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي الخبر، والطريق الذي أوصله إلى قناعته الجديدة، ويأخذ الخبر أهميته وإثارته عند التأكيد على أن المذكور كان معاديا شرسا للمسلمين، وكان في صدد إعداد كتاب يهاجمهم هم ودينهم فيه، ولكنه خلال بحثه، اكتشف بأن القيم التي قرأها قريبة من فكره.
ما يجب أن يلفت نظر المسلمين، ليس إسلام هذا الرجل فقط، بل الردود الشعبية والرسمية على إسلام هذا أو ذاك، سرعان ما نسمع أبناء شعبه ووطنه يعلنون بأن هذا حقه، وأن حق العبادة مكفول للجميع، وأن هذا الأمر خيار شخصي ليس من حق أحد أن يتدخل فيه، وهذا يعني أنه لن يعاقب على خياره هذا، وليس متوقعا أن تعلن أحزاب المعارضة ولا أحزاب السلطة عن تسيير مظاهرات صاخبة بعد أو قبل صلاة الأحد، يُقتل فيها عدد من الأشخاص وتحرق بعض المتاجر والسيارات في أمستردام، ولن يحرقَ متظاهرون غاضبون صوره في الميادين، ولن يطالب أحد بإعدامه، ولن يصفه أحد بالمرتد يورام فان كلافيرين، وبالتالي لن يضطر إلى الهجرة من وطنه هولندا إلى بلد أجنبي ليحمي نفسه وأسرته من الموت، ولن يضطر للتخفي بشعر مستعار أو إلى تغيير ملامح وجهه لحماية نفسه في الشارع من قذف الناس وتشهيرهم به، ولن يصفه أحد بالمرتد والملحد والكافر الذي يجب أن يقتل.
في الواقع لولا أن فان كلافيرين نائب سابق معروف بمهاجمة المسلمين والتحريض عليهم، لما انتبه أو اهتم لإسلامه أحد من الهولنديين، فهناك كثيرون وكثيرات من الهولنديين والهولنديات وغيرهم من الأوروبيين والأمريكيين الذين ينضمون إلى الدين الإسلامي، قد يكون هذا بعد زواج من مسلم، أو نتيجة لصداقة ما وتعرف على مسلم طيّب خلالها، أو جراء بحث عن معنى فلسفي يسُد الخواء والتصحر الرّوحي الذي وصل إليه كثيرون في المدن المتقدمة، وربما بسبب لقاء صدفة مع مسلمين أعجبه نمط حياتهم، وهؤلاء لا يدري أحد عن إسلامهم سوى حلقة ضيقة ممن حولهم، فالشعوب التي تعيش في ظلال أنظمة ديمقراطية حقيقية، تضمن حرية المعتقد والعبادة والفرد والاختلاف في دساتيرها، ترى في معتقد الإنسان شأنا شخصيا، ويرى معظمهم في هذا التحول تجربة روحية قد يستمر بها المذكور حتى النهاية، أو أنه قد يتراجع عنها في مرحلة لاحقة، وقد ينتقل منها إلى عقيدة أخرى، وقد يبقى هكذا ويحسن إسلامه، وقد يرى البعض فيه رجلا عاشقا للشهرة فوجد ضالته في خطوة كهذه. علينا أن نلتفت إلى تقبّل حرّية المعتقد، وإلى ثقافة عدم الإساءة لمن يختلف ويقرر تغيير قناعات واستبدال عقيدة روحانية بأخرى، بدون تهديده بالقتل أو تكفيره. حرية المعتقد يكفلها الدين الإسلامي، فهو صريح في هذا، ويمنح الحرية للناس باختيار الإسلام كعقيدة أو لا، «لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغِيّ» «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إنا أعتدنا للظالمين نارا». هذا يعني أن حساب العبد على رب العباد وليس على البشر، هذه آيات صريحة وواضحة، تحث على النظر إلى قضية الإيمان كأمر شخصي لا حق للآخرين التدخل فيه، طالما أن هذا الإنسان لا يسعى لإيذاء الآخرين.
