تسفي برئيل
في الخطاب الأخير الذي ألقاه، ربما الخطاب الأخير الذي سيلقيه في ولايته، صاغ أنتوني بلينكن ملخص مهمته السياسية. “يجب خلق واقع جديد في الشرق الأوسط، تكون كل شعوبه آمنة. الجميع يستطيعون تحقيق طموحاتهم الوطنية والعيش بسلام”، هذا ما قاله هذا الأسبوع وزير الخارجية الأمريكي التارك. “هل هذا صعب على التحقق؟ نعم. السلام في المنطقة كان صعباً دائماً. هل هذا أمر مستحيل؟ لا. حيوي؟ بالتأكيد نعم”.
رغم أن أقوال بلينكن تعكس استراتيجيته التي عمل عليها كثيراً، وتعهد بها وسوقها مع الرئيس بايدن، فهي ليست سوى أمنية. لا الإسرائيليون ولا الفلسطينيون استجابوا لبلينكن. سُمعت أمنيات مشابهة في الخطابات الإجمالية لإدارات أمريكية سابقة، بما في ذلك الإدارات التي بذلت الجهود الكبيرة للمضي بعمليات سياسية، لكنها بقيت مع الفتات.
كان لبلينكن نظرية مرتبة، نشرها في مؤتمر الـ “جي 7” في طوكيو في تشرين الثاني 2023، بعد شهر على اندلاع الحرب. ومنذ ذلك الحين، نفس هذه النظرية بقيت على حالها، ولم يحدث تقدم على الأرض. في هذا الأسبوع، تم تلخيص مبادئها ببضع جمل: “حماس لن تحكم غزة إلى الأبد، ولن تستخدم كمنصة للإرهاب والهجمات العنيفة. وسيتم تشكيل إدارة بقيادة الفلسطينيين بحيث تكون غزة موحدة مع الضفة في ظل السلطة الفلسطينية. لن يكون احتلال إسرائيلي في غزة أو تقليص مساحتها. وفي النهاية، لن تكون هناك محاولة لفرض الحصار على غزة أو تهجير بالقوة للسكان”.
لتجسيد هذا الطموح، يجب على السلطة الفلسطينية تطبيق “إصلاحات بعيدة المدى”. وفي الوقت نفسه، على إسرائيل الموافقة على وحدة غزة والضفة “بقيادة السلطة”. عملياً، اقترح بلينكن أن تستدعي السلطة الفلسطينية شركاء دوليين لمساعدتها على إقامة وتفعيل إدارة مؤقتة لها صلاحية في المجالات المدنية مثل الصرافة، والكهرباء، والمياه، والصحة والتعليم، وكل ذلك بالتنسيق المدني مع إسرائيل. حسب اقتراحه، سيجند المجتمع الدولي الأموال والمساعدات التقنية. وحسب قول بلينكن، هذه هي المرحلة الأولى نحو الطريق إلى الهدف النهائي، إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وكرر بلينكن في خطابه الحقيقة المعروفة التي بحسبها “لا يمكن أن تعيش إسرائيل في وهم أن بإمكانها ضم المناطق دون أن يكون لذلك تأثير على ديمقراطيتها”. وقد حمل إسرائيل مسؤولية انهيار السلطة. “هي خربت قدرة وشرعية البديل الوحيد لحماس – السلطة الفلسطينية، بشكل ممنهج “. ولم يتطرق إلى مسألة أخرى تتعلق بدورها، أو ما يمكن تسميته بدرجة أكثر صحة “عجز إدارة بايدن في جهود الدفع قدماً بخطته”. لأنه حتى عند فحص الطريقة التي جرت وتجري فيها المعركة السياسية لإطلاق سراح المخطوفين، ورغم الجهود التي بذلتها إدارة بايدن لذلك، فإن الاتفاق مسجل باسم ترامب. بالتالي، “إرث” هذه العملية المؤلمة هو أنه بدون تهديد وضغط الرئيس الجديد، فإن خط النهاية للاتفاق، لن يتم تجاوزه بدونه.
يبدو أن المفهوم الفارغ الذي صكه ترامب، “فتح أبواب جهنم” (بدون تفسير طبيعة جهنم هذه ومن سيدخل إليها)، كان المفتاح السحري المطلوب لإجبار نتنياهو على الموافقة على الصفقة، وهي الصفقة التي وضعها بايدن على الطاولة قبل أشهر كثيرة. هل كان بايدن يستطيع فتح أبواب جهنم؟ ورغم أنه لن يتم تشكيل لجنة تحقيق لفحص إخفاقات سياسية للإدارة الأمريكية في كل ما يتعلق بمعالجة الحرب في غزة، فقد أصبح يمكن للإدارتين أن تستنتجا أن “إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة”.