من مشاكل مجتمعاتنا العربية والإسلامية التدخل في شأن الآخر، ليس فقط في قضية إيمانه، بل في طقوس تطبيق وممارسة هذا الإيمان
إحدى مشاكل مجتمعاتنا العربية والإسلامية هي التدخل في شأن الآخر، ليس فقط في قضية إيمانه، بل وفي طقوس تطبيق وممارسة هذا الإيمان وطرق التعبير عنه، وهذا أمر مؤسف، ويضع حواجز بين الناس، وفي حالات كثيرة يزرع الضغائن والمشاحنات، حتى الوصول إلى العنف، خصوصا عندما يتمسك طرف ما بالشكليات، ويعتبرها مضمونا لا تنازل عنه. قبل أحداث سبتمبر/أيلول 2001 شهدت أمريكا حركة واسعة من الانضمام إلى الإسلام بهدوء وبلا ضجيج، كانت الرحمة ومساعدة الضعفاء، ورفض التمييز العنصري والحث على تحرير العبيد، والقيم الأخلاقية الكبيرة، هي الصورة المنتشرة عن الإسلام، وكان الرياضي الأسطوري محمد علي كلاي، أحد الرموز العظيمة التي مثلت الإسلام المعتدل بأفضل صورة ممكن أن تكون، فشكل عامل جذب كبيرا، خصوصا لذوي البشرة السمراء من الأمريكيين. إلا أن للإسلام المعتدل أعداءً كثيرين، ومنهم عرب ومسلمون وقادة غربيون وصهاينة، وذلك أن هؤلاء يستفيدون من الإسلام المتطرف، فهو مطية للتشبث بالسلطة أو للوصول إليها، ومطية لنهب خيرات المنطقة، ومطية لاستمرار الاحتلال بدون رادع.
قبل أيام اجتمع بابا الفاتيكان مع مفتي مصر ومع بابا الأقباط ومع الرئيس السيسي خلال جولة في المنطقة، وصدرت عن الجميع بيانات ضد استخدام الدين لمآرب سياسية، وأعربت كل الأطراف المسؤولة في مصر عن ضرورة الابتعاد عن التطرف، وحثّت على التعايش السلمي، وتقريب القلوب بين أبناء البشر، إلا أن ما لم تتطرق إليه هذه الأطراف والبيانات، هو أن الحديث عن الحرية والسلام لا ينسجم مع سجن عشرات الآلاف من المصريين المعارضين، والحرية لا تعني تغيير الدستور لأجل التشبث بالسلطة وتمديد البقاء فيها، رغم أنف الشعب، فأحد أهم منابع الإرهاب في المنطقة العربية هو غياب الديمقراطية وحرية التعبير والقدرة على تغيير الأنظمة بصورة سلمية كما هو الحال في هولندا مثلا، الأمر الذي يبعث روح اليأس في الناس، وهذا بدوره يؤدي إلى نشوء تربة خصبة للحركات المتطرفة التي أضعفت النموذج المعتدل الجذّاب من الإسلام والمسلمين.
كاتب فلسطيني
مقال مميز يتطرق الى الكثير من نواحي التسامح الحقيقي في اوروبا ..التسامح الديني والحرية الشخصية ..التي لا نراها في مجتمعاتنا الاسلامية والعربية ..
ما اثار حفيظتي في هذا المقال هو ان الاسلام يكتشفه الاوروبي والامريكي فيتشبث به ..يفهمه بصورة علمية اعجازية فتتصل روحه في اعالي السماء ..دون دعوة او دعوات وتبشير وتحريض ..هؤلاء سيكونوا اجمل دعاة للاسلام في بلادهم ..فمن يسلم مثلا على يد داعية كالشيخ محمود المصري ينبهر بابتسامته لا بتشدده كما يفعل بعض الدعاة الذبن ينفروننا نحن من ديننا ..ما اود قوله هذا المسلم حديثا يشهد ان لا اله الا الله وان سيدنا محمد رسول الله ويحتضنه الشيخ ويعلن اسلامه مفتخرا ..فهل يشتم دينه القديم ..هل يسب البابا والنبي او المسيح؟ هل ينشر فيديوهات ليشتم الميسيحية ورهبان الكنيسة ؟ طبعا لا ..هل يقف امامه مذيع او صحفي لينقل مسباته والكثير من صعوبة دينه وهرب للاسلام ؟ كلا ..بل ينشر الراحة التي يجدها بالصلاة وسماعه للآذان ..
ماذا نفعل إن كانت أخلاق من يغادر معتقده القديم ليعتنق الإسلام أفضل ممن يفعل عكس ذلك؟
إن التشهير والشتم مرده إلى انعدام أخلاق من يفعل ذلك وليس مرده إلى صحافي يمد له وسيلة لينفس عن ما بداخله.
إن التشهير والشتم وعدم احترام حريات و خصوصيات غيرنا بل وكل التصرفات الا حضارية مردها إلى أصل واحد وهو الجهل، وما أكثر انتشاره في حواضرنا وبوادينا التي أقفرت كالصحراء من سلوكيات حضارية نتوق إليها بشغف.
تكملة
اما من يعتنق اليهودية او الاسلام من المرتدين العرب فانهم يسخرون من دينهم السابق ..يشتمون يسبون النبي محمد ..
لم نر او نشاهد او نسمع احدا اعتنق الاسلام وسب دينه القديم ..
لم نر شيخا يقف بجانب من يشهد ان لا اله الا الله وان سيدنا محمد رسول الله ويقول له دين الاسلام افضل من دينك او يحرضه ..وهناك الكثير من المتعلمين الكتاب العرب والمسلمين من يسخر من النبي محمد والمناسك الحج وغيرها ..هؤلاء يفعلون ذلك لينالوا الشهرة ..لم نقرا كتابا يشتم المسيح مثلا او سيدنا موسى عليهما السلام كما فعل الايراني ..
وكما فعلت دكتورة نوال سعداوي حين قالت يدورون حول حجر عن الكعبة ..او وفاء سلطان ..
هؤلاء انتقدوا الدين الاسلامي وقرفوا منه وكأنهم احسن ..فليعتنقوا ما شاء لهم من الاديان ولا يشتموا الاسلام ..
هنا لكم دينكم ولي دين ..
في الاونه الاخيرة شاهدت صورة حلوة لشيخ مسلم مصري ورجل دين مسيحي كل على ارجوحة ..ومكتوب فوق الصورة
في مصر الدين لله والمرجيحه للجميع
هل ممكن أن يأتي يوم يقبل فيه المسلم من ابنه أو ابنته أو حتى ابن عمه تغيير دينه أو إلحاده؟
هذا من سابع المستحيلات ، ولن يحدث ما لم تتغير البنى العقلية التي تتعامل مع الدين.
بوركت الكاتب سهيل كيوان مقال يستحق كل المرور والوقوف عنده لا تنتهي من قراءته دون أن تتساءل ويا نفسك .. لماذا حرية الاعتقاد في مجتمعاتنا تتوقف على الاحتفاء بمن يدخل الإسلام واضطهاد من خرج منه ..؟
فتحدثك نفسك بأنه ..
حقيقة أن يدخل احدهم الاسلام هذا جميل لكن حين ينفتحون على الشعوب والمجتمعات الاسلامية نزوحاً الى دواخل حياتهم وسلوكاتهم ومعاملاتهم فيما بينهم .لا شك سيرعبهم من هذا الخلل الهائل الذي يتجلى في الانفصال شبه التام بين الاسلام الدين ونصوصه المقدسة وبين سلوكات المسلمين ومعاملاتهم وحياتهم اليومية وعلاقاتهم الانسانية،هذا على المستوى الفردي أما على مستوى السياسة الحكم والاقتصاد والاجتماع والاعلام فلن يجدوا من الاسلام شيئا يذكر ..سيكتشف هؤلاء العائدون من بعيد الى رحاب الرحمة الإلهية أن معظم المسلمين الأصليين لا يفهمون دينهم ولم يتذوقوا عظمته لا بعقولهم وفكرهم ولا بوجدانهم وعواطفهم، وغير قادرين على جعله منهجا في حياتهم لا حرية شخصية ولا حرية اعتقادات ولاإكراه في الدين، ولا تبين الرشد من الغِيّ ولا قول حق (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، )
لدينا اعظم ما يمكن أن تمتلكه البشرية ولكننا للأسف كمن يحمل البحر بين كفيه ويستصرخ ظمئه ..
يا سيد سهيل كلامك ليس صحيحا مائة في المائة، فهناك انتقادات شديدة ومضايقات يتعرض لها العديد ممن يسلمون في دول الغرب كالأمريكية أمينة السلمي التي هددت بحرمانها من أبنائها ووظيفتها وتطليقها من زوجها إن هي لم تتراجع عن قرارها.ولكن الله ثبتها على إسلامها بل وأسلم معها آخرين من عائلتها بعد أن عرفوا الدين الحق.
السلام عليكم
تحية طيبة مباركة لك (سي سهيل وجميع قرّاء ومعلقي القدس وأسرتها الفاضلة)
كم يفرحنا لمّا تتفتح وردة في بستان الإسلام لتزيده جمالا لجمال.وكم يحزنا لمّا أحد ممن أنعم عليهم الله بنعمة الإسلام ثمّ تستهويه أراء وأفكار فيرتد على عقبيه (ولكل شرعة ومنهاجا ) وحزننا العميق للذين لم تصلهم رسالة الإسلام السمحاء (لا أقصد إسلام داعش وأخواتها) الذين شوّهوا صورة ورسالة الإسلام …
أستاذنا (سهيل) أحيانا نضطر للرد على الذين يلبسوا كل جريمة وكل نقيصة بالإسلام وينسوا كل المسببات …فمثلا نجد العلمانيين كل تدهور وكل تخريب وكل أمر مشين ينسبوه للإسلام والمسلمين ونسوا أنّهم شركاء في كل فعل ممّا ذكروا بل هم وقود التخريب وتدهور الأمم من جرّاء نظرياتهم الوضعية التي حبكها بشر له وعليه…نحن لا نلومهم فيما يعتقدون ولكن عليهم أن يتركونا فيما نعتقد ونؤمن (لهم دينهم ولنا ديننا)
أتمنى من الجميع أن يتسع صدره لكلماتي ولكم جميعا محبتي وتحياتي
ولله في خلقه شؤون
وسبحان الله