صفقة التبادل لا تدل على صحة هذه الصيغة. فبايدن أجبر نتنياهو الموافقة على زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة. ورغم القيود التي فرضها على إرسالية القنابل ثقيلة الوزن، فإن المساعدات الإنسانية للقطاع لم تصل إلى المستوى الذي طلبته الإدارة. أيضاً لم يتم اتخاذ أي ترتيبات جديدة وناجعة لتوزيع المساعدات في القطاع. وفضلاً عن ذلك، فإن تهجير سكان غزة – البند المركزي في المحظورات التي سعت الإدارة الأمريكية إلى تطبيقها – لم يتوقف، بل توسع؛ والمحادثات الهاتفية الصعبة بين واشنطن و”القدس” [تل أبيب] لم تمنع شغب المستوطنين ومضايقتهم للفلسطينيين في الضفة الغربية.
في الوقت نفسه، أصبحت إدارة غزة في اليوم التالي موضوعاً ملحاً إزاء إعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع من جديد. ورغم ذلك، علقت طموحات الأمريكيين في هذا الشأن في المكان الذي كانت فيه عند اندلاع الحرب. ومحاولة تجنيد قوات محلية – رؤساء حمائل أو ممثلين لقيادة محلية أخرى – لم تتبلور وتصبح خطة عملية. وإن فكرة استخدام شركة مدنية أمريكية تتحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات لن تتبلور. يمكن التقدير باستمرار الوضع الذي ما زالت فيه العصابات المسلحة وأعضاء حماس يديرون منظومة التوزيع، كما فعلوا حتى الآن، وربما في الأسابيع والأشهر القادمة.
وثمة قضية أخرى معقدة ترتبط بتشغيل معبر رفح الذي يمكن فتحه في مرحلة معينة في فترة وقف إطلاق النار. مصر تصمم على تشغيل جهات فلسطينية معروفة في الطرف الغزي، أي السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر. في المقابل، بادرت مصر بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، إلى تشكيل “لجنة إدارة اجتماعية”، تتكون من عدة أشخاص تتفق عليها حماس والسلطة الفلسطينية، هدفها إدارة البنى التحتية المدنية برعاية السلطة الفلسطينية وحسب الأمر الذي سينشره رئيس السلطة محمود عباس. حماس وافقت على تشكيل اللجنة، بل وعرضت قائمة لأشخاص سيكونون أعضاء فيها. ولكن محمود عباس استخدم الفيتو هذه المرة، وقال بأنه يعارض تشكيل اللجنة.
حسب أقوال محمود عباس، فإن تشكيل هذه اللجنة سيشكل إدارة فلسطينية موازية لإدارة السلطة الفلسطينية في غزة. وفي ذلك ما يفصل قسمي فلسطين ويقوض مكانة السلطة الفلسطينية وم.ت.ف، كممثل حصري للشعب الفلسطيني. بخصوص إسرائيل، فإن موقفها المبدئي الذي لا هوادة فيه كان وما زال المعارضة الشديدة لأي إشراك للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع. إزاء هذه المواقف، بقيت الإدارة بدون رد. ومن غير تعاون السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر معروف، فإنه حتى المبادرة الأمريكية لتجنيد قوة متعددة الجنسيات، بالأساس عربية، التي ستدخل إلى القطاع لغرض الحماية والمساعدة في الإدارة، بقيت على الورق.
سيرث الرئيس ترامب خارطة شرق أوسط معقد وخطير. في الحقيقة، نجح في تحقيق جزء مهم من “صفقة القرن” عندما نفذ “اتفاقات إبراهيم”، لكنه يعود إلى نقطة الصفر في كل ما يتعلق بالنزاع مع إسرائيل والفلسطينيين. خلافاً لبايدن وبلينكن، لم يضع ترامب حتى الآن خطة عمل واقعية، سواء في القضايا التكتيكية والفورية، أو في رؤيته الاستراتيجية التي هي وصفة للتطبيق من أجل تسوية إدارة غزة، والمضي بعملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، أو التطبيع بين السعودية وإسرائيل. من المهم معرفة كيف ينوي الالتفاف على شروط الرياض، التي تطالب بخطة لحل القضية الفلسطينية بحيث تشمل أفقاً سياسياً على أساس حل الدولتين مقابل التطبيع. يجب الآن الانتظار ورؤية إذا كان “فتح أبواب جهنم” سيتحول إلى استراتيجية ثابتة له، حتى في مواضيع أساسية، أم كان مشهداً لمرة واحدة.
هآرتس 16/1/2025
هه بل إن جهنم ستكون في أمريكا وما حرائق كاليفورنيا و لوس أنجلوس إلا البداية 😎😁🔥🔥🔥
وتمكر عصابة الحلف الصهيو صليبي الأمريكي الغربي الحاقد الغادر الجبان ويمكر الله والله خير الماكرين وهو ناصر الفلسطينيين وهازم عدوهم المحتل اللعين بالوعد الإلهي السماوي الذي توعدهم بالهزيمة النكراء منذ آلاف السنين ✌️🇵🇸☹️☝️🚀🐒🔥